عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

التميز المهني.. دعوة مسلمات المجر (مقابلة)

هاني صلاح

image
كلارا أنور خلال دورة حول "شخصية المسلم" بالمجر
في الثلاثينيات من عمرها.. إلا أنها قد أضحت نموذجا له صداه الدعوي في المجتمع المجري، خاصة بعد أن شغلت منصب مستشار أول في الهيئة العامة للإحصاء، وهو ما جعلها تؤكد أن "التميز المهني من أهم الوسائل الدعوية للمرأة المسلمة في الغرب".

وفي حوار خاص مع "إسلام أون لاين.نت" أضافت الداعية المجرية كلارا أنور: "أعتقد أن محاضرة علمية تلقيها الداعية المسلمة في مجال تخصصها المهني بمستوى عال من الحرفية يكون لها من الأثر على المجتمع الغربي ما يفوق كثيرا أثر الندوات الدينية والدعوية المباشرة".

 

 

وتابعت موضحة: "فمن خلال تفوقها العلمي والمهني تعكس الداعية صورة إيجابية للمرأة المسلمة، مدحضة بذلك ما تثيره وسائل الإعلام الغربية من شبهات حول وضع المرأة في الإسلام". وأشارت كلارا التي مثلت المجر في عدة فعاليات للهيئة الأوروبيةللإحصاء والبنك المركزي الأوروبي إلى أنها كثيرا ما تبقى بعد ساعات الدوام إذا تطلب العمل ذلك؛ حرصا على إعطاء صورة حسنة للمسلمة العاملة.وعلى المستوى الدعوي لفتت كلارا،التي تشغل منصب رئيسة اللجنة النسائية بهيئة مسلمي المجر، فضلا عن عضويتها بمجلس أمناء التجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين إلى أهمية الانتباه إلى ضوابط الحوار مع الآخر المختلف عقائديا.

 

واستشهدت في هذا السياق بأول محاضرة لها في مؤتمر لحوار الأديان وكانت عن حقوق المرأة: "رحت أعدد المزايا التي منحها الإسلام للمرأة مقابل ما سلبها إياه أتباع بعض المعتقدات الأخرى، خاصة مسيحيي أوروبا في القرون الوسطى، وكان من بين المشاركين مستشرقون وقساوسة، فقال لي أحدهم بعد أن انتهيت: لقد أظهرت جواهر الإسلام، وهنا أدركت أهمية الحفاظ على مشاعر الآخرين خلال قيامنا بعملنا الدعوي".

 

 

وذكرت كلارا بعض العقبات التي قد تعيق أداء المسلمة الدعوي في المجر قائلة: "من أبرز المعيقات غياب المؤهل الديني الصادر عن هيئة تعليمية معترف بها من السلطات الأوروبية المعنية، وضيق الوقت وخاصة بالنسبة للمسلمات العاملات، وندرة مصادر تمويل الأنشطة الدعوية؛ ما يدفع الداعية للإنفاق على أنشطتها من مالها الخاص".

 

وتنوعت تفاصيل الحوار مع كلارا حول تجربتها الدعوية.. فإلى التفاصيل

* للأسرة أثرها العميق في تكوين الداعية.. فكيف كانت نشأتكم الأولى؟

- نشأت في أسرة تهتم بالعلم؛ فوالدي المصري الجنسية أستاذ بجامعة بودابست للعلوم الاقتصادية، ووالدتي المجرية تدرس في برامج رفع المستوى، لذا أحببت منذ الصغر أنا وإخوتي الدراسة والتحصيل العلمي، واجتهدنا في السير على خطى والدنا الذي كان يشجعنا قائلا: "العلم سلاح المستقبل".

وبالفعل حصلت أختي الكبرى على الدكتوراه، بينما أخي التوأم أصبح طبيب أعصاب، بينما أنا بفضل الله تعالى حصلت على الماجستير في تخصصي العلمي وأعمل حالياً على الدكتوراه؛ و كذلك أعد ماجستير آخر في التخصص الشرعي. 

 

 

* ومتى بدأ اهتمامكم بالبحث في الإسلام؟

- غرس والديّ في قلبي حب الدين منذ الصغر، وعندما كان عمري ما بين 16 و18 سنة عكفت مع أخي التوأم د.أيمن على دراسة قضية التوحيد بالتفصيل؛ حتى وصلنا لقناعة تامة بأن ديننا هو الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه، وفي سن الـ19 بدأت التردد على المركز الإسلامي بالمجر، وكنت وإخوتي من أنشط الطلاب به.

 

 

* ومتى قررت ارتداء الحجاب؟

- بعد أن بدأت معارفي الدينية تزيد، وكذلك حفظي للقرآن، لم أعد أحتمل بقائي بلا حجاب، وكنت كلما أصلي وأقرأ الفاتحة وأقول لرب العالمين: إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم؛ أعاتب نفسي.. كيف أسأل الله الهدى وأستعين به وأنا لم أنفذ ما أمر به؟!.

اجتهدت في إقناع أبي إلا أنه كان يخشى عليّ من أن أصبح ضحية للهجمات التي استهدفت المسلمات في الدول الغربية بعد أحداث 11 سبتمبر بصورة كبيرة، ولكني أصررت على رأيي حتى أقنعته، والحمد لله لم يصبني أذى، إلا أنني كنت أستقل تراما ذات مرة بعد ارتدائي الحجاب وسمعت أحدهم يقول لآخر وهو يشير نحوي: "تعال نبتعد من هنا حتى لا تفجر نفسها فينا".

 

 

لقد أثرت أحداث 11سبتمبر سلبا على أوضاع المسلمات في أوروبا؛ حيث باتت أكثر المحجبات بلا عمل، وأشدد هنا أنه على المسلمات اللاتي يعشن في أوروبا التدرج في تطبيق الأمور الشرعية التي لا يألفها المجتمع الغربي، حتى يتقبلها الناس في هذا المجتمع؛ وهذا ما فرضته علينا الشعائر الدينية في بداية الدعوة.

 

 

* تخرجت من كلية التجارة الخارجية عام 1998م.. وتشغلين حاليا منصب مستشار أول بالهيئة العامة للإحصاء بالمجر.. فكيف أثر تخصصكم الوظيفي في دعوتكم؟

- مجال تخصصي في هيئة الإحصاء هو حساب الناتج المحلي الإجمالي(gdp) الذي يعد مؤشرا لنمو الدولة الاقتصادي، وأنا مسئولة عن بناء النظام الحسابي في هذا المجال.

وأرى أن العمل المهني للمرأة المسلمة هو أهم مجالاتها الدعوية؛ حيث تصبح معاملاتها وتفوقها المهني بمثابة تجسيد لدعوتها فخيرالناس عند الله أنفعهم للناس كما قال النبي (صلي الله عليه وسلم) ، ولذلك حينما أقوم بإلقاء محاضرة في موضوع إحصائي أو اقتصادي وأنا محجبة؛ أجد لذلك تأثيرا إيجابيا ودعويا كبيرا على الحاضرين.

 

 

* كيف ينظر المجتمع الغربي للمرأة المسلمة؟ وما هي أدواتها للتأثير فيه دعويا برأيك؟

- المرأة المسلمة بخلقها ومعاملتها تعكس صورة الإسلام في المجتمع المجري؛ وهذا يفرض عليها أن تكون قدوة حسنة للآخرين، كما أن عليها دورا في الحقوق التي كرمها بها الإسلام؛ لأن الإعلام بصفة عامة والغربي بشكل خاص يعطي صورة غير صحيحة عن المرأة المسلمة.

والمجتمع المجري متأثر بما يطرح في وسائل الإعلام؛ لذا وجب على المرأة المسلمة تصحيح هذه الصورة الخاطئة ليس فقط عبر إلقاء المحاضرات الدينية في الندوات والمؤتمرات الإسلامية؛ بل من خلال تميزها المهني وخدمتها للمجتمع الذي تعيش فيه أيضا، فمحاضرة علمية تلقيها الداعية المسلمة في مجال تخصصها المهني بمستوى عال من الحرفية يكون له من الأثر على المجتمع الغربي ما يفوق كثيرا أثر الندوات الدينية والدعوية المباشرة.

 

 

* في رأيك هل الأنسب للداعية المسلمة بالغرب الدعوة بشكل فردي أم من خلال مؤسسة دعوية؟

- الاثنان معا.. فالعمل الدعوي لا يؤتي ثماره إلا بالأداء الجماعي، وكذلك للدعوة الفردية أهميتها أيضا؛ حيث تعكس المرأة المسلمة بمعاملتها وزيها الإسلامي صورة الإسلام في المجتمع الغربي المتأثر بالدعاية السلبية.

 

 

* وكيف يتجلى ذلك في عملكم الدعوي بهيئة مسلمي المجر؟

- أمثل النساء في اللجنة التنفيذية للهيئة، وللقسم النسائي دور هام جدا في تأهيل وتربية الفتيات المسلمات من سن 12 إلى 18 عاما، كما أشارك في إلقاء محاضرات وعقد دورات دراسية للنساء والفتيات حسب المنهج السنوي العام المعتمد بالهيئة، وأقوم بإلقاء محاضرات دينية كل يوم سبت بالمركز الثقافي الإسلامي التابع للهيئة بالعاصمة بودابست، وهي موجهة للناطقات باللغة المجرية.

كما أشارك في تأليف الكتب والنشرات الدينية باللغة المجرية، ومن بينها بحث عن الروح؛ لأكاديمية العلوم المجرية، وإصدارات حول حقوق الإنسان في الإسلام وتعريف الإسلام.

 

 

* هذا مع المسلمين فماذا بشأن حواركم مع غير المسلمين؟

- لا شك أن من أهم آليات نشر الدعوة؛ الحوار مع الآخر، وعقد الندوات والمؤتمرات المشتركة.. وهناك مستويات عدة من "حوار الأديان" نشارك فيها مثل:مؤتمرات الحوار بين الأديان، وعقدت الهيئة إحدى هذه المؤتمرات خلال العام الحالي، وشاركت فيه بما يسمى بـ"الموضوعات المتوازية" وهو عبارة عن محاضرتين في موضوع واحد إحداهما من محاضر مسلم والأخرى من محاضر مسيحي، ثم تتبع المحاضرتين مناقشات إيجابية من كلا الطرفين. وهناك لقاء شهري أشارك فيه ويجمع كافة ممثلي الأديان العاملة في المجر لمناقشة الموضوعات الدينية المقترحة من الجميع، وهناك موقع خاص على شبكة الإنترنت ينشر ما انبثق عن هذه النقاشات.كما يوجد نوع ثالث من "حوار الأديان" نشترك فيه مع الدولة؛ حيث يتم تعاون بيننا وبينهم لتحقيق أهداف اجتماعية سامية مثل محاربة إدمان المخدرات.

 

* خلال تجربتك الدعوية هل أثر فيك موقف بعينه؟

- نعم.. أول محاضرة لي بمؤتمر حول حوار الأديان وكانت بعنوان: "المرأة في الإسلام"، وحضرها عدد كبير من المستشرقين والقساوسة، وتحدثت خلالها عن حقوق المرأة في الإسلام مقارنة بوضعها في أوروبا القرون الوسطى، مستشهدة بآراء شخصيات مرموقة من تلك العصور، وبعد المحاضرة علق أحد القساوسة قائلا: " لقد أظهرت جواهر الإسلام وزبالة الديانات الأخرى".استفدت من هذا الموقف كثيرا؛ حيث حرصت في كل خطواتي الدعوية فيما بعد ألا أجرح مشاعر الآخرين عملا بقول الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى}.

 

 

* ما هي العقبات التي قد تعيق العمل الدعوي للمسلمات في المجر برأيك؟

- افتقاد معظم الداعيات لمؤهل ديني معترف به من جهة أوروبية معنية يمكنهم من ممارسة الدعوة في المجتمع الأوروبي بشكل رسمي، رغم امتلاك معظمهن للمعرفة الدينية، فضلا عن ضيق الوقت، خاصة بالنسبة للعاملات منهن، وكذلك ندرة المصادر المالية لتمويل الأنشطة الدعوية؛ ما يدفع الداعية للإنفاق على نشاطها الدعوي بنفسها.

* باعتبارك واحدة من هؤلاء الداعيات كيف توفقين بين مهامك الدعوية ومسئولياتك الأخرى؟

- أولا كل شيء بتيسير الله، ثانيا إخلاص النية، وأخيرا ترتيب الوقت جيدا؛ حيث أستيقظ قبل الفجر لقيام الليل، ثم أقرأ ما تيسر من القرآن، وأكون في عملي في الثامنة صباحا، وأستثمر راحة الغداء ظهرا في شراء بعض المستلزمات الضرورية للأنشطة الدعوية، ثم أواصل عملي حتى الرابعة والنصف، وإذا تطلب العمل البقاء بعد فترة الدوام أبقى؛ حرصا على إعطاء صورة حسنة للمسلمة العاملة.بعد العمل أقوم بأداء الأنشطة الدعوية المختلفة، ثم أذهب إلى البيت، وأجلس لبعض الوقت مع والديّ، وبالنسبة للدراسة أوفر إجازاتي من العمل لأوقات الامتحانات.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق