عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

احتـرم حـاجات النـاس

إذا كنت ترغب أن يحبك الناس احترم حاجاتهم، افعل مثلما كان يفعل الرسول فلا تهن أحدا، لم يعرف عن النبي أنه أهان أحد، بل كان يحترم الناس، كل الناس ويعطف عليهم صغيرهم وكبيرهم، ضعيفهم وقويهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا، لا تغمزه أو تلمزه ولا تسخر منه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ...)، احترام الناس من حسن العقل، من القدرة على تفهم حاجاتهم النفسية، كما أن إطعام الطعام هو نوع من التودد لتلك الحاجات فقد جبلت نفوس الناس على حب الإحسان بالكلمة كما بالمادة: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ([1]))، بل الإحسان بالإنفاق من أساسيات التقوى التي أوردها الله في أول الكتاب فقال: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ([2]))،  كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، هكذا أبلغنا النبي، كلنا يجب عليه احترام تلك الحاجات الأساسية للناس، النفسية منها والمادية، خاصة من هم تحت مسئوليتنا، حقوقا أو حاجات مادية كانت أو نفسية أو اجتماعية، المودة وإلقاء أخيك بوجه طلق من تفهم المسلم لحاجات الآخرين، تبسمك في وجه الناس صدقة، النبي دلنا على هذا،

 رغم قسوة الحياة والتحديات التي واجهها النبي في حياته من تعليم ونشر للدعوة وحرص على الناس وبناء الدولة فقد وصفوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان أكثر أهل زمانه تبسما، عَنْ أَبِي ذَرَ. قَالَ: قَالَ لِي النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَحْقِرَنّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً، وَلَوْ أَنْ تَلْقَىَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ. أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق، وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم، ولا رآني إلا تبسم في وجهي. الآخرون في المجتمعات الغير اسلامية توصلوا إلى أن حسن الخلق من قواعد بناء النجاح، نحن لم نفعل هذا، ولم نتوصل إليه، بل دلنا الرسول عليه رجاء المسلم فيه أيضا أكبر من النجاح في الدنيا، فنحن نتخذه قربى إلى رضا الله، وإلى الجنة، في ديننا الخيرين، الدنيا والآخرة، تفهم حاجات الناس فاحترمهم فان هذا هام للغاية، لا أحد منا يمكنه أن يعيش مهانا، الاحترام حاجة أساسية وضرورية، أغلب من قاموا بالجرائم كان ردا منهم على إهانة المجتمع لهم، أو هكذا يعتقدون هم. تجنب سخط الآخرين بالنقد، واكسب محبتهم بالاحترام.

 

جرب مرة أن تستمع للآخرين، أن تنصت فتحسن الإنصات كما كان يفعل النبي، إنها أيضا من حاجات الناس النفسية، أن يجدون من يسمعهم، من يتعاطف معهم، ليس بكثير تقدمه لو تعلم، تحتاج فقط إلى أن تتعرف على حاجات الناس، قرأت قصة لرجل مبيعات أحد الشركات، ذهب لمقابلة مؤسس شركة كوداك، كان دقيقا للغاية في عمل طلبات شركته، لا يوقع أمرا للشراء إلا بصعوبة، وبعد دراسة ومفاوضات للحصول على أفضل مميزات بأقل سعر، قليلة طلبياته كانت أيضا، دخل رجل المبيعات عليه، لاحظ احتفاظه بمكتب قديم للغاية توقع أن هذا المكتب له ذكرى معه كي يحتفظ يه في هذا المكان الفخم، شجعه على الكلام عن نفسه وانجازاته وجلس يستمع بحب للرجل وانجازاته وكيف أن بداياته كانت على هذا المكتب، لم يفعل الكثير غير أنه استمع، وخرج بطلب شراء كبير للغاية تعجب العاملون لديه كيف يقوم بتوقيعه بتلك السرعة دون مفاوضات شاقة! لن تفهم الناس إن لم تسمعهم، في الاستماع فضيلة لكسب محبتهم، وفي الحكمة قالوا: إذا جالست الجهال فأنصت لهم. وإذا جالست العلماء فأنصت لهم. فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم، وإن في إنصاتك للعلماء زيادة في العلم. روى الطبراني بإسناد صحيح عن عمر بن العاص رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على شر القوم، يتألفه بذلك، وكان يقبل بوجهه وحديثه عليّ حتى ظننت أني خير القوم. وكان صلى الله عليه وسلم إذا قابل امرأة أو طفلا يقف معهم ويقترب برأسه منهم، وينصت إليهم حتى يتعجب الناس من حسن خلقه صلى الله عليه وسلم! هل يمكنك أن تنصت فتكسب قلوب الناس؟ أظن أنك تستطيع، إن أردت فهي أبسط قواعد حسن الخلق.

 

الإنصات للناس بحب أفضل، أكثر صدقا وأكبر أثرا، تعاطف معهم من القلب، حاول أن تتفهمهم بإخلاص وان استطعت ان تساعدهم فافعل، بكلمة أو ابتسامة أو أكثر، أسوأ ما يمكن أن تقوم به ألا تهتم بالآخرين، بآرائهم ومشاكلهم، بآلامهم وأمالهم، ألا تقابلهم بوجه حسن، أن تغلق الباب عليك دونهم، أن تتجاهلهم. المهم أن تهتم بهم من قلبك إن أردت، لا تفتعل الاهتمام، القلوب تشعر بصدق الآخرين وزيفهم أيضا، والمثل يقول: يمكنك أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولا يمكنك أن تخدع كل الناس كل الوقت. الذين يتوددون للناس في الانتخابات قد يكسبوها مرة، لكنهم لن يكسبوها الأخرى، قد يكسبون انتخابات الدنيا، ولا أجر لهم في عملهم في الآخرة، فارق كبير إذن أن تحب الناس بصدق، أن تهتم بهم من القلب، وبين أن تفتعل ذلك، إن شكوت اهمال الناس لك، وعدم اهتمامهم بك، ابحث أنت في نفسك إن كنت تهتم بهم، النية ترفع العمل وتنكسه أيضا. غير نيتك و أهتم بالناس وسيهتمون بك، سيحبونك، ويفتحون لك قلوبهم.

 

ليس الإنصات فقط هو ما يمكن فعله، بل القدرة على الحديث ببراعة معهم، حاول أن تجيد فن الحوار، أن تتعلم كيف تتحاور، استمع باهتمام و تكلم بحماس، أخرج كلماتك واضحة، اكتسب الشجاعة في ادرة الحوار ولو أمام حشد من الناس، من الناس من كان خجولا فأصبحت شهرته في الخطابة، مثل عمرو خالد، نمي قدراتك على الحديث وإدارة الحوار و الخطابة، راجع كتب السيرة للرسول صلى الله عليه وسلم وتعلم منه، اقرأ أحاديث النبي وحواراته لديه طريقة مميزة، كسب بها قلوب الناس كما لم يفعل أحد مثله من قبل،اقرأها بهدف التعلم منها براعة إدارة الحوار، مهارة هي يمكن اكتسابها، الإنسان العادي لا يستخدم سوى عشرة في المائة فقط من ذكائه، استثمر قدراتك الغير مستغلة، تحدي نفسك وتغلب على عدم قدرتك على التواصل مع الناس، وتكلم، بينما النبي صلى اللّه عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائمٍ في الشمس، فسأل عنه فقالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم، ويصوم، قال: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتمّ صومه. الكلام والقدرة على أن تتواصل مع الناس لإفادتهم والاستفادة منهم فضيلة، لا يمكنك النجاح، ولا نقل المعلومات، ولا العلم والتعلم والعمل إلا بها، كلما برعت فيها نجحت أكثر. تعلم كيف تتكلم، كيف تدير الحوار، فانك قد تحصد ما لا قد تتخيله من كلامك في الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله. ما يظن أن تبلغ ما بلغت. فيكتب الله عز وجل له رضوانه إلى يوم القيامة. وأن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله. ما يظن أن تبلغ ما بلغت. فيكتب الله عز وجل عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه.

 

تكلم وليكن في كلامك فائدة لك وللآخرين، استفد من كلماتك فهي مكتوبة لك أو عليك، جاء في موطأ الإمام مالك في باب الكلام، إن عيسى بن مريم لقي خنزيرا بالطريق فقال له انفذ بسلام فقيل له تقول هذا لخنزير فقال عيسى اني أخاف ان أعود لساني النطق بالسوء، وعن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم وان الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة. تخير كلماتك فإن لها تأثير عجيب على الآخرين، وعليك أيضا، فى مستقبلك وأخرتك، قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا أو قال إن بعض البيان لسحر، تعلم كيف تؤثر في الآخرين بحسن انتقاء الكلمات، لا تذكر سوءا في حوارك فالناس لا تحب السوء، تجنب ذكر المشاكل والمصائب للناس، بشر الناس دائما بما يحبون تجدهم ينتظرون منك الخير، هكذا كان يفعل النبي فكان يأسرهم بكلماته، تكلم معهم عما يحبون وتجنب ما يكرهون، تكلم بحب وصدق يصل كلامك إلى قلوبهم. تكلم عن حل ألامهم وتعاطف معها، عن أحلامهم ومشاعرهم. تقرب إليهم بالكلمة الطيبة فهي لك في الآخرة صدقة وفي الدنيا قربى للقلوب.

 

---------------------------

[1] الإنسان 8

[2] البقرة 3




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق