عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

 

رِعايتُه صلى الله عليه وسلم في التعليم الاعتدالَ والبُعدَ عن الإملال

    

وكان صلى الله عليه وسلم يتعهَّد أوقاتَ أصحابه وأحوالَهم في تذكيرهم وتعليمهم ، لئلاّ يَمَلّوا ، وكان يُراعي في ذلك القَصْدَ والاعتدال .

 

روى البخاري في ((صحيحه)) في كتاب العلم (باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتخَوَّلُهم بالموعِظةِ والعلمِ ، كيْ لا يَنْفِروا) ، ومسلم في ((صحيحه)) في (باب الاقتصاد في الموعظة)7واللفظُ له ، عن الأعمش ، عن شَقيقٍ أبي وائل قال : ((كُنّا جُلوساً عند بابِ عبدِ الله ـ بن مسعودٍ ـ ننتَظِرُهُ ، فمرَّ بنا يزيدُ بنُ مُعويةَ النَّخَعي ، فقلنا : أَعْلِمْهُ بمَكانِنا8، فدخَلَ عليه ، فلم يَلْبَثْ أن خَرَجَ علينا عبدُ الله ، فقال : إني أُخبَرُ بمَكانِكم فما يمنَعني أن أخرُجَ إليكم إلاّ كَراهِيةُ أن أُمِلَّكُم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَتَخَوَّلُنا9بالموعِظةِ في الأيام مَخافةَ السَّآمةِ علينا))10.

 

 

وروى البخاري أيضاً في كتاب العلم (باب من جَعَل لأهلِ العلم أياماً معلومةً) ، ومسلم في الباب السابق ، واللفظُ منهما1، عن منصورٍ عن شقيقٍ أبي وائل قال : ((كان عبدُ الله يُذكِّر الناس في كلِّ خميسٍ ، فقال له رجلٌ : يا أبا عبد الرحمن ـ هذه كنيةُ عبدِ الله بن مسعود ـ ، إنّا نُحِبُّ حديثَك ونَشْتَهيهِ ، ولوَدِدنا أنك حَدَّثتنا كلَّ يوم ، فقال : ما يَمنعُني أن أحَدِّثَكم إلاّ كراهيةُ أن أُمِلَّكُم ، وإني أتَخوَّلُكُم ، بالمَوْعظةِ ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَخوَّلُنا بها مخافةَ السَّآمةِ علينا))2.

 

 

وروى البخاري ومسلم أيضاً ، الأولُ في كتاب العلم ، (باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بالموعظة كيْ لا يَنْفِروا) ، والثاني في كتاب الجهاد3، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((يَسِّروا ولا تُعسِّروا ، وبَشِّروا ولا تُنفِّروا))4.

 

 

ولفظُ مسلم عن أبي موسى الأشعري قال : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بَعَث أحداً من أصحابِه في بعض أمرِهِ ، قال : بشِّروا ، ولا تُنَفِّروا ، ويسِّروا ولا تُعسِّروا)) .

 

-------------------------------------------

7 ـ البخاري 1 :162 ، ومسلم 17 :163 .

8 ـ أي بكَوْنِنا هنا بانتظاره .

9 ـ أي كان يَتَعَهَّدُنا ، فيُراعي أوقاتَنا ويَتَطَلَّبُ أحوالَنا التي نَنْشَطُ فيها للموعظةِ ، ولا يفعل ذلك كلَّ يومٍ لئلا نَمَلَّ .

10 ـ السَّآمةُ : المَلالةُ ، والمعنى : كان يتَعهَّدُنا أي يُعلِّمُنا أياماً ويدَعُنا بعضَ الأيام كراهية أن نَمَلَّ شفقةً علينا ، ليكون أخذُنا عنه بنَشاطٍ وحِرصٍ وشوق ، لا عن ضَجَر ومَلال فيَفوت مقصودهُ .

1 ـ البخاري 1 :163 ومسلم 17 :163 ـ 164 .

2 ـ قال الحافظ ابنُ حجر في ((فتح الباري)) 1 :163 : ((يُستفاد من هذا الحديث استحبابُ ترك المُداومةِ في الجِدِّ في العمل الصالح خشيةَ المَلال ، وإن كانت المُواظَبةُ مَطلوبةً ، لكنها على قسمين : إمّا كلَّ يومٍ مع عدم التكلُّفِ ، وإمّا يوماً بعد يومٍ فيكون يومُ الترك لأجل الراحة ، ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص ، والضابط الحاجةُ مع مُراعاةِ وجودِ النَّشاط)) .

3 ـ البخاري 1 :163 ومسلم 12 : 42 في كتاب الجهاد والسِّير (باب تأميرِ الإمام الأمراءَ على البُعوث ، ووصيَّتِه إياهم بآداب الغزو وغيرِها) .

4 ـ قال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 12 :41 : ((في هذا الحديث الامرُ بالتبشيرِ بفضلِ الله وعظيم ثوابِه ، وجَزيل عَطائِه وسعةِ رحمتِه ، والنهيُ عن التنفير بذكر التخويفِ وأنواع الوعيد مَحْضةً من غير ضَمِّها إلى التبشير .

وفي هذا الحديث أيضاً بيانُ تأليفِ من قَرُب إسلامُهُ وتركِ التشديدِ عليهم ، وكذلك من قارَبَ البُلوغَ من الصبيان ومن بَلَغَ ومن تابَ عن المعاصي ، كلُّهم يُتلَطَّفُ بهم ، ويُدَرَّجون في أنواع الطاعةِ قليلاً قليلاً .

وقد كانت أمورُ الإسلام في التكليف على التدريج ، فمتى يُسِّرَ على الداخلِ في الطاعةِ أو المُريدِ للدخولِ فيها سَهُلَتْ عليه ، وكانت عاقبتُه غالباً التزايد ،         ومتى عُسِّرتْ عليه أوْشَكَ أن لا يدخُل فيها ، وإن دخل أوْشَكَ أن لا يدوم أو لا يَستَحليها)) .

قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) 1 :163 : وكذا تعليمُ العلم ينبغي أن يكون بالتدريج ، لان الشيءَ إذا كان في ابتدائه سهْلاً حُبِّبَ إلى من يدخُلُ فيه ، وتَلَقّاه بانبساط ، وكانت عاقبتُه غالباً الازديادَ ، بخلاف ضدِّه)) .   

 


 

 
 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق