التجار.. مفتاح الصحوة الإسلامية بمدينة صينية
صحف - إسلام أون لاين .نت
إذا كان التجار المسلمون هم السبب الرئيسي في تعريف مدينة جوانجهو الصينية - وهي مركز تجاري عالمي شهير - بالإسلام وانتشاره بها قبل أكثر من ألف عام، فإنهم يساهمون حاليا في إحياء الإسلام وترسيخه بها، بفضل انفتاحها الاقتصادي على العالم، بحسب صحيفة "الصين" اليومية.
وقال جين لي - وهو تاجر مسلم من إقليم شاندونج الصيني انتقل مؤخرا للعيش في جوانجهو - للصحيفة الصينية في عددها الصادر الثلاثاء 23-12-2008: "إن فهمي للإسلام أصبح الآن أعمق وأشمل، وذلك بفضل رحلاتي بين العديد من الدول الإسلامية المختلفة التي عرفت منها أن الإسلام ليس مقصورا على المسجد فقط، ولكنه سلوك وأسلوب حياة".
ونقلت الصحيفة عن ما كيانج، أستاذ مساعد الدراسات الدينية والإثنية بجامعة شنجهاي نورمال، قوله: "إن الأوضاع الاجتماعية للأقلية المسلمة في جوانجهو الآن تشبه تلك التي سادت المدينة إبان دخول الإسلام إلى الصين في عهد أسرة تانج الصينية الإمبراطورية (618-907م)" في إشارة إلى أن التجار المسلمين لهم دور كبير في الصحوة الإسلامية بالمدينة.
وأضاف كيانج، الذي حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة بعنوان "الأقلية المسلمة في جوانجهو": "إن القاسم المشترك بين هاتين الحقبتين هو أن المجتمعين كانا منفتحين لأي تغيرات من العالم الخارجي، وخصوصا في المجال الاقتصادي".
60 ألف مسلم
ويتراوح عدد المسلمين في المدينة بين 50 و60 ألف نسمة، بحسب تقديرات رابطة مسلمي جوانجهو، وتضم المدينة أربعة مساجد، من بينها مسجد "هوايشينح" الذي يعتقد أن الصحابي الجليل سعد ابن أبي وقاص هو الذي بناه عند مجيئه إلى المدينة لنشر الإسلام، إضافة إلى أن المدينة بها قبر يعتقد أنه لذلك الصحابي.
ويدلل وانج وينجي، نائب رئيس الرابطة، على انتشار الإسلام بصورة كبيرة قائلا: "إن عدد المسلمين الذين يؤدون صلاة الجمعة حاليا في مساجد المدينة الأربع يبلغ أكثر من 10 آلاف مصل، وهو الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى الصلاة في الطرقات والأماكن العامة".
ومتفقا معه لفت باي لين، إمام مسجد (زياودوينج يانج) بالمدينة، إلى أن "سكان هذه المدينة لم يكونوا على دراية بما نفعله في بادئ الأمر، ولكنهم الآن تعودوا على رؤية المسلمين وهم يصلون في الشوارع، وأصبحوا أكثر انفتاحا وثقافة".
التجار المسلمون
وعلى مدى السنوات الأخيرة اجتذبت جوانجهو أعدادا متزايدة من التجار المسلمين من الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا.محمد علي الجيروي، رجل أعمال يمني (39 عاما) وأحد سكان المدينة، يروي للصحيفة الصينية كيف أصبحت جوانجهو مقصدا للمسلمين قائلا: "أتيت إلى المدينة في عام 1999، ومنذ ذلك الحين وأنا عيش بها وأحبها كثيرا".
وأضاف: أنشأت شركة تجارية خاصة تعمل في تصدير قطع غيار أجهزة الهاتف المحمول والسيراميك وإطارات السيارات وقطع غيارها ومواد التجميل إلى الكثير من الدول العربية".
عبد الباقي العطواني، يمني (38 عاما)، أيضا سافر إلى جوانجهو حينما كان طالبا في الخامسة عشرة من عمره، وبدأ في العمل بالأنشطة التجارية بين الدول العربية والصين، بحسب الصحيفة ذاتها.
وقال العطواني الذي يمتلك أحد المطاعم ويتحدث الصينية بطلاقة: "أحب جوانجهو كثيرا، فهي مكان رائع للتجارة والحياة معا".
مطاعم "حلال"
ويوجد بالمدينة عدد من مطاعم "الحلال" التي تقدم الأطعمة المسموح بها شرعا، وكذلك اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية.
وتقدم الكثير من المراكز التجارية في المدينة جميع البضائع الإسلامية، من ملبس ومصاحف وأغراض يومية.
ويقول فانج جيانجوا، صاحب محل في مركز التجارة العالمي بمنطقة هونغاي بالمدينة: "لولا هؤلاء التجار المسلمون الأجانب لكان الكثير منا عاطلا اليوم، وحينما يأتي وقت الصلاة فإنهم يصلون معنا في محل العمل، وكثيرا ما أحضر لهم ورقا مقوى حتى يسجدوا عليه".
وتقول السجلات التاريخية بالصين إن الإسلام دخل البلاد في عهد أسرة تانج الإمبراطورية (618-907م)، وانتشر أكثر في فترة أسرة سونج الشمالية (960-1127)، وهو زمن الخلافة العباسية العربية.
وكانت أول بعثة إسلامية وفدت على الصين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت تتألف من ثلاثة أشخاص، توفي منهم اثنان، أما الثالث فقد أسس أول مسجد في الصين وعرف بمسجد الذكرى.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين في الصين يصل إلى نحو 50 مليونا في دولة عدد سكانها مليار و200 مليون، في حين تقول مصادر مسلمة في الصين: إن العدد يصل إلى 100 مليون.