عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم حملة صالحون مصلحون
تاريخ الاضافة 2012-01-03 02:33:39
المقال مترجم الى
English    Español   
المشاهدات 3465
أرسل هذه الصفحة إلى صديق باللغة
English    Español   
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

 

أدب النصيحة

 

إنّ الحمد لله، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدًا عبده و رسوله .

 

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) آل عمران 102 ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚوَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) النساء 1 ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗوَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) الأحزاب 70 - 71 .

 

أما بعد ، فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ، و أحسن الهدي هدي محمد ، و شر الأمور محدثاتها ، و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .

 

 

الدين النصيحة :

 

بعد أن أصلح الإنسان نفسه و اختار صاحبه الذي يعينه ، و سعى في إصلاح أبنائه ، عليه أن يتحرك لإصلاح الآخرين فيبدأ بالنصيحة للناس .

 

لكن قبل أن تبدأ ، عليك أن تعرف أخي المسلم أنك ستتعرض لأمور :

 

أولًا - الخلاف .

ثانيًا - الجدال .

ثالثًا - الهجر و المقاطعة .

 

فكيف تتصرف ؟ و ما هي الآداب التي يتبعها الصالح المصلح في هذه الأمور ؟

 

و هو ما نبدأ فيه : أدب الخلاف ، أدب الجدال ، أدب الهجر و أدب النصيحة .

 

و النصيحة أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمته ، فقد قال فيما أخرجه مسلم عن تميم الداريّ : « الدِّينُ النَّصِيحَة ُ» ثَلَاثًا . قُلْنَا : لِمَنْ ؟ ، قَالَ : « لِلَّهِ وَ لِكِتَابِهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَ عَامَّتِهِمْ » .

 

 

 

و لكن ما هي النصيحة  ؟

هي إرادة الخير للمنصوح له ؛ و قيل النصيحة : إخلاص المحبة للغير بإظهار ما فيه الخير .

لأن النصيحة في  اللغة من قول العرب : نصحت العسل ، إذا أخلصته من الشمع و صفيته ؛ فكأنك تعطى أخيك عسلًا صافيًا فيه شفاء .

 

فمن يَرْدَ العسل ؟ إلا إذا قدمته له بطريقه سيئة أو في وعاء سيء  ، إذن النصيحة عسلًا تهديه إلى أخيك و ليست حجرًا تلقيه عليه فتصيبه .

 

قالالإمام الخطابي رحمه الله في شرح الحديث : " و أصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحتالعسل إذا خلصته من الشمع ، فمعنى النصيحة لله صحة الاعتقاد في وحدانيته و إخلاصالنية في عبادته ، و النصيحة لكتابه الإيمان به و العمل بما فيه ، و النصيحة لرسولهالتصديق بنبوته و بذلُ الطاعة له فيما أمر به و نهى عنه ، و النصيحة لعامة المسلمينإرشادهم إلى مصالحهم " ، و قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح : " النصيحة لأئمة المسلمينمعاونتهم على الحقّ و طاعتهم فيه و تذكيرهم به و تنبيههم في رفق و لطف و مجانبةُ الوثوبعليهم ، و الدعاء لهم بالتوفيق " .

و النصيحة هي رسالة الأنبياء ، جاءت في سورة الأعراف 4 مرات :

( قال نوح لقومه أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَ أَنْصَحُ لَكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) ، ( قال هود   أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَ أَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ) .

 

(نَاصِحٌ أَمِينٌ ) ، النصيحة تحتاج إلى الأمانة .

 

و قال شعيب : ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَ نَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ) .

 

و قال صالح : ( فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ) .

 

النصيحة صعبة و ثقيلة على الناس ، فلا تغضب إذا لم يستجيبوا لك ، و الله يقول لنبيه صلى الله عليه و سلم : ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) القصص 50 .

 

و النصيحة حق من حقوق الناس عليك ليست منا منك على أخيك المسلم ، بل هو واجب عليك      لما رواه مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ » . قِيلَ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : « إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَ إِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَ إِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَ إِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَ إِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ » . رَوَاهُ مُسلم

 

ورفع الله الحرج عن أصحاب الأعذار لكنه أمرهم بالنصيحة .

فقال تعالى : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ) التوبة 91 .

 

و النصيحة في أمور الدين و في أمور الدنيا ، و الناصح لا يخرج عن حالين : إما يأمر بمعروف و إما ينهى عن منكر .

 

فإذا نهى عن المنكر ، قد يعرض لما يكره ، قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) لقمان 17 .

 

فتدبر قوله تعالى : ( وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ اصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ) ، يدل أنَّ من ينصح الناس و ينهاهم عن المنكر  فإنه قد يصيبه أذى من الناس ، لأن طبيعة النفس الأمارة بالسوء لا تحب أن ينهاها أحد عن المنكر  فأمر الله عز وجل الناهي عن المنكر أن يصبر على ما سيصيبه من أذى .

 

 

 و انظر إلى قول ربنا جل و علا : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَأُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًاوَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) آل عمران 186.

 

فأمرَ الله أهل الدعوة و أهل النصح بالصبر و التقوى .

 

و أكثر ما يتعرض له من يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر ، ثلاثة أشياء : الجدال ، الخلاف و الهجر .

 

و بإذن الله تعالى سنخبركم بآداب الخلاف و الجدال و الهجر في بقية السلسلة حتى يستقيم الأمر و تتضح الصور .

 

 

و قد جاءت صفات أهل النصح في هذه الآية ، و هي قوله تعالى : ( وَ لَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَ لَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) ) لقمان .

 

و تصعير الخد : التكبر على الناس ، و لا ترفع صوتك و كن هادئًا ، و لا تغتر بنفسك ؛ هذه صفات أهل النصح .

 

و اعلم أخي المسلم أن أي عمل لكي ينجح و تؤجر عليه يوم القيامة ، عليك أن تخلص النية لله و لا تنتظر الأجر إلا من الله ، و أنَّك إنْ دللت إنسان على خير فلك مثل أجره بإذن الله .

 

و انظر إلى قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : و عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : « من دلعلى خير فله مثل أجر فاعله » رواه مسلم في صحيحه.

وقد أرشدنا القرآن إلى آداب و فنون النصيحة و التعامل مع الناس ، فقال تعالى : ( وَ قُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُبَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) الإسراء 53 ؛

و قال تعالى) :  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَالْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) آل عمران 159 .

 

 


فالنصيحة إنَّما تكون بالتي هي أحسن ، و تحذر من أن يدخل الشيطان بينك و بين أخيك .

و إياك و الغلظة و الفظاظة في نصحك للناس ، و إلا تركوك و انفضوا من حولك و كنت مفسدًا .

 

اعلم أخي الحبيب أنَّ الغلظة تكون في القلب ، و هي أنَّك لا تشعر بألم الناس الذين تقسو عليهم ، و لا تلتمس لهم الأعذار و لا ترحم ضعفهم ؛ و الفظاظة باللسان ، و ذلك أنْ تخاطب الناس بحدة و عنف فتنفرهم من الحق و تجعل النصيحة مر ة لا تستساغ ، فاتق الله .

و كن صالحًا مصلحًا تفلح بإذن الله .




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق