الحمد لله الذى وزّع بين الخلق الهِبَات والمواهب، وأظهر في النابغين منهم العجائب والغرائب، وأكرم السالكين والمُجدِّين منهم بأعلى وأغلى الطلائِب والرغائب، والصلاة والسلام على مَنْ كان اتِّبَاعُه سببًا في النجاة من النوائب. وبعد: فقد ورد عن أبى حنيفة قوله: "معرفة السِيّر تغنى عن كثير من الفقه"، لأن هذه السِيّر الكريمة تحوى الفقه والتطبيق العملي الواقعي له، وفيها العِبَر المُسْتَلّةُ من أحداث التاريخ. وقد رأيت أن أتناول الحديث عن غزوة بدر الكبرى؛ للاستفادة منها في الأحداث التي تَمُرّ بالمسلمين في واقعنا المعاصر، خاصة والصف الإسلامي اليوم طريح ضعف، وطليح ذلّ ومسكنة على موائد اللِّئام. وقعت غزوة بدر الكبرى أو يوم الفرقان في رمضان من السنة الثانية من الهجرة بين الطائفة المؤمنة التي باعت الدنيا من أجل الآخرة ونعيمها والثُّلّة الكافرة[1]. بدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراض عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب الذى تَمَكّن من الفِرَار بالقافلة، وأرسل رسولًا إلى قريش؛ طلبًا للعَوْنِ والنَّجْدة، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين. كان تَعْدَاد المسلمين في هذه الغَزَاة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلًا، معهم فَرَسان وسبعون جملًا، أمّا جيش قريش فقوامه ألفَ رجلٍ معهم مائتا فرس، أي كانوا يُشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريبًا. وأسفرت الغَزَاةُ عن انتصار للمسلمين على قريش في مَحلٍّ سامق ومَجدٍ سَابقٍ وقتل قائدهم جاسي السريرة عمرو بن هشام. وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلًا وأُسِرَ منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلًا، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار. وقد تمخَّضَتْ غَزَاةُ بدر عن دروس وعِبَر أرى في سَرْدِها مَنْفعةً للصف الإسلامي، ومَعِينًا من التجارب تَمْتَاحُ منه الجماعات المجاهدة في العالم ضدّ عتاة المستكبرين، وطواغيت البريّة: 1- الابتكار في الخُطط العسكرية: لقد ابتكر الرسول صلى الله عليه وسلم في قتاله مع المشركين يوم بدر أسلوبًا جديدًا في منازلة الأعداء يتمثل في نظام الصفوف [2]. وهذا الأسلوب أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4]. وقد كانت العرب تقاتل بأسلوب الكرّ والفرّ، وهو الأسلوب المعهود بينهم، فعمد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ابتكار أسلوب الصفوف. ويعتبر الإبداع والابتكار ميزة رائدة تنماز بها العسكرية الإسلامية في المعارك. ومن أشهر الخطط العسكرية المُبدعة في التاريخ العسكري للمسلمين خُطّة محمد الفاتح [3] في فتح القسطنطينية، فقد وصل بسفنه المُحمّلة بالمدافع الضخمة إلى مضيق الدردنيل، فوجد أن البيزنطيين قد سدُّوا المضيق بمجموعة من السلاسل الضخمة الممتدة بين الشاطئين؛ بحيث تمنع السفن من العبور، فقرر القائد المِغْوَار أن يقوم بأكبر عملية نقل أسطول بَحْرىّ في التاريخ، وقام الجيش كله بسحب السفن على أعمدة خشبية ووضعها على قمة الجبل، ثمّ التفَّ من خلف السلاسل، وأنزل الأسطول في البحر مرَّة أخرى، ففوجئ البيزنطيون بحركة الالتفاف التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ كله، وكانت نتيجة المفاجأة وعنصر الدَّهشةِ أن سقطت المدينةُ في قبضته بأقل الخسائر [4]. ويعتبر المجاهد البطل أصلان مسخادوف [5]، أحد أبرز قادة المجاهدين الشيشان الذين قادوا الجهاد المسلح للدفاع عن الشيشان المسلمة، خلال أعوام طويلة، شملت الحربين الرئيستين بين الشيشان والاحتلال الروسي. وخلال ذلك أبرز المجاهد الشجاع من الابتكار في الخطط الحربية ما أذهل الدب الروسي اللعين، وأوقف زحف الروس في الشيشان التي تمكّنت في بضعة آلاف من المجاهدين أن تكسر شموخ الدُّبّ الروسي الذى نَاوَشَ الأمّة المسلمة في أكثر من 400,000 مقاتل. وأنت واجِدٌ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يتّسم بالبراعة العسكرية؛ فقد كان يُعْطى التعليمات العسكرية التي كان يصدرها خلال تطبيقه لها، اعتمادًا على عنصر المُبَاغتة للعدو. وهذا يطابق تمامًا الأصول الحديثة في استخدام الأسلحة [6]. 2- الاستفادة من الظروف البيئية المحيطة أثناء قتال العدو: لم يغفل النبي صلى الله عليه وسلم الاستفادة من الظروف الطبيعية أثناء قتال العدو، فقد كان يستفيد من كل الظروف المحيطة في ميدان المعركة لخدمة صفّه. ومن أمثلة ذلك ما فعله صلى الله عليه وسلم قبل بدء القتال يوم بدر، يقول المقريزي: "وأصبح صلى الله عليه وسلم ببدر قبل أن تنزل قريش، فطلعت الشمس وهو يصفهم فاستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه فاستقبلوا الشمس" [7]. 3- الحرص على رفع الروح المعنوية للجنود: كان صلى الله عليه وسلم يَحثُّ أصحابه على القتال ويحرضهم عليه امتثالًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ} [الأنفال:65]. ففي غَزَاة بدر الكبرى رفع صلى الله عليه وسلم الروح المعنوية لأصحابه قائلًا: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ» [8]. وفى المجال العسكري تلعب الروح المعنوية دورًا بارزًا في صَقْل شخصية المُحارب؛ إذ الروح المعنوية المرتفعة تُمثّل مصدرًا من مصادر التفوق العسكري، والصمود أمام المشاقّ التي تلاقى المجاهد في ساحة الوغى. ومن صور التعبئة المعنوية أنه صلى الله عليه وسلم كان يبشرهم بقتل صناديد المشركين، وزيادة لهم في السكينة والاطمئنان كان يحدد مكان قتلى كل واحد منهم [9]. وقد أثرت هذه التعبئة المعنوية في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم والذين جاءوا من بعدهم بإحسان [10]. 4- الدعاء أحد الأسلحة الفتّاكة في مواجهة الأعداء: لما نظّم صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه، وأخذ بكل الأسباب المُتَاحة، رجع إلى عريشه الذى بُنى له ومعه صاحبه أبو بكر، وسعد بن معاذ على باب العريش لحراسته وهو شاهر سيفه، واتجه صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء قائلًا: «اللهمَّ أَنجِزْ لي ما وعدتني. اللهمَّ آتِ ما وعدتني، اللهمَّ إن تَهلِك هذه العصابةُ من أهلِ الإسلامِ لا تُعبدُ في الأرض» [11]. ونحن نعلم أن الدعاء مَطِيَّةُ مَظِنة الخطر، وحقيقته: إظهار الافتقَار إليه، والتبرُّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذِّلةِ البشرية، وفيه معنى الثناء على الله تعالى، وإضافة الجود، والكرم إليه؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» [12]. وكم أقام الدعاء ممالك وأزال ممالك! فلا ينبغي للطائفة المؤمنة إهمال الدعاء؛ فشأنه عظيم، وأمره جسيم. يقول الخطابي رحمه الله: "معنى الدعاء استدعاء العبد ربَّه عزَّ وجل العنايةَ، واستمدادُه منه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية واستشعارُ الذلة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجل، وإضافة الجود والكرم إليه" [13]. 5- الحرب قائمة بين أهل الإيمان والكفر لا محالة: لا شك أنّ من أهم وأخطر سنن الله تعالى في العلاقة بين الناس هو التدافع بين الحق والباطل، والصراع بين الإيمان والكفر. وبالتالي فالذين يَسْعَوْن لإقامة التعايش السِّلْمي والأمان الاجتماعي مع الأعداء في مقابل التنازل عن ثوابت الإسلام هم واهمون، يبحثون عن سراب. ألم يسمع هؤلاء الرويبضة قول ابن جوريون: "نحن قوم لا نحيا إلا بعدو"؟! وقد ورد ذكر سنة التدافع في موضعين من كتاب الله تعالى؛ فأما الموضع الأول فبعد قصة المنازلة بين طالوت وجالوت، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة من الآية:251]. أمّا الموضع الثاني فعند الإذن بالجهاد وبيان مشروعيته، قال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا} [الحج من الآية:40]. 6- تواجد القائد مع جنوده في ساحة النِّزَالِ: فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشجع الناس؛ حيث كان مع قومه في قلب المعركة وفى ميدانها، بل كان يُسوِّى صفوفهم بيده الشريفة الكريمة صلى الله عليه وسلم. والقائد الناجح هو من يُشارك جنوده لَأْواء المشاقّ وكَأْداء الحروب، ويُكابد معهم الآكام والشِّعَاب. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا يوم بدر، كل ثلاثة على بعير، فكان أبو لبابة وعلى بن أبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكانت إذا جاءت عقبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا : نحن نمشي عنك قال: «ما أنتما بأقوى مني وما أنا بأغنى عن الأجر منكما» [14]. 7- النصر من عند الله: إنَّ حقيقة النصر في غزاة بدر كانت من الله تعالى، وقد حكم اله تعالى بذلك في قوله: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّـهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126]. وقد قيّد الله تعالى النصر بقوله: {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55]. فإذا انتصر الكفر، وكان للكافرين الصَّوْلة والدولة والغلبة على المؤمنين، في بعض الأزمنة أو الأمكنة؛ فذلك لتخلف سبب النصر وشرطه؛ فيُعَاقب الله المؤمنين على تفريطهم في دينهم وما أمروا به لعلهم يرجعون، ويكون هذا ابتلاء وتمحيصًا للمؤمنين، وإمهالًا واستدراجًا للكافرين. 8- التركيز على وسائل الإعلام: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَحثُّ شعراء المسلمين على القيام بواجبهم في الدفاع عن المسلمين وإخافة الأعداء بشعرهم؛ إذ كان الشعر يمثل الحملات الإعلامية المؤثرة في دنيا العرب، فيرفع أقوامًا ويخفض آخرين، ويُشعل الحروب الضارية ويُطفئها [15]. ولا شك أن للإعلام دور في إحداث النكاية في الأعداء. ولا بد للصفِّ الإسلامي أن يُوَطِّن نفسه على تلقي الصواعق المُرْسلة من إعلام الأعداء، مِصْدَاقًا لقول جحدر بن معاوية العُكْلى: بِكُلِّ صروفِ الدّهرِ قد عِشْتَ حِقْبَةً *** وقَدْ حملتْنِي بينها كُلَّ مُحْملِ ومن الغفلة انتظار الإنصاف من الأعداء؛ إذ كيف آمنك، وهذا أثر فأسك؟! ولا بُدّ من مواجهة الخصوم بإعلام يستأصل شأفتهم، ويُبيدُ خضراءهم. هذا ومن لطيف القول أنه قد ورد في سفر إشعياء إشارة إلى غزاة بدر: "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ، يَا قَوَافِلَ الدادانيين، هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ، يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ، فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ، وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: " فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ، وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ" (إصحاح:21). وقد قام كل من أ. عصام أحمد حسين، د. ليلى صالح محمد بدراسة هذه الغزاة في سفر إشعياء، وانتهت هذه الدراسة إلى نتائج هي: 1- رَسَم نص نبوءة أشعياء 21/13-17 وبدقة المسرح الجغرافي لحدثين مُهمَّين متعاقبين في المكان (بلاد العرب- وظروف الهجرة من مكة إلى المدينة المنورة ومسارها). 2- حَدَد نص نبوءة إشعياء 21/13-17 هُوِيّة المخاطبين (سكان تيماء)، وأدوارهم كجماعة بشرية يسكنون في تلك المناطق المذكورة بالاسم. 3- وَصَف نص نبوءة إشعياء 21/13-17 شخصين رئيسين في قلب الحدث (الهجرة) وهما كما ورد في القرآن الكريم: الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضى الله عنه. يقول الله عز وجل : {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّـهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40]. 4- ذكر النص أهمية حدث (الهجرة)، وتأثيره على التاريخ الذي أصبح يؤرخ به التاريخ الهجري ودوره في الدولة الإسلامية. 5- ذكر النص أهمية الحدث الذى يحدث بعد الهجرة بعام هي (غزوة بدر الكبرى) وأهميتها في تغير مجرى الأحداث في المدينة المنورة والإسلام [16]. هذا، وآمل أن أكون ما كتبته عَذْب المشرب، نقى الساحة من المأثم. والحمد لله أولًا وآخرًا. _______________________________ [1] بعد نزول النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه على أدنى ماء بدر من المشركين، اقترح الصحابي الجليل سعد بن معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء عريش له يكون مقرًا لقيادته ويأمن فيه من العدو. ويستفاد من بناء العريش أمور، منها: لا بد أن يكون مكان القيادة مشرفًا على أرض المعركة، يتمكن القائد فيه من متابعة المعركة وإدارتها. وينبغي الاهتمام بحياة القائد، وصونها من التعرض لأى خطر (انظر: سيرة ابن هشام، ج [2]، ص [233] تحقيق عمر عبد السلام تدمري ط [3] 1440هـ 1990م. دار الكتاب العربي). ولما وصل قريبًا من بدر علم بمسير قريش، فأخبر أصاحبه بذلك واستشارهم في الأمر ليكونوا على بصيرة من ذلك. قال سعد: "قد آمنا بك يا رسول الله وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض يا رسول الله لما أمرت، فوالذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك، وما نكره أن تلقى العدو بنا غدًا، وانا لصبرٌ عند الحرب، صدقٌ عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله" (ابن الأثير الجزري: الكامل ج [2]، ص [١٢٠]، تحقيق عبد الله القاضي، ط 1987م. دار الكتب العلمية). [2] صفة هذا الأسلوب: أن يكون المقاتلون على هيئة صفوف الصلاة، وتقل هذه الصفوف أو تكثر، حسب قلة المقاتلين أو كثرتهم. ويتترس الجيش بالصفوف الأولى من أصحاب الرماح لصد هجمات الفرسان، وتكون الصفوف التي خلفها من أصحاب النبال، لتسديدها نحو الأعداء. وقد استفاد المسلمون من هذه الخُطّة المبتكرة في إرهاب الأعداء ودلالة على حسن وترتيب النظام عند المسلمين (د. عبد الله محمد الرشيد: القيادة العسكرية، ص [401]، رسالة دكتوراه، جامعة الإمام). [3] السلطان الفاتح محمد بن مراد الثاني خان ثاني، سابع سلاطين الدولة العثمانية وسلالة آل عثمان، يُلقب، إلى جانب (الفاتح)، بأبي الفتوح وأبى الخيرات. حكم ما يقرب من ثلاثين عامًا عرفت توسعًا كبيرًا للخلافة الإسلامية. استطاع أن يقضى نهائيًا على الإمبراطورية البيزنطية بعد أن استمرّت أحد عشر قرنًا ونيفًا. وقد نجح الشيخ (آق شمس الدين) -وكان واحدًا ممن قام على تربية محمد الفاتح وتعليمه- في بث روح الجهاد والتطلع إلى الأمور السامقة في نفس الأمير الصغير، وأن يُوحى له بأنه المقصود ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم في فتح القسطنطينية. ولا شكّ أنّ هذا الإيحاء كان له دور كبير في حياة محمد الفاتح فنشأ محبًّا للجهاد، عالي الهمة والطموح، واسع الثقافة، وعلى دِرَاية مذهلة بفنون الحرب والقتال. وكان من تقدير الله أن باغته الموت فجأة وهو يستعد لفتح روما، فمات في (4 من ربيع الأول 886 هـ / 3 من مايو 1481م). وابتهجت أوروبا الصليبية كلها بعد سماعها نبأ الوفاة الحزين المؤلم للطائفة المجاهدة. وأمر بابا روما بصلاة الشكر لموت هذا البطل الذى أذلّ الصليبية العالمية، وألزمها الرُّغام والصَّغار. وإن شاء الله نحن عائدون يا روما فلا تبتهجي! مَنْ يضحكْ أخيرًا يضحكْ كثيرًا! (للتوسع في الترجمة انظر: ويكيبيديا). [4] د. على الصلابي: الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط، ص [88]، د. ت. دار التوزيع والنشر الإسلامية -القاهرة. [5] ولد عام 1951م في جمهورية كازخستان. التحق بالجيش السوفيتي، ليخدم بين صفوفه، قبل أن يصبح رئيس هيئة أركان الجيش الشيشاني عام 1993م بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ظَفِر بالشهادة عام 2005م، خلال عملية مسلحة قامت بها قوات روسية خاصة، شمال العاصمة جروزني. [6] اللواء محمد جمال الدين على محفوظ: المدخل إلى العقيدة والاستراتيجية العسكرية، ص[121]، ط 1986م، دار الاعتصام -القاهرة. [7] د. عبد محمد الرشيد: القيادة العسكرية، ص[453]. وهذا يؤثر على كفاءة العدو؛ لأن الشمس تؤثر على بصره. [8] مسلم: صحيحه، رقم [1901]. [9] ابن الأثير: جامع الاصول، ج [8]، ص [202]، تحقيق الأرناؤوط. د. ت. مكتبة دار البيان. [10] محمد عبد القادر أبو فارس: المدرسة العسكرية الاسلامية، ص [143]، ط [1]، 1413هـ / 1993م. دار الفرقان. [11] مسلم: صحيحه، رقم [1763]. [12] انظر: شأن الدعاء، ص [4]. [13] البخاري: الأدب المفرد، ج [2]، ص [178]، رقم [714]. [14] عبد الملك بن هشام: سيرته، ج [2]، ص [389]، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، ط [3]، 1440هـ- 1990م. دار الكتاب العربي. وحسنه الألباني في تحقيق فقه السيرة [167]. [15] د. عبد العزيز الحميدي: التاريخ الإسلامي، ج [4]، ص [199]، ط 1997، دار الدعوة. [16] انظر: غزوة بدر الكبرى في أسفار اليهود والنصارى، ص [79]، بحث منشور في مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة.
المقال السابق
المقال التالى