المبحث الأول أصول التربية بالعادة
الأصل في التربية بالعادة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الصلاة، لأن التكرار الذي يدوم ثلاث سنوات كفيل بغرس العبادة حتى تصبح عادة راسخة في النفس، وكذلك إرشاد ابن مسعود رضي الله عنه حيث قال: "وعودوهم الخير، فإن الخير عادة" ([1]) وبهذا تكون التربية بالعادة ليست خاصة بالشعائر التعبدية وحدها، بل تشمل الآداب وأنماط السلوك ([2]).
كيفية التربية بالعادة
يبدأ تكوين العادات في سن مبكرة جداً، فالطفل في شهره السادس يبتهج بتكرار الأعمال التي تسعد من حوله، وهذا التكرار يكوّن العادة، ويظل هذا التكوين حتى السابعة ([3]) وعلى الأم أن تبتعد عن الدلال منذ ولادة الطفل، ففي اليوم الأول يحس الطفل بأنه محمول فيسكت، فإذا حمل دائماً صارت عادته، وكذلك إذا كانت الأم تسارع إلى حمله كلما بكى، ولتحذر الأم كذلك من إيقاظ الرضيع ليرضع لأنها بذلك تنغص عليه نومه وتعوده على طلب الطعام في الليل والاستيقاظ له وإن لم يكن الجوع شديداً، وقد تستمر هذه العادة حتى سن متأخرة، فيصعب عليه تركها، ويخطئ بعض المربين إذ تعجبهم بعض الكلمات المحرمة على لسان الطفل فيضحكون منها، وقد تكون كلمة نابية، وقد يفرحون بسلوك غير حميد لكونه يحصل من الطفل الصغير وهذا الإعجاب يكوّن العادة من حيث لا يشعرون.
وترجع أهمية التربية بالعادة إلى أن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين، (الأول): الطبع والفطرة، (والثاني): التعود والمجاهدة، ولما كان الإنسان مجبولاً على الدين والخلق الفاضل كان تعويده عليه يرسخه ويزيده ([4]).
ولكي نعود الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترغيب والترهيب والقدوة والمتابعة وغيرها من الوسائل التربوية ([5]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) انظر: منهج التربية النبوية، محمد نور سويد، ص 354.
([2]) انظر: منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، ص 381.
([3]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبرة ص 20.
([4]) انظر: إحياء علوم الدين، الغزالي، 3/58- 59.
([5]) انظر: منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، ص 381.
المقال السابق
المقال التالى