الحديث عن سياسة التمييز والاضطهاد الطائفي والقومي التي يمارسها النظام الايراني بحق القوميات غير الفارسية عامة و اهل السنة منهم خاصة‘ لايمكن اختزالها بمقال او مقالين وذلك بسبب سوء هذه السياسة و حجم الاثار المؤلمة التي خلفتها وماتزال تخلفها كل يوم بحق ابناء هذه الشرائح المجتمعية . ولذلك تجد المتابع مضطرا للكتابة باستمرار عن مستجدات هذه القضية التي يطغي عليها صوت الشعارات الاعلامية الخادعة التي يطلقها نظام طهران باستمرار و التي كان آخرها المظاهرات التي نظمتها مليشيا الحرس وقوات الباسيج " التعبئة " امام مبنى السفارة المصرية في طهران بحجة دعم اهالي غزة المحاصرين حيث يتهم النظام الايراني مصر بمنعه من ايصال المساعدات الى القطاع المحاصر!!.
فتحت غطاء الشعارات العاطفية التي يتأثر بها البسطاء من ابناء الامة فقد تمكن النظام الايراني من ممارسة ابشع انواع الاضطهاد والقمع ضد اهل السنة ناهيك عن تدخلاته السافرة في العديد من البلدان العربية واثارته النعرات الطائفية التي وصل بعضها حد المذابح الجماعية كما هو حاصل في العراق حيث تواصل المليشيات الطائفية الموالية لايران عمليات قتل العلماء والكفائات العلمية والثقافية السنية بطريقة مبرمجة .
وتحت غطاء المظاهرات الاخيرة التي نظمتها الاجهزة الامنية ‘ و في ظل الحملة الاعلامية الصاخبة التي تشنها وسائله الرسمية الايرانية ضد مصر والمملكة العربية السعودية و بلدان عربية اخرى بحجة الدفاع عن غزة ‘ ينوي النظام الايراني القيام بارتكاب جريمة انسانية ودينية جديدة بحق اهل السنة وذلك من خلال القيام باعدام مجموعة جديدة من العلماء والمثقفين وهدم مراكز عبادية وتعليمية لاهل السنة لتضاف الى قائمة المساجد والمدارس الدينية العديدة التي قام بهدمها او اغلالقها طوال السنوات الثلاثين الماضية ‘ و يجري كله هذا في اطار سياسة التطهير العرقي والطائفي التي يمارسها نظام طهران ضد مختلف الاقليات القومية والدينية .
فاحدث ما تم الكشف عنه في هذا الاطار هو قيام النظام الايراني بالتحضير لاعدام مجموعة من العلماء والمثقفين السنة البلوش الذين كان قد جرى اعتقالهم قبل ثلاثة اشهر و كان من بينهم العلامة الشيخ احمد ناروئي نائب رئيس مدرسة دار العلوم الاسلامة في مدينة زاهدان مركز اقليم بلوشستان ( شرق ايران ) و الذي جاء اعتقاله وصحبه عقب الحفل الذي نظمته مدرسة دار العلوم الاسلامية للمتخرجين و سمي بحفل " ختم البخاري " و كانت السلطات الايرانية رفضت اقامته وهددت باعتقال القائمين على تنظيمه و قد نفذت تهديدها بالفعل والان تهيئ الساحة لاعدام من اعتقلتهم وياتي ذلك بعد اعلان السلطات الامنية قبل نحو اسبوع من انها عثرت على جثث اربعة عشر عنصرا من مليشيات الحرس الثوري واجهزة الاستخبارات كانت حركة المقاومة الشعبية – جندالله- البلوشية قد اسرتهم في مايو آيار الماضي واعلنت استعدادها لاطلاق سراحهم انذاك مقابل الافراج عن مجموعة من علماء دين ومثقفين سنة تعتقلهم الحكومة الايرانية و وقف هدم المساجد والمدارس الدينية لاهل السنة ولكن قادة طهران رفضوا الاستجابة لطلب الحركة ونفذوا الاعدامات و واصلوا الاعتقالات وهدموا المساجد والمدارس الدينية السنية والان يسعون الى استغلال مقتل جنودهم لشن حملة اعدامات جديدة في صفوف علماء ومثقفي اهل السنة البلوش وعلى رأسهم "العلامة احمد ناروئي " احد ابرز علماء اهل السنة في ايران .
اما الجريمة الثانية التي يعتزم النظام الايراني تنفيذها عما قريب ‘ فهي هدم مسجد ومدرسة دينية للسنة في منطقة " صالح آباد " من توابع مدينة تربت جام في اقليم خراسان حيث سبق للنظام الايراني في عهد رئاسة هاشمي رفسنجاني القيام باعتقال امام المسجد و اساتذة المدرسة المذكورة والحكم عليهم بالسجن والابعاد ولكن بعد نحو خمس سنوات استطاع اهالي المنطقة من خلال المتابعة و رفع الدعاوي القانونية من استرجاع المدرسة التي كانت قد استولت عليها الاجهزة الامنية ‘ و عاد الطلبة يمارسون نشاطهم التعليمي فيها حيث كانت المدرسة تضم سنويا اكثر من خمسين طالبا وطالبة ولكن بعد مرور سبع سنوات من تلك الحادثة عادت السلطات الايرانية وامرت القائمين على المدرسة بضرورة اخلاء هذه المدرسة خلال مدة لاتتجاوز الشهر وابلغتهم بنيتها هدم المدرسة والمسجد معا كي لايعاد فتحهما مرة اخرى .
ويأتي هذا القرار الجائر بعد مضي شهر واحد على قيام السلطات الايرانية بهدم مدرسة الامام عبدالقادر الجيلاني في مدينة اسالم في محافظة جيلان شمال ايران ‘ ويجري كل هذا في اطار القرار الصادر من قبل ما يسمى بالمجلس الاعلى للثورة الثقافية الذي صدر قبل عدة اشهر و الذي تقرر فيه اخضاع جميع المدارس الدينية لاهل السنة لسلطة الحكومة واعادة تنظيم مناهجها التعليمية بما يتوافق مع سياسة النظام و اغلاق وهدم بعضها الاخر .
نحن هنا لا نطالب اياً من المنظمات الاسلامية ‘ التي طالما عرفت بثوريتها ضد انظمة وحكومات بلدانها بدعوى وحجج مختلفة ‘ من ان توجه بنادقها الى النظام الايراني ‘ و لا نطالبها بقطع علاقاتها مع هذا النظام الجائر والمعادي للاسلام والعروبة ‘ وان كان قطع العلاقات مع هكذا نظام يوجبه الشرع والمصلحة العامة ‘ الا اننا ما نطلبه من هذه الجماعات والمنظمات التي تربطها علاقات متينة بالجمهورية الايرانية ان تتحرك لصالح حماية العرب و المسلمين السنة الذين يتعرضون للاضطهاد في ايران وان تعمل على استغلال علاقاتها بنظام طهران لانقاذ العلماء والدعاة المعتقلين في السجون الايرانية وتوقف اعدام الذين يتوقع ان يتم اعدامهم بين لحظة واخرى وان تطالب حليفها بوقف حملته العدوانية على المساجد والمدارس الدينية لاهل السنة . فهذا كل ما نطلبه منها وهذا اقل ما يفترض ان تفعله .
المصدر: المصريون
المقال السابق
المقال التالى