عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

يقول أحد الحكماء، لا يشعر الإنسان بالنجاح إلا بثلاثة: شخص يحبه، ومكان يعمل به، وحلم يحاول تحقيقه، كان النبي أكثر أهل زمانه حبا لأصحابه، أصحابه ونحن أيضا أشد حبا له حتى من أمهاتنا، تكلمنا عن الهدف، الحلم الذي رسمه لنا النبي صلى الله عليه وسلم، شئ واحد تبقى كي تعرف كيف تحصل على السعادة والنجاح، هو كيف تميز النبي في عمله، وكيف تفعل أنت هذا.

 

في كتاب لروبرت كيلي([1]) يقول: قام فريق بحث من الاستشاريين في مجال تطوير الفعالية الشخصية بمحاولة لكشف أسرار تألق بعض الموظفين في العمل مع بقاء غيرهم من الزملاء "محلك سر" توجه فريق البحث إلى العاملين والمديرين في شركات at&t وهيلويت باكارد، و3m وطرحوا عليهم الأسئلة التالية:

- ما الذي يميز الموظفين المتألقين عن الموظفين العاديين؟

- ما هى مميزات الموظف المتألق؟

فكر في شخص تعتبره نجما من نجوم الشركة، ما الفرق بينه وبين الموظف العادي؟

وتساءل فريق البحث، هل يمكن للموظف العادي أن يتألق؟ تبين أنه ممكن، ما يتميز المتألق به عن غيره أن لديه القدرة على المبادرة، والقدرة على قبول المخاطرة والتمسك بمبادرته حتى النجاح، والتصميم والرؤية المتكاملة للأمور، والقدرة على إدارة الذات ومهارة القيادة و مهارة التبعية، ومهارة الاندماج في فريق العمل. يقول الكاتب: هناك المئات من حالات العاملين العاديين الذين تقدموا في أعمالهم بأعمال غير عادية، أحد أفضل الأمثلة السيد بيتر، أحد نجوم شركة بل لابس، وهو بدون أية شهادة جامعية تعلم إدارة دوائر إنتاجية ضمت مجموعات من حملة شهادات ماجستير جامعة هارفارد ودكتوراه معهد ماساشوستس الشهير للتكنولوجيا، لقد بدأ عاملا أجيرا بالساعة يتسلق أعمدة الهاتف لإصلاح الخطوط، لم يكن يكتفي بإصلاح العطل بل يبحث عن الجذور المسببة لها حتى توصل إلى عدة جذور مشتركة تعالج كل الأخطاء، تميز بيتر تميزا كبيرا، حتى أصبح الآخرون الأعلى منه في الشهادة والمنصب يستشيرونه في الأعمال الفنية، وأصبح الآن يقود فريقا يحمل بعضهم شهادات الدكتوراه! باختصار أثبت البحث أن التميز هو سبب النجاح، مهما اختلفت الإستراتيجية من الاستراتيجيات السابقة، وكلها تؤدي للنجاح.

 

كان النبي متميزا ليس فقط برسالته، بل بشخصيته، كان جميلا صلى الله عليه وسلم، حريصا على نظافته وحسن ثيابه، جميلا في طريقته في الأداء، في الحوار والكلام، أوتى جوامع الكلم، إنها البلاغة، ما يمكن أن يقال مع الشرح يختصره النبي في كلمات معدودات، مهذبا، يحترم الطرف الأخر، حتى وإن أساء، فإنه يعفو، هذا ليس بمعتاد لا في زمانه ولا زماننا، العفو قليل، سماحة القلب أقل، إنها أشياء نادرة، كما وصف النبي بأنه كان أكثر أهل زمانه تبسما، إنها البسمة التي تفتح صدور الناس لك، ومعها ينفتح كل شئ، ملك قلوب أصحابه وقلوبنا بحسن أخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم، كان هذا مهما للغاية، فعمله في الدعوة كان وسط الناس، ان لم يكسب قلوبهم فلن ينجح، كان بارعا في هذا، و لو كان فظا ما كسب منهم أحدا، لاحظت من حوارات النبي أيضا تميزه في السكوت كما تميز في الكلام، كان يتحدث فاذا جادله الطرف الأخر سكت، واذا ناقش فبالحسنى. عندما يتحدث يستمع الآخرون في صمت وكأن على رؤوسهم الطير، مهارات الاتصال عنده أكثر من رائعة، أتعجب أن تدرس مهارات الاتصال في الجامعات الغربية وليس من بينها أسلوب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ربما لأنهم لا يعرفوه، وربما لأنهم لم ينصفوه! قليل من لديه تلك المهارة. عد فاقرأ حوارات النبي مع الصحابة، مع الناس، مع الشيوخ والأطفال، مع أعدائه، استوعب وافهم، حاول أن تقلد، أؤكد لك أنك ستستفيد إن حاولت أن تغير طريقتك للطريقة التي كان يتبعها النبي صلى الله عليه وسلم. مثلا القي السلام على من عرفت ومن لم تعرف، كان النبي يفعل هذا، فاذا صافحت أحدا فبحرارة، شد على يديه، ولا تترك حتى يترك، احرص على الابتسامة في وجهه بحب. اذا تحدث من معك فأنصت، اشعره أنك تهتم بكلامه، بالحوار معه، بمناقشة أموره، من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، كان هذا منهج النبي، اسأل عنه إن غاب، لبي دعوته ان دعاك:

 

الابتسامة الصفراء لا تفيد، قد تضر أكثر ولا تفيد، دخلت مكتبي يوما مع بداية الدوام، لم يكن مزاجي بحالة جيدة عند يقظتي من النوم في ذلك اليوم، دخلت المكتب فألقيت السلام على مساعدي، ولأنني حريص على الابتسامة في وجه الآخرين ابتسمت، الابتسامة جاءت صفراء، غير نقية، ولم اقصد أن تخرج مني هكذا، ظل مساعدي طوال اليوم قلقا، على غير عادته، زادت أخطائه في العمل في ذلك اليوم وقل تركيزه، في نهاية الدوام سألته أنت على غير عادتك فما القصة؟ قال أنني اليوم أظهرت له ضحكة ظن ورائها شيئا، قرارا ضده، أو أنني غير راض عنه! تعجبت في نفسي إننا نحرص على رضا مديرينا كل هذا الحرص، مع الله لا نفعل هذا! لم يعجبني من نفسي أيضا أنني عكرت صفو هذا المسكين خلال اليوم كله لأنني أردت أن ابتسم في وجهه رغم أن مزاجي لم يكن جيدا، نويت من بعدها ألا أبتسم إلا اذا كانت الابتسامة صافية، نقية من القلب، كيف كان النبي أكثر أهل زمانه تبسما، ابتسامات نقية كابتسامات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، رغم كل ما كان يحمله من هموم الرسالة، والصحابة، والدعوة، والحرب وإدارة الدولة، مع التفكير والتخطيط والتعليم والتطوير، رغم ما عرفه وأخبرنا عنه من فتن سيقتل فيها أصحابه وأبناء أبناءه من بعده! إنها قدرة خارقة تحتاج إلى تدريب، أن تتعود الابتسامة دائما، فهذا شئ صعب.

 

كن مميزا في عملك، كن مميزا بأخلاقك، ما كتبته عن أقوال النبي ان فعلته تميزت في العلاقات الشخصية، كن مميزا في عملك، لا تركن إلى ما لديك من رصيد في قلوب الناس، أو في البنك، أو في العمل، بل استمر في الإبداع، وان كان لديك رصيد فاحرص على زيادته، طور نفسك، زد في إبداعك، ابحث عن طرق جديدة أو أفضل تؤدي بها، فأنت ان لم تتقدم تأخرت، وان لم تمشي توقفت!

 

كن مميزا بعلاقاتك مع الناس، في العادة لا يحب الناس العطاء، وان أعطوا فقليل، مد أنت لهم يد له المساعدة ولو بكلمة، اجعل هذا من القلب، فلك الأجر، لا تفعله لمصلحة دنيوية، بل افعله لأن النبي طلب هذا و فعله أيضا، من أجل الله، من اجل رضا الله، من أجل زيادة رصيدك في الطريق نحو الجنة، هذا هو منهج النبي. يقول النبي صلى الله عليه وصلم: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام , وعيادة المريض , واتباع الجنائز , وإجابة الدعوة , وتشميت العاطس. ويقول أيضا:  ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي , وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح, وكان له خريف في الجنة. و عن ابى هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا تحاسدوا و لا تناجشوا و لا تباغضوا و لا تدابروا و لا يبع بعضكم على بيع بعض و كونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله و لا يكذبه و لا يحقره التقوى هاهنا و يشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه.

 



[1] روبرت كيلي، كيف تصبح نجما لامعا في العمل




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق