عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
حكم رسول الله في قول الرجل لامرأته الحقي بأهلك


ثبت في صحيح البخاري أن ابنة الجون لما دخلت على رسول الله ودنا منها قالت أعوذ منك فقال عذت بعظيم الحقي


وثبت في الصحيحين أن كعب بن مالك رضي الله عنه لما أتاه رسول الله يأمره يعتزل امرأته قال لها الحقي بأهلك فاختلف الناس في هذا فقالت طائفة ليس هذا بطلاق ولا يقع به الطلاق نواه أو لم ينوه قول أهل الظاهر قالوا والنبي لم يكن عقد على ابنة الجون وإنما أرسل إليها قالوا ويدل على ذلك ما في صحيح البخاري من حديث حمزة بن أبي أسيد عن أبيه كان مع رسول الله وقد أتي بالجونية فأنزلت في بيت أميمة بنت النعمان بن في نخل ومعها دابتها فدخل عليها رسول الله فقال هبي لي نفسك فقالت وهل الملكة نفسها للسوقة فأهوى ليضع يده عليها لتسكن فقال أعوذ بالله منك فقال قد بمعاذ ثم خرج فقال يا أبا أسيد اكسها رازقيين وألحقها بأهلها وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد قال ذكرت لرسول الله امرأة من العرب فأمر أبا أسيد يرسل إليها فأرسل إليها   فنزلت في أجم بني ساعدة فخرج رسول الله حتى جاءها فدخل عليها فإذاامرأة رأسها فلما كلمها قالت أعوذ بالله منك قال قد أعذتك مني فقالوا لها أتدرين هذا قالت لا قالوا هذا رسول الله جاءك ليخطبك قالت أنا كنت أشقى من ذلك قالوا وهذه كلها أخبار عن قصة واحدة في امرأة واحدة في مقام واحد وهي صريحة أن الله لم يكن تزوجها بعد وإنما دخل عليها ليخطبها

 

 وقال الجمهور منهم الأئمة الأربعة وغيرهم بل هذا من ألفاظ الطلاق إذا نوى به وقد ثبت في صحيح البخاري أن أبانا إسماعيل بن إبراهيم طلق به امرأته لما لها إبراهيم مريه فليغير عتبة بابه فقال لها أنت العتبة وقد أمرني أن أفارقك بأهلك وحديث عائشة كالصريح في أنه كان عقد عليها فإنها قالت لما أدخلت فهذا دخول الزوج بأهله ويؤكده قولها ودنا منها وأما حديث أبي أسيد فغاية ما فيه قوله هبي لي نفسك وهذا لا يدل على أنه لم يتقدم لها وجاز أن يكون هذا استدعاء منه للدخول لا للعقد وأما حديث سهل بن سعد فهو أصرحها في أنه لم يكن وجد عقد   فيه أنه لما جاء إليها قالوا هذا رسول الله جاء ليخطبك والظاهر أنها هي لأن سهلا قال في حديثه فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها فأرسل إليها فالقصة دارت على عائشة رضي الله عنها وأبي أسيد وسهل وكل منهم رواها وألفاظهم فيها ويبقى التعارض بين قوله جاء ليخطبك وبين قوله فلما دخل عليها ودنا منها أن يكون أحد اللفظين وهما أو الدخول ليس دخول الرجل على امرأته بل الدخول وهذا محتمل

 

 


وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة إسماعيل صريح ولم يزل هذا اللفظ من الألفاظ يطلق بها في الجاهلية والإسلام ولم يغيره النبي بل أقرهم عليه وقد أوقع رسول الله الطلاق وهم القدوة بأنت حرام وأمرك بيدك واختاري ووهبتك لأهلك خلية وقد خلوت مني وأنت برية وقد أبرأتك وأنت مبرأة وحبلك على غاربك وأنت فقال علي وابن عمر الخلية ثلاث وقال عمر واحدة وهو أحق بها وفرق معاوية بين وامرأته قال لها إن خرجت فأنت خلية وقال علي وابن عمر رضي الله عنهما وزيد في إنها ثلاث وقال عمر رضي الله عنه هي واحدة وهو أحق بها وقال علي في الحرج ثلاث وقال عمر واحدة وقد تقدم ذكر أقوالهم في أمرك بيدك وأنت حرام والله سبحانه ذكر الطلاق ولم يعين له لفظا فعلم أنه رد الناس إلى ما يتعارفونه فأي لفظ جرى عرفهم به وقع به الطلاق مع النية والألفاظ لا تراد لعينها بل للدلالة على مقاصد لافظها فإذا تكلم بلفظ دال على وقصد به ذلك المعنى ترتب عليه حكمه   يقع الطلاق من العجمي والتركي والهندي بألسنتهم بل لو طلق أحدهم بصريح بالعربية ولم يفهم معناه لم يقع به شيء قطعا فإنه تكلم بما لا يفهم معناه قصده وقد دل حديث كعب بن مالك على أن الطلاق لا يقع بهذا اللفظ وأمثاله إلا والصواب أن ذلك جار في سائر الألفاظ صريحها وكنايتها ولا فرق بين ألفاظ العتق فلو قال غلامي غلام حر لا يأتي الفواحش أو أمتي أمة حرة لا تبغي الفجور يخطر بباله العتق ولا نواه لم يعتق بذلك قطعا وكذلك لو كانت معه امرأته في فافترقا فقيل له أين امرأتك فقال فارقتها أو سرح شعرها وقال سرحتها ولم يرد لم تطلق

 

 

 

كذلك إذا ضربها الطلق وقال لغيره إخبارا عنها بذلك إنها طالق لم بذلك وكذلك إذا كانت المرأة في وثاق فأطلقت منه فقال لها أنت طالق وأراد من هذا كله مذهب مالك وأحمد في بعض هذه الصور وبعضها نظير ما نص عليه ولا يقع به حتى ينويه ويأتي بلفظ دال عليه فلو انفرد أحد الأمرين عن الآخر لم يقع ولا العتاق وتقسيم الألفاظ إلى صريح وكناية وإن كان تقسيما صحيحا في أصل لكن يختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة فليس حكما ثابتا للفظ لذاته لفظ صريح عند قوم كناية عند آخرين أو صريح في زمان أو مكان كناية في غير ذلك والمكان والواقع شاهد بذلك فهذا لفظ السراح لا يكاد أحد يستعمله في الطلاق صريحا ولا كناية فلا يسوغ أن يقال إن من تكلم به لزمه طلاق امرأته نواه أو لم ويدعي أنه ثبت له عرف الشرع والإستعمال فإن هذه دعوة باطلة شرعا واستعمالا الإستعمال   يكاد أحد يطلق به ألبتة وأما الشرع فقد استعمله في غير الطلاق كقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) (الأحزاب:49) فهذا السراح غير قطعا وكذلك الفراق استعمله الشرع في غير الطلاق كقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) (الطلاق: من الآية1) إلى قوله (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن أو فارقوهن بمعروف ) الطلاق 2 فالإمساك هنا الرجعة والمفارقة ترك الرجعة لا طلقة ثانية هذا مما لا خلاف فيه ألبتة فلا يجوز أن يقال إن من تكلم به طلقت فهم معناه أو لم يفهم وكلاهما في البطلان سواء وبالله التوفيق

 

 


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق