عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم حملة صالحون مصلحون
تاريخ الاضافة 2012-01-07 02:15:42
المقال مترجم الى
English    Español   
المشاهدات 8536
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English    Español   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

 

آداب النصيحة و فنون النصيحة :

 

و اعلم أخي المسلم أن آداب النصيحة هي آداب الدعوة إلى الله ، و قد قال ربنا جل و علا : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) النحل 125 ؛ فعود نفسك على أن تنصح الناس دائما بالموعظة الحسنة .

 

 

آداب النصيحة :

 

1- الرفق واللين في النصيحة :

 

لمّا أرسل الله موسى و هارون إلى فرعون ، ماذا قال لهما ؟ ، قال : ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ) طه .

 

و دخل رجل على عبد الملك ابن مروان ، فقال له : عندي لك نصيحة أشد من ضرب السياط ! ، فقال : و أين القول الحسن ؟! ، فأنت لست عند الله أعز من موسى و هارون ، و أنا لست عند الله أسوء من فرعون ، فإنَّ الله قال لهما : ( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ) .

 

و الله أمرنا بالقول الحسن فقال لنا في كتابه الكريم : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) البقرة 83 .

 

 

2- لا تنصح أخاك على الملأ :

 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد و عظوه سرًا .

و يقول الشافعي :

تعهدني بنصحك في انفرادي     و إياك و النصح في الجماعة

النصح بين الناس                   توبيخ لا أقبل استماعه

 

و قد قيل : إنّ نصائح المؤمنين في آذانهم ؛ و قال جعفر بن برقان : قال لي ميمون بن مهران : قل لي في وجهي ما أكره ، فإنَّ الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره ، فإن كان أخوه الذي نصح له صادقاً في حاله ، أحبه على نصحه ، فإن لم يحبه و كره ذلك منه دلّ على كذب الحال ، قال الله سبحانه وتعالى في وصف الكاذبين : ( وَ لكنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحينَ ) الأعراف 79 ؛ و قد كان بعض الصالحين يقول: أحب الناس إليّ من أهدى عيوبي ، و قد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول - و يأمر الإخوان بذلك - : رحم الله امرأً أهدى إلى أخيه عيوب نفسه .

 

و لكن قد قيل لمسعر بن كدام : تحب من يخبرك بعيوبك ، فقال: إنْ نصحني فيما بيني و بينه فنعم ، و إنْ قرعني في الملأ فلا .

 

و من أخلاق السلف قال : كان الرجل إذا كره من أخيه خلقاً عاتبه فيما بينه و بينه أو كاتبه في صحيفة ! ، و هذا حقًا الفرق بين النصيحة و الفضيحة فما كان في السر فهو نصيحة ، و ما كان على العلانية فهو فضيحة ، و قلما تصح فيه النية لوجه الله تعالى ، لأن فيه شناعة ، و كذلك الفرق بين العتاب والتوبيخ ، فالعتاب ما كان في خلوة ، و التوبيخ لا يكون إلاّ في جماعة ، و لذلك يعاتب الله عزّ وجلّ رجلاً من المؤمنين يوم القيامة تحت كنفه ، و يسبل عليه ستره فيوقفه على ذنوبه سرّاً ، و منهم من يدفع كتاب عمله مختوماً إلى الملائكة الذين يحفرون به إلى الجنة ، فإذا قاربوا دخول الجنة ، دفعوا إليهم الكتب مختومة فيقرؤونها ، و أما أهل التوبيخ فينادون على رؤوس الأشهاد ، فلا يخفى على أهل الموقف فضيحتهم ، فيزداد ذلك في عذابهم .

 

 

و انظر إلى أدب السلف في النصيحة ، روى الذهبي في سير أعلام النبلاء عن عبد الله بن وهب قال : ( سمعتمالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ، فقال : ليس ذلك على الناس . قال فتركه حتى خف الناس ، فقلت له : عندنا في ذلك سنّة ، فقال : و ما هي ؟ ، قلت : حدثنا الليث بن سعد و ساق سنده إلى المستورد بن شداد القرشي ، قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلميدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه " ، فقال: إن هذا الحديث حسن ، و ما سمعت به قط إلا الساعة . ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع .

 

 

فانظر أخي المسلم إلى أدب هذا الإمام الجليل ابن وهب ، و كيف قال : فتركته حتى خف الناس ، و انظر إلى أدب إمام دار الهجرة مالك رحمه الله كيف قبل النصيحة و لم يتكبر عليها ! ، رحمهم الله .

 

 

   3- اختيار الوقت للنصيحة و عدم الإلحاح في النصيحة :

 

لأن الإنسان متقلب بطبيعته ، فربما تختار وقتًا للنصيحة لا يكون ملائمًا لأخيك ، فيعاند و يكابر ، و تأتي النصيحة بنتيجة عكسية .

 

و هذا من هدي النبي صلى الله عليه و سلم ؛ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ عَبْدِ اللهِ نَنْتَظِرُهُ ، فَمَرَّ بِنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ ، فَقُلْنَا : أَعْلِمْهُ بِمَكَانِنَا ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ ، فَقَالَ : إِنِّي أُخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ ، فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ ، « إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا » متفق عليه البخاري و مسلم .

 

 

و مثال هذا : أن تدخل على أخيك المسلم فتجده في خلاف مع زوجته أو أبنائه أو جيرانه أو أي إنسان ، و قد سيطر عليه الغضب ، هنا لا تنصحه في الأمر الذي عليه الخلاف ، لأنه لن يسمع بل اجعل نصيحتك في كيف يذهب عنه الغضب ، فإذا ذهب عنه الغضب فانصحه بما شئت ، فإنَّه يسمع بإذن الله ، و لا تلح على إنسان في أمر ، لكن أنصحه على فترات متباعدة و ذكرّه لعله يذكرّ .

 

5- أن تفعل ما تنصح به الناس :

 

و هذا  من أهم آداب النصيحة ، أنْ تكن أنت فاعلًا الخير الذي تنصح به الناس .

و إلا كنت من أهل قوله تعالى : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) البقرة 44 .

و قال تعالى : ( كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف 3 .

 

أو كنت كما قال القائل :

 

يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم

لا تنه عن خلق و تأتي بمثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل ما وعظت و يقتدي ... بالرأي منك و ينفع التعليم

تصف الدواء وأنت أولى بالدوا ... و تعالج المرضى و أنت سقيم

و كذا تلقح بالرشاد عقولنا ... أبدا و أنت من الرشاد عقيم

 

و النصيحة في أمور الدنيا من أهم حقوق المسلم على المسلم ، و لذلك فقد رفع الله حكم الغيبة فى النصيحة ؛ ما رواه مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما طلقت من أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ ، قالت : فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَ أَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي ، فَقَالَ : « أَمَّا أَبُو الْجَهْمِ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ وَ أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ » . فهذه نصيحة و ليست غيبة .

 

 

و أيضًا ما رواه مسلم عن  أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ ، قَالَ : « فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا » . رَوَاهُ مُسْلِمٌ

 

و من أعجب ما جاء في السنة في النصيحة ، عَن جرير بن عبد الله قَالَ : « بَايَعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَ النُّصْحِ لكل مُسلم » . مُتَّفق عَلَيْهِ

 

لذلك فان غلام له اشترى فرسًا بـ300 ، فذهب إلى صاحبه ، و قال : إنَّ فرسك خيرًا من 300 ، و ما زال يزيده حتى وصل إلى 800 ، فلما سُئل رضي لله عنه عن هذا الفعل العجيب ، قال : بَايَعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ النُّصْحِ لكل مُسلم .

 

رضي الله عنه هذا الصحابي الجليل الذي أدى البيعة لرسول الله صلى الله عليه سلم ، و إنْ كان سيخسر المال فإنَّ أصحاب النبي باعوا الدنيا و اشتروا الآخرة .

 

و كن ناصحًا للمسلمين                        بإرشادهم إلى الحق عند خفاءه

و مرهم بمعروف الشريعة                 و انههم عن السوء و ازجر ذا الخنا عن خنائه

وعظهم بآيات الإله و حكمه                  لعلك تبرئ داءهم بدوائه

فإنْ يهدى مولانا بوعظك واحدًا            تنل منه يوم الحشر خير عطاءة

و إلا فقد أديت ما كان واجبًا               عليك و ما ملكت أمر اهتداءه

 

6-و التدرج في النصيحة و خاصة إذا كنت تنهى عن منكر :

و هذا الأدب هو من أهم فنون و آداب النصيحة ، و هو مراعاة ضعف النفس البشرية خاصة إذا تعلقت بشيء و تعودت عليه فتره كبيرة من الزمن ، و قد تعلمنا التدرج في الإنكار من القرآن ، فلم تنزل آية تحريم الخمر دفعة واحدة ، لأن ذلك سيستحيل على أهل مكة ترك الخمرلكنها تدرجت في النهي إلى أن وصلت إلى التحريم و القرآن الكريم ذكر ذلك في مراحل، لكن الخمر الآن قد حرمت تحريمًا قاطعًا ؛ فماذا نفعل إذا أردنا أن ننصح من يشرب الخمر ؟

 

نقول أن من فنون النصيحة و الإنكار على الغير ثلاثة أمور نذكرها :

 

1-إظهار مساوئ الأمر الذي تريد أن تنهى عنه ؛ مثل أن تقول : إنَّ الخمر تذهب العقل و تجعل الإنسان يؤذي نفسه و أولاده و هو لا يشعر ، و تسبب الأمراض المستعصية و تجلب الفقر و الهم لصاحبها .

 

2-ثم التخويف من عقاب الله تعالى يوم القيامة و انظر معي إلى هذا الحديث الذي يحذر شارب الخمر ، عن جَابِرٍ ، أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ ، وَ جَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ ، يُقَالُ لَهُ : الْمِزْرُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ ؟ » ، قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ،  إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ » ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَ مَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ ، قَالَ : « عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ » أَوْ « عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ » البخاري .

 

3- ثم إظهار ثواب و فضل من ترك شرب الخمر لله ، و أنَّ الله يبدله بخمر الدنيا خمرًا في الجنة لا تؤذي و لا تذهب العقل ، و أنَّ الله يرضى عنه و يغفر له ما مضى .

 

هذا هو المقصود بالتدرج في النصيحة ، و الله أعلم .

 

اللهم أرنا الحق حقًا و ارزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلًا و ارزقنا اجتنابه .




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق