الفحش في القول ، والسباب ، والسخرية من الآخرين ، خصال ممقوتة ،تلفظها النفسو ، وتشمئز منها الطباع ، وتنأى عنها النفوس الكريمة . والمعلم يفترض فيه أنه قدوة يقتفى أثره ، ويسلك سبيله ، فإن اتصف المعلم ببعض هذه الخصال فهي نقيصة وأي نقيصة ، وإن اجتمعت في معلم فهي طامة كبرى ، لأن الطالب يتأثر بمعلمه سلباً وإيجاباً ، فإذا كان هذا حال معلمه ، فماذا نرجو من الطالب ؟ ! . وفائدة القول أن اللعن ، والفحش ، والسخرية ، تستلزم تنقيص الآخرين ، وتقتل فيهم روحهم المعنوية ، وتفسد عليهم فطرهم والسنتهم ، وتوغر صدور بعضهم على بعض . . إلى غير ذلك . هذا إلى جانب ـ وهو الأهم ـ أنها أمور مرفوضة شرعاً وصاحبها متوعد بالعقوبة .
بيان ذلك :
أ ـ السخرية :
أ- قال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(الحجرات: من الآية11) وقوله : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) بكل كلام ، وقول وفعل دال على تحقير الأخر المسلم ، فإن ذلك حرام ، لا يجوز وهو دال على إعجاب الساخر ،وهو الغالب والواقع . فإن السخرية ، لا تقع إلا من قلب مملي من مساوئ الأخلاق متحل بكل خلق ذميم ، متخل من كل خلق كريم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " بحسب امرء من الشر ، أن يحقر أخاه المسلم " . أخرجه مسلم (2564)
ب- اللعن والسباب :
1- عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " البخاري (48) ومسلم (46) وفي هذا الحديث تعظيم حق المسلم والحكم على من سبه بغير حق بالفسق .
2- عن أنس بن مالك قال : ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً ، كان يقول لاحدنا عند المعتبة : ماله ترب جبينه ) . البخاري (5669)
3- عن أبي الدرداء قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة " أخرجه مسلم (2598) . وحسبك بهذا فقيه غنية عن كثير من الآثار التي وردت في هذا الباب ، وفيه كفاية لمن أعطاه الله فهماً وعقلاً .
ت ) الفحش البذيء :
1- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس المؤمن بالطعان ، ولا اللعان ، ولا الفاحش ، ولا البذيء " . أخرجه الترمذي (1977) وصححه الألباني
الخلاصة :
1) هذه الخصال الذممة ، تتعدى آثارها إلى الغير ، فتؤثر فيه .
2) السخرية فيها تنقبص للمسخور به وإزاداء له ، وهذا جالب للعداوة
والبغضاء فكيف إن كان هذا داب المعلم .
3) اللعن خلق ذميم وصاحبه متوعد بالعقوبه إن لم يتب .
القول الفاحش ينبئ عن سوء الطوية وفساد النية .
المقال السابق
المقال التالى