عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل في حكمه في بيع عسب الفحل وضرابه


في صحيح البخاري عن ابن عمر أن النبي نهى عن عسب الفحل وفي صحيح مسلم عن جابر أن النبي نهى عن بيع ضراب الفحل وهذا الثاني تفسير للأول أجرة ضرابه بيعا إما لكون   هو الماء الذي له فالثمن مبذول في مقابلة عين مائه وهو حقيقة البيع وإما سمى إجارته لذلك بيعا إذ هي عقد معاوضة وهي بيع المنافع والعادة أنهم يستأجرون للضراب وهذا هو الذي نهي عنه والعقد الوارد عليه باطل سواء كان بيعا أو وهذا قول جمهور العلماء منهم أحمد والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وقال أبو الوفاء بن عقيل ويحتمل عندي الجواز لأنه عقد على منافع الفحل ونزوه على وهي منفعة مقصودة وماء الفحل يدخل تبعا والغالب حصوله عقيب نزوه فيكون على الظئر ليحصل اللبن في بطن الصبي وكما لو استأجر أرضا وفيها بئر ماء فإن يدخل تبعا وقد يغتفر في الأتباع ما لا يغتفر في المتبوعات وأما مالك فحكي عنه جوازه والذي ذكره أصحابه التفصيل فقال صاحب الجواهر في باب العقد من جهة نهي الشارع ومنها بيع عسب الفحل ويحمل النهي فيه على استئجار على لقاح الأنثى وهو فاسد لأنه غير مقدور على تسليمه فأما أن يستأجره على أن عليه دفعات معلومة فذلك جائز إذ هو أمد معلوم في نفسه ومقدور على تسليمه والصحيح تحريمه مطلقا وفساد العقد به على كل حال ويحرم

 

 


الآخر أخذ أجرة ضرابه ولا يحرم على المعطي لأنه بذل ماله في تحصيل مباح يحتاج ولا يمنع من هذا كما في كسب الحجام وأجرة الكساح والنبي نهى عما يعتادونه استئجار الفحل للضراب وسمى ذلك بيع عسبه فلا يجوز حمل كلامه على غير الواقع وإخلاء الواقع من البيان مع أنه الذي قصد بالنهي ومن المعلوم أنه ليس غرض صحيح في نزو الفحل على الأنثى الذي له دفعات معلومة وإنما غرضه نتيجة وثمرته ولأجله بذل ماله وقد علل التحريم بعدة علل إحداها أنه لا يقدر على تسليم المعقود عليه فأشبه إجارة الآبق فإن ذلك متعلق الفحل وشهوته الثانية أن المقصود هو الماء وهو مما لا يجوز إفراده بالعقد فإنه مجهول القدر وهذا بخلاف إجارة الظئر فإنها احتملت بمصلحة الآدمي فلا يقاس عليها غيرها يقال والله أعلم إن النهي عن ذلك من محاسن الشريعة وكمالها فإن مقابلة ماء بالأثمان وجعله محلا لعقود المعاوضات مما هو مستقبح ومستهجن عند العقلاء ذلك عندهم ساقط من أعينهم في أنفسهم وقد جعل الله سبحانه فطر عباده لا سيما ميزانا للحسن والقبيح فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه قبيحا فهو عند الله قبيح ويزيد هذا بيانا أن ماء الفحل لا قيمة له ولا هو مما يعاوض عليه ولهذا لو نزا فحل على رمكة غيره فأولدها فالولد لصاحب الرمكة اتفاقا لأنه لم ينفصل عن الفحل مجرد الماء وهو لا قيمة له  في هذه الشريعة الكاملة المعاوضة على ضرابه ليتناوله الناس بينهم مجانا لما فيه تكثير النسل المحتاج إليه من غير إضرار بصاحب الفحل ولا نقصان من ماله فمن الشريعة إيجاب بذل هذا مجانا كما قال النبي إن من حقها إطراق فحلها وإعارة فهذه حقوق يضر بالناس منعها إلا بالمعاوضة فأوجبت الشريعة بذلها مجانا

 

 

 

 فإن قيل فإذا أهدى صاحب الأنثى إلى صاحب الفحل هدية أو ساق إليه كرامة فهل له قيل إن كان ذلك على وجه المعاوضة والإشتراط في الباطن لم يحل له أخذه وإن لم كذلك فلا بأس به قال أصحاب أحمد والشافعي وإن أعطى صاحب الفحل هدية أو كرامة غير إجارة جاز واحتج أصحابنا بحديث روي عن أنس رضي الله عنه عن النبي أنه قال كان إكراما فلا بأس ذكره صاحب المغني ولا أعرف حال هذا الحديث ولا من خرجه وقد أحمد في رواية ابن القاسم على خلافه فقيل له ألا يكون مثل الحجام يعطى وإن كان عنه فقال لم يبلغنا أن النبي أعطى في مثل هذا شيئا كما بلغنا في الحجام واختلف أصحابنا في حمل كلام أحمد رحمه الله على ظاهره أو تأويله فحمله القاضي على وقال هذا مقتضى النظر لكن ترك مقتضاه في الحجام فبقي فيما عداه على مقتضى وقال أبو محمد في المغني كلام أحمد يحمل على الورع لا على التحريم والجواز بالناس وأوفق للقياس

 

 


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق