عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل ذكر قصة كعب بن زهير مع النبي


وكانت فيما بين رجوعه من الطائف وغزوة تبوك قال ابن إسحاق ولما قدم رسول الله من الطائف كتب بجير بن زهير إلى أخيه كعب يخبره أن رسول الله قتل رجالا بمكة   ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا مسلما وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك وكان كعب قد قال :

 

 ألا أبلغا عني بجيرا رسالة      فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا 
 فبين لنا إن كنا لست بفاعل      على أي شيء غير ذلك دلكا
 على خلق لم تلف أما ولا أبا      عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
 فإن أنت لم تفعل فلست بآسف        ولا قائل إما عثرت لعالكا
 سقاك بها المأمون كأسا روية     فأنهلك المأمون منها وعلكا

 

قال وبعث بها إلى بجير فلما أتت بجيرا كره أن يكتمها رسول الله فأنشده إياها فقال رسول الله سقاك المأمون صدق وإنه لكذوب أنا المأمون ولما سمع على خلق لم تلف أما ولا أبا عليه فقال أجل قال لم يلف عليه أباه ولا أمه ثم قال بجير لكعب :

 

 من مبلغ كعبا فهل لك في التي      تلوم عليها باطلا وهي أحـزم
 إلى الله لا العزى ولا اللات وحده    فتنجوا إذا كان النجاء وتسلـم
 لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت     من الناس إلا طاهر القلب مسلم
 فدين زهير وهو لا شيء دينه     ودين أبي سلمى على محـرم

 

فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه وأرجف به من كان في حاضره من عدوه فقال هو مقتول


فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله وذكر خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي فغدا به إلى رسول الله حين صلى الصبح فصلى مع رسول الله ثم أشار إلى رسول الله فقال هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه فذكر لي أنه قام إلى رسول الله حتى جلس إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله لا يعرفه فقال يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به قال رسول الله نعم قال أنا يا رسول الله كعب بن زهير


قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه فقال رسول الله دعه عنك فقد جاء تائبا نازعا عما كان عليه قال فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير فقال قصيدته اللامية التي يصف فيها محبوبته وناقته التي أولها:

 

 بانت سعاد فقلبي اليوك متبول    متيم إثرها لم يفد مكـــبول
    يسعى الغواة جنابيها وقولهم      إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول
 وقــال كل صديق كنت آمله     لا ألهينك إني عنك مشـغول

 

 

فقلت خلوا طريقي لا أبالكم  فكل ما قدر الرحمن مفعول 
 كل ابن أنثى وإن طالت سلامته    يوما على آلة حدباء محمول
 نبئت أن رسول الله أوعدني    والعفو عند رسول الله مأمول 

 مهلا هداك الذي أعطاك نافلة           الفيها مواعيظ وتفصيل
 لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم       أذنب ولو كثرت في الأوقايل 
 لقد أقوم مقاما لو يقوم به      أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل 
 لظل ترعد من خوف بوادره     إن لم يكن من رسول الله تنويل
 حتى وضعت يميني ما أنازعها    في كف ذي نقمات قوله القيل
فلهو أخوف عندي إذ أكمله    وقيل إنك منسوب ومسؤول
 من ضيغم بضراء الأرض مخدره    في بطن عثر غيل دونه غيل
 يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما    لحم من الناس معفور خراديل 
 إذا يساور قرنا لا يحل له     أن يترك القرن إلا وهو مفلول


منه تظل سباع الجو نافرة        ولا تمشى بواديه الأراجيل
ولا يزال بواديه أخو ثقة          مضرج البز والدرسان مأكول 
 إن الرسول لنور يستضاء به       مهند من سيوف الله مسلول 
 في عصبة من قريش قال قائلهم     ببطن مكة لما أسلموا زولوا 
 زالوا فما زال أنكاس ولا كشف        عند اللقاء ولا ميل معازيل 
 يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم   ضرب إذا عرد السود التنابيل
 شم العرانين أبطال لبوسهم     من نسج داود في الهيجا سرابيل 
 بيض سوابغ قد شكت لها حلق    كأنها حلق القفعاء مجدول


ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم     قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا 
 لا يقع الطعن إلا في نحورهم     وما لهم عن حياض الموت تهليل

 

قال ابن إسحاق قال عاصم بن عمر بن قتادة فلما قال كعب إذا عرد السود التنايل وإنما عنى به ما صنع وخص المهاجرين بمدحته غضبت عليه الأنصار فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار في قصيدته التي يقول فيها :

 

( من سره كرم الحياة فلا يزل % في مقنب من صالحي الأنصار )
( ورثوا المكارم كابرا عن كابر % إن الخيار هم بنو الأخيار )
( الباذلين نفوسهم لنبيهم % يوم الهياج وسطوة الجبار )
( والذائدين الناس عن أديانهم % بالمشرفي وبالقنا الخطار )
( والبائعين نفوسهم لنبيهم % للموت يوم تعانق وكرار )
( يتطهرون يرونه نسكا لهم % بدماء من علقوا من الكفار )
( وإذا حللت ليمنعوك إليهم % أصبحت عند معاقل الأعفار )
( قوم إذا خوت النجوم فإنهم % للطارقين النازلين مقاري )

 

 


وكعب بن زهير من فحول الشعراء هو وأبوه وابنه عقبة وابن ابنه العوام بن عقبة ومما يستحسن لكعب قوله :

 

( لو كنت أعجب من شيء لأعجبني % سعي الفتى وهو مخبوء له القدر )
( يسعى الفتى لأمور ليس يدركها % فالنفس واحدة والهم منتشر )
( والمرء ما عاش ممدود له أمل % لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر )

 

ومما يستحسن له أيضا قوله في النبي  :


 
( تحدى به الناقة الأدماء معتجرا % للبرد كالبدر جلي ليلة الظلم )
( ففي عطافيه أو أثناء بردته % ما يعلم الله من دين ومن كرم )


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق