عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   


حكم رسول الله في الخلع


في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس أتت فقالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره في الإسلام فقال رسول الله تردين عليه حديقته ? قالت نعم قال رسول الله الحديقة وطلقها تطليقة
وفي سنن النسائي عن الربيع بنت معوذ أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها جميلة بنت عبدالله بن أبي فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله فأرسل إليه فقال الذي لها عليك وخل سبيلها قال نعم فأمرها رسول الله أن تتربص حيضة واحدة بأهلها  

 

 


وفي سنن أبي داود عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس اختلعت من زوجها النبي أن تعتد حيضة ..وفي سنن الدارقطني في هذه القصة فقال النبي أتردين عليه حديقته التي أعطاك قالت وزيادة فقال النبي أما الزيادة فلا ولكن حديقته قالت نعم فأخذ ماله وخلى فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال قد قبلت قضاء رسول الله قال الدارقطني إسناده صحيح فتضمن هذا الحكم النبوي عدة أحكام أحدها جواز الخلع كما دل عليه القرآن قال تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  ) البقرة 229 ومنع الخلع طائفة شاذة من الناس خالفت النص والإجماع

 

 


وفي الآية دليل على جوازه مطلقا بإذن السلطان وغيره ومنعه طائفة بدون إذنه الأربعة والجمهور على خلافه وفي الآية دليل على حصول البينونة به لأنه سبحانه سماه فدية ولو كان رجعيا كما بعض الناس لم يحصل للمرأة الإفتداء من الزوج بما بذلته له ودل قوله سبحانه ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) على جوازه بما قل وكثر وأن له أن يأخذ منها أكثر أعطاها وقد ذكر عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل   الربيع بنت معوذ بن عفراء حدثته أنها اختلعت من زوجها بكل شيء تملكه فخوصم في إلى عثمان بن عفان فأجازه وأمره أن يأخذ عقاص رأسها فما دونه وذكر أيضا عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع أن ابن عمر جاءته مولاة لامرأته من كل شيء لها وكل ثوب لها حتى نقبتها ورفعت إلى عمر بن الخطاب امرأة نشزت عن زوجها فقال اخلعها ولو من قرطها ذكره حماد سلمة عن أيوب عن كثير بن أبي كثير عنه وذكر عبدالرزاق عن معمر عن ليث عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب رضي الله لا يأخذ منها فوق ما أعطاها وقال طاووس لا يحل أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وقال عطاء إن أخذ زيادة على فالزيادة مردودة إليها وقال الزهري لا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ميمون بن مهران إن أخذ منها   مما أعطاها لم يسرح بإحسان وقال الأوزاعي كانت القضاة لا تجيز أن يأخذ منها إلا ما ساق إليها والذين جوزوه احتجوا بظاهر القرآن

 

 

وآثار الصحابة والذين منعوه احتجوا بحديث أبي أن ثابت بن قيس بن شماس لما أراد خلع امرأته قال النبي أتردين عليه قالت نعم وزيادة فقال النبي أما الزيادة فلا قال الدارقطني سمعه أبو من غير واحد وإسناده صحيح قالوا والآثار من الصحابة مختلفة فمنهم من روي عنه تحريم الزيادة ومنهم من روي إباحتها ومنهم من روي عنه كراهتها كما روى وكيع عن أبي حنيفة عن عمار بن عمران عن أبيه عن علي رضي الله عنه أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها أحمد أخذ بهذا القول ونص على الكراهة وأبو بكر من أصحابه حرم الزيادة وقال عليها وقد ذكر عبدالرزاق عن ابن جريج قال قال لي عطاء أتت امرأة رسول الله فقالت يا الله إني أبغض زوجي وأحب فراقه قال فتردين عليه حديقته التي أصدقك قالت نعم من مالي فقال رسول الله أما الزيادة من مالك فلا ولكن الحديقة قالت نعم بذلك على الزوج وهذا وإن كان مرسلا فحديث أبي الزبير مقو له وقد رواه ابن عنهما

 

 

 

فصل

وفي تسميته سبحانه الخلع فدية دليل على أن فيه معنى المعاوضة ولهذا اعتبر فيه رضى فإذا تقايلا الخلع ورد عليها ما أخذ منها وارتجعها في العدة فهل لهما ذلك الأئمة الأربعة وغيرهم وقالوا قد بانت منه بنفس الخلع وذكر عبدالرزاق عن معمر قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال في المختلعة إن شاء أن يراجعها فليرد عليها ما منها في العدة وليشهد على رجعتها قال معمر وكان الزهري يقول مثل ذلك قال قتادة الحسن يقول لا يراجعها إلا بخطبة ولقول سعيد بن المسيب والزهري وجه دقيق من الفقه لطيف المأخذ تتلقاه قواعد الفقه بالقبول ولا نكارة فيه غير أن العمل على خلافه فإن المرأة ما دامت في العدة في حبسه ويلحقها صريح طلاقه المنجز عند طائفة من العلماء فإذا تقايلا عقد وتراجعا إلى ما كانا عليه بتراضيهما لم تمنع قواعد الشرع ذلك وهذا بخلاف ما العدة فإنها قد صارت منه أجنبية محضة فهو خاطب من الخطاب ويدل على هذا أن له يتزوجها في عدتها منه بخلاف غيره

 

 

فصل


وفي أمره المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة دليل على حكمين أحدهما أنه لا يجب عليها حيض بل تكفيها حيضة واحدة وهذا   أنه صريح السنة فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعبدالله بن عمر بن والربيع بنت معوذ وعمها وهو من كبار الصحابة لا يعرف لهم مخالف منهم كما الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر أنه سمع الربيع بنت معوذ بن عفراء وهي عبدالله بن عمر رضي الله عنه أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان عمها إلى عثمان بن عفان فقال له إن ابنة معوذ اختلعت من زوجها اليوم أفتنتقل عثمان لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة أن يكون بها حبل فقال عبدالله بن عمر فعثمان خيرنا وأعلمنا وذهب إلى هذا إسحاق بن راهويه والإمام أحمد في رواية عنه اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية قال من نصر هذا القول هو مقتضى قواعد الشريعة فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول الرجعة فيتروى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدة فإذا لم تكن عليها رجعة مجرد براءة رحمها من الحمل وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء قالوا ولا هذا علينا بالمطلقة ثلاثا فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحدا بائنة

 

 

 

قالوا وهذا دليل على أن الخلع فسخ وليس بطلاق وهو مذهب ابن عباس وعثمان وابن عمر وعمها ولا يصح عن صحابي أنه طلاق ألبتة فروى الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد سفيان عن عمرو عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال الخلع   وليس بطلاق وذكر عبدالرزاق عن سفيان عن عمرو عن طاووس أن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص سأله عن طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه أينكحها قال ابن عباس نعم ذكر الله الطلاق أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك فإن قيل كيف تقولون إنه لا مخالف لمن ذكرتم من الصحابة وقد روى حماد بن سلمة عن بن عروة عن أبيه عن جمهان أن أم بكرة الأسلمية كانت تحت عبدالله بن أسيد منه فندما فارتفعا إلى عثمان بن عفان فأجاز ذلك وقال هي واحدة إلا أن تكون شيئا فهو على ما سمت وذكر ابن أبي شيبة حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال لا تكون تطليقة بائنة إلا في فدية أو إيلاء وروي علي بن أبي طالب فهؤلاء ثلاثة من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم

 

 


قيل لا يصح هذا عن واحد منهم أما أثر عثمان رضي الله عنه فطعن فيه الإمام أحمد وغيرهما قال شيخنا وكيف يصح عن عثمان وهو لا يرى فيه عدة وإنما يرى فيه بحيضة فلو كان عنده طلاقا لأوجب فيه العدة وجمهان الراوي لهذه القصة عثمان لا نعرفه بأكثر من أنه مولى الأسلميين   أثر علي بن أبي طالب فقال أبو محمد بن حزم رويناه من طريق لا يصح عن علي رضي عنه وأمثلها أثر ابن مسعود على سوء حفظ ابن أبي ليلى ثم غايته إن كان محفوظا يدل على أن الطلقة في الخلع تقع بائنة لا أن الخلع يكون طلاقا بائنا وبين فرق ظاهر والذي يدل على أنه ليس بطلاق أن الله سبحانه وتعالى رتب على بعد الدخول الذي لم يستوف عدده ثلاثة أحكام كلها منتفية عن الخلع أحدها أن أحق بالرجعية فيه الثاني أنه محسوب من الثلاث فلا تحل بعد استيفاء العدد بعد زوج وإصابة الثالث أن العدة فيه ثلاثة قروء وقد ثبت بالنص والإجماع أنه رجعة في الخلع وثبت بالسنة وأقوال الصحابة أن العدة فيه حيضة واحدة وثبت بالنص بعد طلقتين ووقوع ثالثة بعده وهذا ظاهر جدا في كونه ليس بطلاق فإنه سبحانه (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله جناح عليهما فيما افتدت به ) البقرة 229 وهذا وإن لم يختص بالمطلقة تطليقتين يتناولها وغيرهما ولا يجوز أن يعود الضمير إلى من لم يذكر ويخلى منه المذكور إما أن يختص بالسابق أو يتناوله وغيره

 

 

 

ثم قال (فإن طلقها فلا تحل له من بعد ) يتناول من طلقت بعد فدية وطلقتين قطعا لأنها هي المذكورة فلا بد من دخولها اللفظ وهكذا فهم ترجمان القرآن الذي دعا له رسول الله أن يعلمه الله تأويل وهي دعوة مستجابة بلا شك وإذا كانت أحكام الفدية غير أحكام الطلاق دل على أنها من غير جنسه فهذا مقتضى والقياس وأقوال الصحابة ثم من نظر   حقائق العقود ومقاصدها دون ألفاظها يعد الخلع فسخا بأي لفظ كان حتى بلفظ وهذا أحد الوجهين لأصحاب أحمد وهو اختيار شيخنا قال وهذا ظاهر كلام أحمد وكلام ابن عباس وأصحابه قال ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع مولى ابن عباس يقول ما أجازه المال فليس بطلاق قال عبدالله بن أحمد رأيت أبي يذهب إلى قول ابن عباس وقال عمرو عن طاووس عن ابن عباس الخلع تفريق وليس بطلاق ابن جريج عن ابن طاووس كان أبي لا يرى الفداء طلاقا ويخيره ومن اعتبر الألفاظ ووقف معها واعتبرها في أحكام العقود جعله بلفظ الطلاق طلاقا الفقه وأصوله تشهد أن المرعي في العقود حقائقها ومعانيها لا صورها وألفاظها التوفيق ومما يدل على هذا أن النبي أمر ثابت بن قيس أن يطلق امرأته في الخلع تطليقة ومع أمرها أن تعتد بحيضة وهذا صريح في أنه فسخ ولو وقع بلفظ الطلاق وأيضا فإنه سبحانه علق عليه أحكام الفدية بكونه فدية ومعلوم أن الفدية لا تختص ولم يعين الله سبحانه لها لفظا معينا وطلاق الفداء طلاق مقيد ولا يدخل تحت الطلاق المطلق كما لا يدخل تحتها في ثبوت الرجعة والاعتداد بثلاثة قروء الثابتة وبالله التوفيق


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق