الهجرة إلى الحبشة
كان لعلانية الدعوة الإسلامية أن شكلت منعطفاً تاريخياً في مسارها ، إذ لاقى المسلمون الأوائل شتى أفانين العذاب وضروب الظلم ،و تعرضوا للفتنة والقتل ، فسقط منهم الشهداء ، وهم صامدون مدللين بذلك على الثبات على إيمانهم العميق الذي هيهات أن تزعزعه أية قوة غاشمة .
ومع ذلك لم يكن جميع المسلمين الأوائل على هذا المستوى والاستعداد للتضحية ، فكان هناك من لانت قناته فلم يصبر ولم يصمد أمام العذاب ، فانتزعت من شفاههم كلمات الردة عن الإسلام ، رغم إيمانهم بالرسالة ، مما جعلهم يعانون الأمرين ، مرارة الخجل والشعور بالهزيمة ، ومرارة تنكرهم للإسلام والتزامهم بدين أجدادهم ، ويتحدث المستشرق الرومانى « جيورجيو» عن الأوضاع السائدة ، قبل أتحاذ الرسول قرار هجرة المسلمين إلى الحبشة ، بقوله :
(( لم يكن إيمان بعض من أسلم مؤخراً بمستوى المسلمين الأوائل ، كما لم يكن لهم ذلك العزم الذي يجابه شدائد المشركين ، ولاسيما أن قريشاً زادت من عدائها حيث منعت الناس من بيع المسلمين والشراء منهم ، كما منعت الزواج منهم ، أو التزوج ببناتهم . ففي مكة ، كانت التجارة هي الوسيلة الوحيدة للعيش ، فعندما امتنعوا عن التعامل معهم شلوا حركتهم وهذا ما دفع بعض من أسلموا مؤخراً إلى التخلي عن إيمانهم والارتداد إلى دين أجدادهم )) 1 .
ويتحدث المستشرق الفرنسي آتيين دينيه ، عن مأساة المسلمين وآلام الرسول صلى الله عليه وسلم لفتنتهم ، وقراره الشجاع بهجرتهم إلى الحبشة ، قائلاً :
(( وامتلأت نفس الرسول حزناً ، أمام هذه المآسي التي كان يتحملها ضعاف المسلمين الذين لا يجدون من يحميهم . حقاً إن شجاعة المعذبين والشهداء في سبيل الله برهنت على إسلامهم العميق ، ولكنه رأى أن من الخير ألا يستمر هذا البلاء ، فنصح الضعفاء ومن لم تدعهم الضرورة إلى البقاء في مكة بالهجرة إلى الحبشة حيث المسيحيون ، وحيث التسامح والعدل اللذان اشتهر بهما ملكها النجاشي)) 2 .
وتدل فكرة الهجرة إلى الحبشة على ما تعانيه الحركة الإسلامية من تعثر وضغوط نفسية وآلام جسدية في أتون ذلك الصراع بين العقيدتين الوثنية والتوحيدية ، ونلخص بما يلي الأسباب المباشر لتلك الهجرة :
1- الهروب من الاضطهاد الجسدي والمعنوي والإفلات من الحصار المادي .
2- تجنيب المسلمين خطر الارتداد عن الإسلام .
3- وتذهب بعض المصادر الاستشراقية إلى الاعتقاد بأن وراء الهجرة أسباباً أخرى منها التجارة ، أو مخططاً سياسياً ، هدف الرسول من ورائه الحصول على مساعدة حربية من الأحباش. في حين يتحدث بعض المستشرقين عن ظهور انشقاق داخل أمة الإسلام الناشئة بين طائفتين متنافستين يقود كلاً منهما أبو بكر وعثمان بن مظعون ، فعمل الرسول صلى الله عليه وسلم على القضاء على الشقاق في مهده فأشار بالسفر إلى الحبشة لتأييد مخطط المحافظة على مصالح الإسلام )) 3 .
لقد كان قرار الرسول صلى الله عليه وسلم حكيماً وواقعياً لحماية المسلمين من الاضطهاد ، وحماية الحركة الإسلامية - مستبعدين الآراء الاستشراقية الأخرى - فجاء تصميمه على هجرة المسلمين وأن يبقى هو في مكة يواجه ذلك الإعصار العاتي ، يقول جيورجيو :
((وقر رأيه أخيراً على ترحيل المسلمين إلى الحبشة ، بينما يبقى هو في مكة ، متحملاً كل الأخطار . ولم يقم أي من الأنبياء السابقين بمثل هل ا التصميم)) 4.
وتوجست القيادة القرشية من هجرة المسلمين إلى الحبشة شراً مستطيراً ، فحاولت دون جدوى أن تقبض عليهم وتحول دون إبحارهم ، فثارت ثاثرتها لإفلاتهم من قبضة الكفر ، وأخذت تحسب لهذه الهجرة ألف حساب ، فاستقر رأيها على إيفاد رجلين من لدنها ها عمرو بن العاص داهية العرب وعمارة بن الوليد ليطلبا إلى النجاشي إعادة المسلمين على أنهم مارقون من الدين . وفعلاً ، تحدث سفيرا قريش مع النجاشي في مهمتهما هذه ، إلا أن دفاع المهاجر جعفر بن أبي طالب عن الإسلام بحضرة النجاشي ، كان له أثره العميق في وجدانه . ورأى بالرسالة الجديدة ديناً جديداً يعترف بالرسالات السماوية السابقة ، ويقر بوحدانية الله ، ورفض الشرك والوثنية ، وينهى عن فواحش الجاهلية ويدعو إلى مكارم الأخلاق. فكان أن رفض طلب القيادة القرشية ، ومنح المسلمين حق اللجوء ، فوجدوا بحواره أمناً ودعة .
ويتحدث الباحث الإسلامي مولانا محمد على في كتابه : « حياة محمد ورسالته » عن آثار الهجرة الإسلامية على القيادة القرشية ، بقوله :
(( وحين عاد الوفد القرشي من الحبشة بخفي حنين تخطى غيظهم كل حد، لقد واصلوا اضطهادهم المسلمين في اهتياج مضاعف . كانوا حتى ذلك الحين يشهدون صبر المسلمين على هذه المحن القاسية في دهش عظيم ، ولكن الهجرة إلى الحبشة أعطتهم برهاناً قاطعاً على أن المسلمين مستعدون لمختلف ضروب المخاطر، ولتحمل كل لون من ألوان التعذيب في سبيل عقيدتهم ، وعلى أنهم لن يحجموا عن خوض غمار المخاطر كلها في سبيل الله . وفوق هذا ، فعندما تسامع سائر المسلمين في مكة بالرعاية الكريمة التي أسبغها النجاشي على إخوانهم شخص عدد منهم في العام التالي إلى الحبشة . و تعرف هذه الهجرة بالهجرة الثانية إلى الحبشة . وبذل القرشيون قصارى جهدهم لكبح جماح هذه الهجرة ، ولكن دونما طائل )).
نقد خبر «الغرانيق»
وفي تلك الفترة المتأزمة في تاريخ مسيرة الدعوة الإسلامية ، التي شهدت هجرة المسلمين إلى الحبشة ، تحول أعظم رجلين من رجالات قريش إلى الإسلام وهما حمزة عم الرسول وعمر بن الخطاب ، فبلغ الصراع بين المشركين والمسلمين أعلى مراحل احتدامه ، وهنا ، في هذه الفترة بالذات يأتي خبر « الغرانيق العلى » ليحدث في سيرة الرسول ومسيرة الدعوة الإسلامية شرخاً ، بإيمان النبي محمد وعسيرة الإسلام .
ورغم اقتناعناً المسبق باختلاق خبر (الغرانيق العلي)، لكننا آثرنا الوقوف عنده لأنه عملياً ، أثار ضجة كبرى في الدراسات الإسلامية ، ونبهت الكثير من المستشرقين للتوقف عندها ، بل للتحقق من مدى صحتا تاريخياً لما فيها من مساس برسول الإسلام ، وشخصيته العظيمة وحقيقة الصلح المؤقت المزعوم بينه وبين الزعامة القرشية . . . ويندرج في جملة من تحدث بها على أنها حقيقة ثابتة المؤرخ الألماني كارل بروكلمان الذي ذهب به الرأي إلى أنه رغم ما يعمر قلبه صلى الله عليه وسلم من إيمان بوحدانية الله جل جلاله وبالتالي بطلان آلهة قريش ، فقد اعترف في البدء بآلهتم الغرانيق الثلاث ، اللات والعزى ومناة ، يقول :
((ولكنه على ما يظهر اعترف فى السنوات الأولى من بعثته بآلهة الكعبة الثلاث اللواتي كان مواطنوه يعتبرونها بنات الله . ولقد أشار إليهن في إحدى الآيات الموحاة إليه بقوله : " تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى " . أما بعد ذلك حين قوى شعور النبي بالوحدانية فلم يعترف بغير الملائكة شفعاء عند الله ، وجاءت السورة الثالثة والخمسون (النجم ) وفيها إنكار لأن تكون الآلهة الثلاث بنات الله . ولم يستطع التقليد المتأخر أن يعتبر ذلك التسليم إلا تحولاً أغراه به الشيطان ، ولذلك أرجئت حوادثه إلى أشد أوقات النبي ضيقاً في مكة ، ثم ما لبث أن أنكره و تبرأ منه في اليوم التالي )) 5 .
والغريب أن الباحث العسكري غلوب باشا ، قد أورد خبر (الفرايق) رغم الاتجاه العسكري لكتابه : " الفتوحات العربية الكبرى" وما يحرص عليه غالباً من الموضوعية فقد ساق الخبر نقلاً عن المستشرقين الذين سبقوه في التشكيك برسالة الإسلام ، ونحن لا نرى في ذلك بدعاً ، إذ وقع في هذا الشرك الكثير من كتاب السيرة المسلمين ورواة الأحاديث الضعيفة ، يقول :
(( وكان وجوه مكة وشيوخها يجلسون ذات يوم في العراء على مقربة من الكعبة عندما اقترب منهم محمد واقتعد مجلسه معهم ، وبعد صمت قصير بدأ النبي يتلو على مسامعهم سورة النجم ، فيحدثهم عن الوحي والتنزيل وكيف وقف الملاك جبريل على بعد خطوتين منه حدثهم عن زيارة الملاك الثانية ، عند سدرة المنتهى ، ثم مضى يتلوا قوله تعالى : " لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ (18) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَىٰ (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ (22) * " ورأى سادة قريش الرسول وهو يشهد لهذه الآلهة الثلاثة ، ثم رأوه في نهاية السورة وهو يسجد في صلاته فسجدوا معه جميعاً وأخذوا يصلون معه . ولا ريب في أن هذا الحادث يقيم الدليل على أن أهل مكة كانوا يعترفون بصورة عامة بوجود إله عظيم واحد . ولكنهم كانوا يرون أن آلهتهم المحلية هذه هي سبيل للوساطة عنده . وكانوا يقولون إنهم على استعداد لإتباع النبي في عبادة الله شريطة أن يكون على استعداد للاعتراف بدور آلهتهم الصغرى . وسرعان ما وقعت مهادنة آنية وتوقفت حملات العذاب والاضطهاد .
ولكن الرسول ما فتىء أن عاد إلى داره وشعر بضميره يعذبه ، فهل من الحق أن يهادن الشرك حتى ولو كانت غايته إنقاذ أتباعه من الاضطهاد وظهر له جبريل من جديد وأخذ يعاتبه . وأحس بالألم والخوف من الله . انه لا يرضى عن تراجعه وقرر أن يتراجع عن موقفه السابق وأن يواجه من جديد غضب قومه . وعاد إلى القوم فأكمل على مسامعهم السورة على النحو الذي يبدو في القرآن . وأثار هذا التراجع سخط أهل مكة واستفزهم فعادوا إلى اضطهاد المسلمين )) 6.
ويعتبر المستشرقون أن اعتراف الرسول صلى الله عليه وسلم بالآلهة الثلاث كان وراء هدف سياسي لكسب الأنصار في مكة والمدينة والطائف ، واستمالة عدد من زعماء قريش . . . غير أنه من الأهمية بمكان ، التأكيد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي عرف طوال عمره بروحه الكفاحية العالية التي لا تهادن لا يمكن البتة أن يعترف بتلك الآلهة ، ويقع في فخ الشرك الذي كان أساس دعواه القضاء عليه وإقامة الوحدانية . . وهذا مما يؤكد بدوره اختلاق هذا الخبر المدسوس في كتب الحديث المشهورة بضعفها وعدم ثقة رواتها .
و نرى أن نثبت هنا مارد به الباحث اللبناني الدكتور عمر فروخ في تعليقه على كتاب بروكلمان ومناقشته تمسك المبشرين بهذه الرواية ، يقول ذلك العلامة :
(( الكلام في هذا الموضوع كثير ، وجله خارج عن الحقيقة . وخلاصة الموضوع توجز في ما يلي :
" زعم توم من الرواة أن الرسول قرأ يوماً في سورة النجم ( السورة 53 ) : " أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى "( الآيات 19 _ 20 ) ثم قرأً بعدها : " تلك الغرايق العلى وان شفاعتهم لترتجى ".
وأمسك المبشرون وبعض المستشرقين بهذه الروايه وزعموا أن الرسول أنما فعل ذلك لما قاومه مشركوا مكة ، فأحب أن يقترب منهم فمدح آلهتهم ثم عدوا عمله هذا تراجعاً عن تشدده في التوحيد ومجابهة الأصنام .
ولقد وجدت أن أحسن رد على هذه الفرية ما ذكره العالم الهندى المشهور مولانا محمد على :
قال : إن هذه الرواية وردت عند الواقدى وعند الطبرى ، ومع ذلك فإنها لا ظل لها من الحقيقة ، فإن كل عمل من أعمال رسول الله مناقض لمثل هذا الاتجاه . أضف إلى ذلك أن الواقدي معروف بسرد الإسرائيليات وبسرد الخرافات . وكذلك الطبري معروف بالجمع الكثير وباستقصاء الروايات مهما كان حظها من الصحة .
على أننا لو رجعنا إلى رواية محمد بن اسحق أو إلى صحيح البخاري وهو الذي لم يغادر من حياة الرسول شيئاً إلا ذكره لم نر لقصة الغرانيق أثراً . وابن اسحق جاء قبل الواقدي بأربعين سنة وقبل الطبري بنحو مائة وخمسين سنة أو تزيد . ومع ذلك لم يذكر هذه القصة . ثم إن الواقدي معروف عند المحدثين بأنه يضع الأحاديث وأنه غير ثقة فيما يروي ، وكذلك لم يذكرها أحد من رواة الحديث .
وإذا عدنا إلى قراءة الآيات نفسها بالتسلسل وجدناها: " أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَىٰ (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَىٰ (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ (23) "
فليس من المعقول أن تحشر بين هذه الآيات المتتالية آية مناقضة لها في أصل العقيدة الإسلامية وصلب دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ))7.
وجدير بالذكر أن المفكر العربي الإسلامي محمد حسين هيكل ناقش بدوره مسألة "الغرانيق العلى" ورد على ادعاءات المستشرقين الذين اعتروها مسلمة ، وفي مقدمتهم المستشرق الإنكليزي وليم موير ، فخلص إلى القول :
(( هذه هي الحجج التي يسوقها من يقولون بصحة حديث الغرانيق وهي حجج واهية لا تقوم أمام التمحيص)) 8.
إسلام حمزة وعمر
هذا ، وإن كان خبر "الغرانيق" غير صحيح ، فالثابت أن قريشاً لم تهادن الرسول صلى الله عليه وسلم البتة ، بل كانت في هذه المرحلة التاريخية ، التي اختلق في سياقها هذا الخبر ، على أشد عنفها ومحاربتها الدعوة الإسلامية ، التي كانت تعاني صعوبات جمة ، ومع ذلك استطاعت أن تحقق نصرا كبيرا في إسلام رجلين هما من أبرز وجوه قريش وأشجع أبطالها . . وهما حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب ، وذلك في السنة السادسة للبعثة . . .
وكان لإسلام هذين الرجلين أثره البالغ على مسار الحركة الإسلامية ، إذ شجع الناس على الدخول في الإسلام ، فكان أن تحولت الدعوة للمرة الثانية للعلانية ، بعد أن اضطرت إلى السرية إبان الهجمة الشرسة ، يتحدث الباحث الإسلامي مولانا محمد على عن أثر إسلام هاتين الشخصيتين الضخمتين - حمزة وعمر- في مسار الدعوة الإسلامية بقوله :
(( وكان في إسلام عمر منعة للجماعة الإسلامية الفتية التي كان عودها ما زال أطرى من أن يواجه عاصفة المعارضة . وإنما أعز الله الإسلام بحمزة وعمر في السنة السادسة من رسالة محمد ، فحتى ذلك الحين لم يجرؤ المسلمون على ممارسة شعائرهم علناً. وكانوا قد حصروا نشاطهم الديني ضمن جدران دار الأرقم الأربعة . حتى إذا أعلن عمر إ سلامه استشعروا أنهم أمسوا من القوة بحيث يخرجون من نطاق السرية ، فأخذوا يقيمون صلواتهم على نحو علني في البيت الحرام ( الكعبة) ، وفي غضون ذلك دخل في كنف الإسلام كثير من أبناء الطبقات الدنيا )) .
النصر المرحلي في مسار الدعوة الإسلامية
كان إسلام حمزة وعمر انعطافاً في تاريخ الدعوة إذ تمكنت من كسر طوق الحصار القرشي وانتهت إلى الانتشار بين القبائل العربية المجاورة ، فحققت بذلك نصرا مرحلياً مؤقتاً ، لكن سرعان ما تحركت قريش هذه المرة بجدية اكبر، لأنها شعرت بالخطر المحدق ينمو يوماً بعد يوم ، ويشكل تهديداً حقيقياً لمصالحها الاقتصادية والسياسية ، لاسيما حين سلكت الدعوة هذه المرة سبيل التحدي وممارسة الشعائر الإسلامية علانية وأخذت تكسب أنصاراً جدداً ... يقول الباحث العسكري غلوب باشا :
(( و على الرغم من أن إسلام هذين الرجلين - حمزة وعمر - قد شجع النبي إلا أنه في الوقت نفسه حفز كبراء قريش على أن يوسعوا نشاطهم ضد الدعوة الإسلامية . وخافوا أن يؤدي اغتيالهم المسلمين من القرشيين إلى نزاعات دموية في المدينة ولا سيما مع بني هاشم )) 9.
-------------------------------------
1- ك. جيورجيو : نظرة جديدة على سيرة رسول الله ، ص 116.
2- آتيين دينيه : محمد رسول الله ، ص 145.
3- مونتجمري وات : محمد في مكة ، ص 182 – 189.
4-ك. جيورجيو ، ص 117
6- كارل بروكلمان : تاريخ الشعوب الاسلامية ، ص 34-35.
*ضيزى : جائرة .
7-جان باغوت غلوب : الفتوحات العربية الكبرى ، ص 67-69.
8-كارل بروكلمان : تاريخ الشعوب الإسلامية ، ص 35.
9- محمد حسنين هيكل : حياة محمد ، ص 162-163 (راجع دراسته القيمة في كتابه المذكور)..
11-جان باغوت غلوب : الفتوحات العربية الكبرى ، ص 70.