تتميز التربية الإسلامية باستمرارها طيلة حياة الإنسان، ولأنها تتناسب مع عمر الإنسان، وتشمل جوانب شخصيته كان لها أشكال متعددة لا تنفصل بل تتعاون لتربي الطفل المسلم، وقبل ذلك يجب أن نذكر قاعدة جليلة أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: { رحم الله رجلاً أعان ولده على بره } ([1]) والمراد أن لا يأمر ولده بأمر يشق عليه فيجره ذلك إلى العقوق، ولذا على المربي أن يحذر من مناداة الطفل وهو مشغول بالأكل أو يحاول النوم أو وهو مستغرق في اللعب، وقد نادى بذلك بعض المفكرين ([2]) ودعا بعضهم إلى إبعاد الأشياء الثمينة القابلة للكسر ([3]) فإذا تنبه الوالدان لذلك قلت أخطاء الطفل.
للتربية خمسة أنواع على النحو التالي:
أولا التربية بالملاحظة
تُعد هذه التربية أساساً جَسَّدَهُ النبي صلى الله عليه وسلم في ملاحظته لأفراد المجتمع؛ تلك الملاحظة التي يعقبها التوجيه الرشيد، "والمقصود بالتربية بالملاحظة ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقيدي والأخلاقي، ومراقبته وملاحظته في الإعداد النفسي والاجتماعي، والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسمية وتحصيله العلمي"، وهذا يعني أن الملاحظة لا بد أن تكون شاملة لجميع جوانب الشخصية ([4]).
ويجب الحذر من أن تتحول الملاحظة إلى تجسس، فمن الخطأ أن نفتش غرفة الولد المميز ونحاسبه على هفوة نجدها، لأنه لن يثق بعد ذلك بالمربي، وسيشعر أنه شخص غير موثوق به، وقد يلجأ إلى إخفاء كثير من الأشياء عند أصدقائه أو معارفه، ولم يكن هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته لأبنائه وأصحابه.
كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد ومرافقته في كل مكان وزمان، لأن الطفل وبخاصة المميز والمراهق يحب أن تثق به وتعتمد عليه، ويحب أن يكون رقيباً على نفسه، ومسئولاً عن تصرفاته، بعيداً عن رقابة المربي، فتتاح له تلك الفرصة باعتدال.
وعند التربية بالملاحظة يجد المربي الأخطاء والتقصير وعندها لابد من المداراة التي تحقق المطلوب دون إثارة أو إساءة إلى الطفل، والمداراة هي الرفق في التعليم وفي الأمر والنهي ([5]) بل إن التجاهل أحياناً يُعد الأسلوب الأمثل في مواجهة تصرفات الطفل التي يستفز بها المربي، وبخاصة عندما يكون عمر الطفل بين السنة والنصف والسنة الثالثة حيث يميل الطفل إلى جذب الانتباه واستفزاز الوالدين والإخوة، فلا بد عندها من التجاهل، لأن إثارة الضجة قد تؤدي إلى تشبثه بذلك الخطأ ([6]) كما أنه لا بد من التسامح أحياناً لأن المحاسبة الشديدة لها أضرارها التربوية والنفسية ([7]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: كتاب الأدب، ما جاء في حق الولد على والده، 8/545، وأورده السيوطي في الجامع الصغير.
([2]) انظر: كيف نربي أطفالنا، محمود الاستانبولي، ص 52.
([3]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبره، ص 62 - 63.
([4]) انظر: تربية الأولاد في الإسلام، عبد الله ناصح علوان، 2/691 - 698.
([5]) انظر: التوجيه غير المباشر، عبد الله بن حميد، ص 23 - 24.
([6]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبره، ص 22.
([7]) انظر: كيف نربي أطفالنا، محمود الاستانبولي، ص 27.
المقال السابق
المقال التالى