يقول "جان باغوت غلوب":
"وكان انتصار المسلمين [على هوازن] في حنين كاملاً، حتى أنهم كسبوا غنائم كثيرة بين أعداد وفيرة من الإبل والغنم ، كما أسروا عدداً ضخماً من الأسرى معظمهم من نساء هوازن وأطفالها ، وعندما عاد النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ عن الطائف دون أن يتمكن من فتحها شرع يقسم الغنائم والأسلاب بين رجاله . ووصل إليه وفد من هوازن المهزومة المغلوبة على أمرها يرجوه إطلاق سراح النسوة والأطفال من الأسرى، وسرعان ما لبى النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ الطلب بما عرف عنه من دماثة و تسامح ، فلقد كان ينشد من جديد في ذروة انتصاره أن يكسب الناس أكثر من نشدانه عقابهم وقصاصهم" [1] .
لقد تأثر مالك بن عوف زعيم هوازن المهزومة بهذا العفو الكريم والخلق العظيم من محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، بعدما أطلق له كل الأسرى من قومه..
فجادت قريحته لمدح النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، فأخذ ينشد فاصلاً من الشعر، يشكر فيه رسول الله ~ صلى الله عليه و سلم ~
فقال مالك :
فِي النّاسِ كُلّهُمُ بِمِثْلِ مُحَمّدِ
|
|
مَا إنْ رَأَيْت وَلَا سَمِعْت بِمِثْلِهِ
|
وَمَتَى تَشَأْ يُخْبِرْك عَمّا فِي غَــدٍ |
|
أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذَا اُجْتُدِيَ
|
بِالسّمْهَرِيّ وَضَرْبِ كُلّ مُهَــنّدِ |
|
إذَا الْكَتِيبَةُ عَرّدَتْ[2] أَنْيَابَهَا
|
وَسْطَ الْهَبَاءَةِ[3] خَادِرٌ [4] فِيمرصد[5]
|
|
فَكَأَنّهُ لَيْثٌ عَلَى أَشْبَالِهِ
|
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] جان باغوت غلوب : الفتوحات العربية الكبرى، ص 157- 158.
[2]عردت: اشتدت وضربت، القاموس المحيط (1/313).
[3] الهباءة: غبار الحرب, مختار الصحاح، ص689.
[4]الخادر: المقيم في عرينه، والخدر ستر يمد للجارية من ناحية البيت.
[5] انظر: ابن هشام : السيرة النبوية (4/144).، والبيهقي : دلائل النبوة ( 5/ 270)،برقم 5440، وعلي محمد الصلابي : السيرة النبوية، ص 405، 406،
المقال السابق
المقال التالى