قبول الأحكام حتى فيما لا يتعلق بعملك: عندما تقرأ قوله تعالى عن إرث الزوجة من زوجها: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]. فاعلم أنها خطاب للجماعة بأن تكون هذه هي قسمتهم للميراث، يقوم بها الحي منهم لزوجة من توفي عنها زوجها. لكن أيضا من ضمن المخاطَبين بها الزوج نفسه حال الحياة، إذ هو يتلو خطاب الله فيما يتعلق بتركته من بعده.. وهو لن يقوم بقسمة الميراث إذ هو المتوفَى! ولكن يتعلق به التصديق والقبول، وأما الدخول في العمل والقيام بالتنفيذ فهو خارج عن طاقته. وهذا يوضح لك معنى قبول الشرع جملة وعلى الغيب، ويوضح لك الفرق بين قبول الأحكام والدخول في الأعمال. وكذلك الزوجة نفسها مخاطَبة في ميراثها هي بالتصديق والقبول لما سيُطبق بعد موتها، وعليها أن تموت مصدقة بقسمة الله وحكمه وقابلة له وراضية به لا ساخطة ولا كارهة ولا رادة لأمر الله. وكذلك الوالد والأخ وسائر من يُقسم إرثه من بعده.. فهذه أحكام نقطع أن الشخص نفسه لن يقوم بتطبيقها بنفسه، ولكننا نوقن أننا جميعا، معشر الأموات بعد حين، مخاطبون بهذه الأحكام ومتعبَدون بتصديقها وقبولها والرضا بها.. ولا يؤثر في هذا كراهة لفلان أو غيره أو وجهة نظر منا حال الحياة. بل هو التسليم المطلق والتعبد لله تعالى حتى فيما يتعلق بنا بعد وفاتنا.. وهذا هو الاطمئنان الى الله وحكمه، ومعنى الإيمان والإقرار، والركون اليه تعالى والى ما أنزل.
المقال السابق
المقال التالى