عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
ذكر الأجوبة عن هذه المطاعن وبيان بطلانها


وحاصلها أربعة أحدها أن راويتها امرأة لم تأت بشاهدين يتابعانها على حديثها

الثاني أن روايتها تضمنت مخالفة القرآن الثالث أن خروجها من المنزل لم يكن لأنه لا حق لها في السكنى بل لأذاها أهل زوجها الرابع معارضة روايتها برواية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب   نبين ما في كل واحد من هذه الأمور الأربعة بحول الله وقوته هذا مع أن في من الإنقطاع وفي بعضها من الضعف وفي بعضها من البطلان ما سننبه عليه وبعضها عمن نسب إليه بلا شك فأما المطعن الأول وهو كون الراوي امرأة فمطعن باطل بلا شك والعلماء قاطبة على والمحتج بهذا من أتباع الأئمة أول مبطل له ومخالف له فإنهم لا يختلفون في السنن تؤخذ عن المرأة كما تؤخذ عن الرجل هذا وكم من سنة تلقاها الأئمة بالقبول عن واحدة من الصحابة وهذه مسانيد نساء الصحابة بأيدي الناس لا تشاء أن ترى فيها تفردت بها امرأة منهن إلا رأيتها فما ذنب فاطمة بنت قيس دون نساء العالمين وقد الناس بحديث فريعة بنت مالك بن سنان أخت أبي سعيد في اعتداد المتوفى عنها في بيت وليست فاطمة بدونها علما وجلالة وثقة وأمانة بل هي أفقه منها بلا شك فإن لا تعرف إلا في هذا الخبر

 

 

 

 وأما شهرة فاطمة ودعاؤها من نازعها من الصحابة إلى الله ومناظرتها على ذلك فأمر مشهور وكانت أسعد بهذه المناظرة ممن خالفها كما تقريره وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختلفون في الشيء فتروي لهم إحدى أمهات عن النبي شيئا فيأخذون به ويرجعون إليه ويتركون ما عندهم له وإنما فضلن فاطمة بنت قيس بكونهن أزواج رسول الله وإلا فهي من المهاجرات الأول وقد رسول الله لحبه  حبه أسامة بن زيد وكان الذي خطبها له وإذا شئت أن تعرف مقدار حفظها وعلمها من حديث الدجال الطويل الذي حدث به رسول الله على المنبر فوعته فاطمة وأدته كما سمعته ولم ينكره عليها أحد مع طوله وغرابته فكيف بقصة جرت لها سببها وخاصمت فيها وحكم فيها بكلمتين وهي لا نفقة ولا سكنى والعادة توجب حفظ هذا وذكره واحتمال النسيان فيه أمر مشترك بينها وبين من أنكر عليها فهذا عمر نسي تيمم الجنب وذكره عمار بن ياسر أمر رسول الله لهما بالتيمم من الجنابة يذكره عمر رضي الله عنه وأقام على أن الجنب لا يصلي حتى يجد الماء ونسي قوله تعالى ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (النساء:20) النساء 20 حتى ذكرته به امرأة فرجع إلى قولها ونسي قوله (إنك ميت وإنهم ميتون ) الزمر 30 حتى ذكر به

 

 

فإن كان جواز النسيان على يوجب سقوط روايته سقطت رواية عمر التي عارضتم بها خبر فاطمة وإن كان لا سقوط روايته بطلت المعارضة بذلك فهي باطلة على التقديرين ولو ردت السنن بمثل لم يبق بأيدي الأمة منها إلا اليسير ثم كيف   خبر فاطمة ويطعن فيه بمثل هذا من يرى قبول خبر الواحد العدل ولا يشترط نصابا وعمر رضي الله عنه أصابه في مثل هذا ما أصابه في رد خبر أبي موسى في حتى شهد له أبو سعيد ورد خبر المغيرة بن شعبة في إملاص المرأة حتى شهد محمد بن مسلمة وهذا كان تثبيتا منه رضي الله عنه حتى لا يركب الناس الصعب في الرواية عن رسول الله وإلا فقد قبل خبر الضحاك بن سفيان الكلابي وحده أعرابي وقبل لعائشة رضي الله عنها عدة أخبار تفردت بها وبالجملة فلا يقول أحد لا يقبل قول الراوي الثقة العدل حتى يشهد له شاهدان لا سيما إن كان من الصحابة

 

 


فصل


وأما المطعن الثاني وهو أن روايتها مخالفة للقرآن فنجيب بجوابين مجمل ومفصل أما فنقول لو كانت مخالفة كما ذكرتم لكانت مخالفة لعمومه فتكون تخصيصا للعام حكم تخصيص قوله ( يوصيكم الله في أولادكم ) النساء 11 بالكافر والرقيق وتخصيص قوله ( وأحل لكم ما وراء ذلكم ) النساء 24 بتحريم الجمع بين المرأة وبينها وبين خالتها ونظائره فإن القرآن لم يخص البائن بأنها لا تخرج ولا وبأنها تسكن من حيث   زوجها بل إما أن يعمها ويعم الرجعية وإما أن يخص الرجعية فإن عم النوعين فالحديث مخصص لعمومه وإن خص الرجعيات وهو الصواب للسياق الذي من وتأمله قطع بأنه في الرجعيات من عدة أوجه قد أشرنا إليها فالحديث ليس مخالفا الله بل موافق له ولو ذكر أمير المؤمنين رضي الله عنه بذلك لكان أول راجع فإن الرجل كما يذهل عن النص يذهل عن دلالته وسياقه وما يقترن به مما يتبين منه وكثيرا ما يذهل عن دخول الواقعة المعينة تحت النص العام واندراجه تحتها كثير جدا والتفطن له من الفهم الذي يؤتيه الله من يشاء من عباده ولقد كان المؤمنين عمر رضي الله عنه من ذلك بالمنزلة التي لا تجهل ولا تستغرقها عبارة أن النسيان والذهول عرضة للإنسان وإنما الفاضل العالم من إذا ذكر ذكر ورجع فحديث فاطمة رضي الله عنها مع كتاب الله على ثلاثة أطباق لا يخرج عن واحد منها أن يكون تخصيصا لعامه الثاني أن يكون بيانا لما لم يتناوله بل سكت عنه الثالث يكون بيانا لما أريد به وموافقا لما أرشد إليه سياقه وتعليله وتنبيهه وهذا هو فهو إذن موافق له لا مخالف وهكذا ينبغي قطعا ومعاذ الله أن يحكم رسول الله بما يخالف كتاب الله تعالى أو يعارضه وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله هذا من قول رضي الله عنه وجعل يتبسم ويقول أين في كتاب الله إيجاب السكنى والنفقة للمطلقة وأنكرته قبله الفقيهة الفاضلة فاطمة وقالت بيني وبينكم كتاب الله قال الله (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) الطلاق 1 وأي أمر يحدث بعد الثلاث تقدم أن قوله (   فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن ) الطلاق 2   بأن الآيات كلها في الرجعيات

 

 


فصل


المطعن الثالث وهو أن خروجها لم يكن إلا لفحش من لسانها فما أبرده من تأويل فإن المرأة من خيار الصحابة رضي الله عنهم وفضلائهم ومن المهاجرات الأول لا يحملها رقة الدين وقلة التقوى على فحش يوجب إخراجها من دارها وأن يمنع الذي جعله الله لها ونهى عن إضاعته فيا عجبا كيف لم ينكر عليها النبي هذا ويقول لها اتقي الله وكفي لسانك عن أذى أهل زوجك واستقري في مسكنك وكيف يعدل هذا إلى قوله لا نفقة لك ولا سكنى إلى قوله إنما السكنى والنفقة للمرأة إذا كان عليها رجعة فيا عجبا كيف يترك هذا المانع الصريح الذي خرج من بين شفتي ويعلل بأمر موهوم لم يعلل به رسول الله ألبتة ولا أشار إليه ولا نبه هذا المحال البين ثم لو كانت فاحشة اللسان وقد أعاذها الله من ذلك لقال لها وسمعت وأطاعت كفي لسانك حتى تنقضى عدتك وكان من يسمع ويطيع لئلا تخرج من سكنه

 


فصل


وأما المطعن الرابع وهو معارضة روايتها برواية عمر رضي الله عنه فهذه المعارضة من وجهين أحدهما قوله لا ندع كتاب ربنا   وسنة نبينا وأن هذا من حكم المرفوع الثاني قوله سمعت رسول الله يقول لها السكنى ونحن نقول قد أعاذ الله أمير المؤمنين من هذا الكلام الباطل الذي لا يصح عنه أبدا الإمام أحمد لا يصح ذلك عن عمر وقال أبو الحسن الدارقطني بل السنة بيد فاطمة قيس قطعا ومن له إلمام بسنة رسول الله يشهد شهادة الله أنه لم يكن عند عمر الله عنه سنة عن رسول الله أن للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة وعمر كان أتقى وأحرص على تبليغ سنن رسول الله أن تكون هذه السنة عنده ثم لا يرويها أصلا يبينها ولا يبلغها عن رسول الله وأما حديث حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن عمر رضي الله عنه رسول الله يقول لها السكنى والنفقة فنحن نشهد بالله شهادة نسأل عنها إذا أن هذا كذب على عمر رضي الله عنه وكذب على رسول الله وينبغي أن لا يحمل فرط الإنتصار للمذاهب والتعصب لها على معارضة سنن رسول الله الصحيحة بالكذب البحت فلو يكون هذا عند عمر رضي الله عنه عن النبي لخرست فاطمة ولم ينبسوا بكلمة ولا دعت فاطمة إلى المناظرة ولا احتيج إلى ذكر إخراجها لسانها ولما فات هذا الحديث أئمة الحديث والمصنفين في السنن والأحكام للسنن فقط لا لمذهب ولا لرجل هذا قبل أن نصل به إلى إبراهيم ولو قدر بالحديث إلى إبراهيم لانقطع نخاعه فإن إبراهيم لم يولد إلا بعد موت عمر رضي عنه بسنين فإن كان مخبر أخبر به إبراهيم عن عمر رضي الله عنه وحسنا به الظن

 

 


قد روى له قول عمر رضي الله عنه بالمعنى وظن أن رسول الله هو الذي حكم بثبوت والسكنى للمطلقة حتى قال عمر رضي الله عنه لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة فقد الرجل صالحا ويكون مغفلا ليس تحمل الحديث وحفظه وروايته من شأنه وبالله وقد تناظر في هذه المسألة ميمون بن مهران وسعيد بن المسيب فذكر له ميمون خبر فقال سعيد تلك امرأة فتنت الناس فقال له ميمون لئن كانت إنما أخذت بما به رسول الله ما فتنت الناس وإن لنا في رسول الله أسوة حسنة مع أنها الناس عليه ليس لها عليه رجعة ولا بينهما ميراث انتهى ولا يعلم أحد من رحمهم الله إلا وقد احتج بحديث فاطمة بنت قيس هذا وأخذ به في بعض الأحكام والشافعي وجمهور الأمة يحتجون به في سقوط نفقة المبتوتة إذا كانت حائلا نفسه احتج به على جواز جمع الثلاث لأن في بعض ألفاظه فطلقني ثلاثا وقد أنه إنما طلقها آخر ثلاث كما أخبرت به عن نفسها واحتج به من يرى جواز نظر إلى الرجال واحتج به الأئمة كلهم على جواز خطبة الرجل على خطبة أخيه إذا لم المرأة قد سكنت إلى الخاطب الأول واحتجوا به على جواز بيان ما في الرجل إذا على وجه النصيحة لمن استشاره أن يزوجه أو يعامله أو يسافر معه وأن ذلك ليس واحتجوا به على جواز نكاح القرشية من غير القرشي واحتجوا به على وقوع الطلاق حال غيبة أحد الزوجين عن الآخر وأنه لا يشترط حضوره ومواجهته به واحتجوا به على التعريض بخطبة المعتدة البائن وكانت هذه الأحكام كلها حاصلة ببركة روايتها حديثها فاستنبطتها الأمة منها وعملت بها فما بال روايتها   في حكم واحد من أحكام هذا الحديث وتقبل فيما عداه فإن كانت حفظته قبلت في وإن لم تكن حفظته وجب أن لا يقبل في شيء من أحكامه وبالله التوفيق

 

 

 

فإن قيل بقي عليكم شيء واحد وهو أن قوله سبحانه ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ) 6 إنما هو في البوائن لا في الرجعيات بدليل قوله عقيبه( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق: من الآية6) فهذا في إذ لو كانت رجعية لما قيد النفقة عليها بالحمل ولكان عديم التأثير فإنها حائلا كانت أو حاملا والظاهر أن الضمير في أسكنوهن هو والضمير في قوله ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن ) واحد فالجواب أن مورد هذا السؤال إما أن يكون من الموجبين النفقة والسكنى أو ممن يوجب دون النفقة فإن كان الأول فالآية على زعمه حجة عليه لأنه سبحانه شرط في النفقة عليهن كونهن حوامل والحكم المعلق على الشرط ينتفي عند انتفائه فدل أن البائن الحائل لا نفقة لها فإن قيل فهذه دلالة على المفهوم ولا يقول بها قيل ليس ذلك من دلالة المفهوم بل من انتفاء الحكم عند انتفاء شرطه فلو بقي الحكم انتفائه لم يكن شرطا وإن كان ممن يوجب السكنى وحدها فيقال له ليس في الآية واحد يخص البائن بل ضمائرها نوعان نوع يخص الرجعية قطعا كقوله ( فإذا بلغن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ) الطلاق 2

 

 


يحتمل أن يكون للبائن وأن يكون للرجعية وأن يكون لهما وهو قوله ( لا تخرجوهن بيوتهن ولا يخرجن ) الطلاق 1 وقوله ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ) الطلاق 6 على الرجعية هو المتعين لتتحد الضمائر ومفسرها فلو حمل على غيرها لزم اختلاف ومفسرها وهو خلاف الأصل والحمل على الأصل أولى فإن قيل فما الفائدة في تخصيص نفقة الرجعية بكونها حاملا قيل ليس في الآية ما يقتضي أنه لا نفقة للرجعية الحائل بل الرجعية نوعان قد بين حكمهما في كتابه حائل فلها النفقة بعقد الزوجية إذ حكمها حكم الأزواج أو حامل النفقة بهذه الآية إلى أن تضع حملها فتصير النفقة بعد الوضع نفقة قريب لا زوج فيخالف حالها قبل الوضع حالها بعده فإن الزوج ينفق عليها وحده إذا كانت فإذا وضعت صارت نفقتها على من تجب عليه نفقة الطفل ولا يكون حالها في حال كذلك بحيث تجب نفقتها على من تجب عليه نفقة الطفل فإنه في حال حملها جزء من فإذا انفصل كان له حكم آخر وانتقلت النفقة من حكم إلى حكم فظهرت فائدة وسر الإشتراط والله أعلم بما أراد من كلامه

 

 


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق