عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم الجزء الثاني_زاد المعاد
تاريخ الاضافة 2007-11-26 11:06:35
المشاهدات 2835
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

 
فصل في غزوة الطائف


في شوال سنة ثمان قال ابن سعد قالوا ولما أراد رسول الله المسير إلى الطائف بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي يهدمه وأمره أن يستمد قومه ويوافيه بالطائف فخرج سريعا إلى قومه فهدم ذا الكفين وجعل يحش النار في وجهه ويحرقه ويقول


يا ذا الكفين لست من عبادكا         ميلادنا أقدم من ميلادكا


إني حششت النار في فؤادكا


وانحدر معه في قومه أربعمائة سراعا فوافوا النبي بالطائف بعد مقدمه بأربعة أيام وقدم بدبابة ومنجنيق


قال ابن سعد ولما خرج رسول الله من حنين يريد الطائف قدم خالد بن الوليد على مقدمته وكانت ثقيف قد رموا حصنهم وأدخلوا فيه ما يصلح لهم لسنة فلما انهزموا من أوطاس دخلوا حصنهم وأغلقوه عليهم وتهيؤوا للقتال وسار رسول الله فنزل قريبا من حصن الطائف وعسكر هناك فرموا المسلمين بالنبل رميا شديدا كأنه رجل جراد حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة وقتل منهم اثنا عشر رجلا فارتفع رسول الله إلى موضع مسجد الطائف اليوم وكان معه من نسائه أم سلمة وزينب فضرب لهما قبتين وكان يصلي بين القبتين مدة حصار الطائف فحاصرهم ثمانية عشر يوما وقال ابن إسحاق بضعا وعشرين ليلة ونصب عليهم المنجنيق وهو أول ما رمي به في الإسلام  وقال ابن سعد حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ثور بن يزيد عن مكحول أن النبي نصب المنجنيق على أهل الطائف أربعين يوما قال ابن إسحاق حتى إذا كان يوم الشدخة عند جدار الطائف دخل نفر من أصحاب رسول الله تحت دبابة ثم دخلوا بها إلى جدار الطائف ليحرقوه فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماه بالنار فخرجوا من تحتها فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلوا منهم رجالا فأمر رسول الله بقطع أعناب ثقيف فوقع الناس فيها يقطعون

 

 


قال ابن سعد فسألوه أن يدعها لله وللرحم فقال رسول الله فإني أدعها لله وللرحم فنادى منادي رسول الله أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر فخرج منهم بضعة عشر رجلا منهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه فسق ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة ولم يؤذن لرسول الله في فتح الطائف واستشار رسول الله نوفل بن معاوية الديلي فقال ما ترى فقال ثعلب في حجر إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك فأمر رسول الله عمر ابن الخطاب فأذن في الناس بالرحيل فضج الناس من ذلك وقالوا نرحل ولم يفتح علينا الطائف فقال رسول الله فاغدوا على القتال فغدوا فأصابت المسلمين جراحات فقال رسول الله إنا قافلون غدا إن شاء الله فسروا بذلك وأذعنوا وجعلوا يرحلون ورسول الله يضحك فلما ارتحلوا واستقلوا قال قولوا آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون وقيل يا رسول الله ادع الله على ثقيف فقال اللهم اهد ثقيفا وائت بهم واستشهد مع رسول الله بالطائف جماعة ثم خرج رسول الله من الطائف إلى الجعرانة ثم دخل منها محرما بعمرة فقضى عمرته ثم رجع إلى المدينة


 


فصل


قال ابن إسحاق وقدم رسول الله المدينة من تبوك في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف وكان حديثهم أن رسول الله لما انصرف عنهم اتبع أثره عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يدخل المدينة فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام فقال له رسول الله كما يتحدث قومك أنهم قاتلوك وعرف رسول الله أن فيهم نخوة الامتناع الذي كان منهم فقال عروة يا رسول الله أنا أحب إليهم من أبكارهم وكان فيهم كذلك محببا مطاعا فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء ألا يخالفوه لمنزلته فيهم فلما أشرف لهم على علية له وقد دعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله فقيل لعروة ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله قبل أن يرتحل عنكم فادفنوني معهم فدفنوه معهم فزعموا أن رسول الله قال فيه إن مثله في قومه كمثل صاحب يس في قومه ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرا ثم إنهم ائتمروا بينهم ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا فأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله رجلا كما أرسلوا عروة

 

 


فكلموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير وكان في سن عروة بن مسعود وعرضوا عليه ذلك فأبى أن يفعل وخشي أن يصنع به كما صنع بعروة فقال لست بفاعل حتى ترسلوا معي رجالا فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك فيكونون ستة فبعثوا معه الحكم بن عمرو بن وهب وشرحبيل بن غيلان ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص وأوس بن عوف ونمير بن خرشة فخرج بهم فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة لقوا بها المغيرة بن شعبة فاشتد ليبشر رسول الله بقدومهم عليه فلقيه أبو بكر فقال أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله حتى اكون أنا أحدثه ففعل فدخل أبو بكر على رسول الله فأخبره بقدومهم عليه ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروح الظهر معهم وأعلمهم كيف يحيون رسول الله فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية فلما قدموا على رسول الله ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده كما يزعمون

 


وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بنيهم وبين رسول الله حتى اكتتبوا كتابهم وكان خالد هو الذي كتبه وكانوا لا يأكلون طعاما يأتيهم من عند رسول الله حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا  وقد كان فيما سألوا رسول الله ان يدع لهم الطاغية وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين فأبى رسول الله عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة ويأبى عليهم حتى سألوه شهرا واحدا بعد قدومهم فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام فأبى رسول الله إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة يهدمانها وقد كانوا يسألونه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم فقال رسول الله أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله كتابا أمر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان من أحدثهم سنا وذلك أنه كان من عليهم عثمان بن أبي العاص وكان من أحدثهم سنا وذلك أنه كان من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن  فلما فرغوا من أمرهم وتوجهوا إلى بلادهم راجعين بعث رسول الله معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية فخرجا مع القوم حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان فأبى ذلك عليه أبو سفيان فقال ادخل أنت على قومك وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم فلما دخل المغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول وقام دونه بنو معتب خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ويقول أبو سفيان والمغيرة يضربها بالفأس واها لك واها لك فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان مجموع مالها من الذهب والفضة والجزع

 

 

 

 وقد كان أبو مليح بن عروة وقارب بن الأسود قدما على رسول الله قبل وفد ثقيف حين قتل عروة يريدان فراق ثقيف وأن لا يجامعاهم  على شيء أبدا فأسلما فقال لهما رسول الله توليا من شئتما قالا نتولى الله ورسوله فقال رسول الله وخالكما أبا سفيان ابن حرب فقالا وخالنا أبا سفيان فلما أسلم أهل الطائف سأل أبو مليح رسول الله أن يقضي عن أبيه عروة دينا كان عليه من مال الطاغية فقال له رسول الله نعم فقال له قارب بن الأسود وعن الأسود يا رسول الله فاقضه وعروة والأسود أخوان لأب وأم فقال رسول الله إن الأسود مات مشركا فقال قارب بن الأسود يا رسول الله لكن تصل مسلما ذا قرابة يعني نفسه وإنما الدين علي وأنا الذي أطلب به فأمر النبي أبا سفيان أن يقضي دين عروة والأسود من مال الطاغية ففعل  وكان كتاب رسول الله الذي كتب لهم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى المؤمينن إن عضاه وج وصيده حرام لا يعضد من وجد يصنع شيئا من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به إلى النبي محمد وإن هذا أمر النبي محمد رسول الله  فكتب خالد بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبدالله فلا يتعداه أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله فهذه قصة ثقيف من أولها إلى آخرها سقناها كما هي وإن تخلل بين غزوها وإسلامها غزاة تبوك وغيرها لكن آثرنا أن لا نقطع قصتهم وأن ينتظم أولها بآخرها ليقع الكلام على فقه هذه القصة وأحكامها في موضع واحد  فنقول فيها من الفقه جواز القتال في الأشهر الحرم ونسخ تحريم ذلك فإن رسول الله خرج من المدينة إلى مكة في أواخر شهر رمضان بعد مضي ثمان عشرة ليلة منه والدليل عليه ما رواه أحمد في مسنده حدثنا إسماعيل عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس أنه مر مع رسول الله زمن الفتح على رجل يحتجم بالبقيع لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان وهو آخذ بيدي فقال أفطر الحاجم والمحجوم وهذا أصح من قول من قال إنه خرج لعشر خلون من رمضان وهذا الإسناد على شرط مسلم فقد روى به بعينه إن الله كتب الإحسان على كل شيء وأقام بمكة تسع عشرة ليلة بقصر الصلاة ثم خرج إلى هوازن فقاتلهم وفرغ منهم ثم قصد الطائف فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة في قول ابن إسحاق وثمان عشرة ليلة في قول ابن سعد وأربعين ليلة في قول مكحول فإذا تأملت ذلك علمت أن بعض مدة الحصار في ذي القعدة ولا بد ولكن قد يقال لم يبتدىء القتال إلا في شوال فلما شرع فيه لم يقطعه للشهر الحرام ولكن من أين لكم أنه ابتدأ قتالا في شهر حرام وفرق بين الابتداء والاستدامة 


 

 


فصل


ومنها جواز غزو الرجل وأهله معه فإن النبي كان معه في هذه الغزوة أم سلمة وزينب  ومنها جواز نصب المنجنيق على الكفار ورميهم به وإن أفضى إلى قتل من لم يقاتل من النساء والذرية ومنها جواز قطع شجر الكفار إذا كان ذلك يضعفهم ويغيظهم وهو أنكى فيهم ومنها أن العبد إذا أبق من المشركين ولحق بالمسلمين صار حرا قال سعيد بن منصور حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج عن مقسم عن ابن عباس قال كان رسول الله يعتق العبيد إذا جاؤوا قبل مواليهم وروى سعيد بن منصور أيضا قال قضى رسول الله في العبد وسيده قضيتين قضى أن العبد إذا خرج من دار الحرب قبل سيده أنه حر فإن خرج سيده بعده لم يرد عليه وقضى أن السيد إذا خرج قبل العبد ثم خرج العبد رد على سيده ..وعن الشعبي عن رجل من ثقيف قال سألنا رسول الله أن يرد علينا أبا بكرة وكان عبدا لنا أتى رسول الله وهو محاصر ثقيفا فأسلم فأبى أن يرده علينا فقال هو طليق الله ثم طليق رسوله فلم يرده علينا

 

 

قال ابن المنذر وهذا قول كل من يحفظ عنه من أهل العلم

 


فصل


ومنها أن الإمام إذا حاصر حصنا ولم يفتح عليه ورأى مصلحة المسلمين في الرحيل عنه لم يلزمه مصابرته وجاز له ترك مصابرته وإنما تلزم المصابرة إذا كان فيها مصلحة راجحة على مفسدتها

 

 


فصل


ومنها أنه أحرم من الجعرانة بعمرة وكان داخلا إلى مكة وهذه هي السنة لمن دخلها من طريق الطائف وما يليه وأما ما يفعله كثير ممن لا علم عندهم من الخروج من مكة إلى الجعرانة ليحرم منها بعمرة ثم يرجع إليها فهذا لم يفعله رسول الله ولا أحد من أصحابه ألبتة ولا استحبه أحد من أهل العلم وإنما يفعله عوام الناس زعموا أنه اقتداء بالنبي وغلطوا فإنه إنما أحرم منها داخلا إلى مكة ولم يخرج منها إلى الجعرانة ليحرم منها فهذا لون وسنته لون وبالله التوفيق


 


فصل


ومنها استجابة الله لرسوله دعاءه لثقيف أن يهديهم ويأتي بهم وقد حاربوه وقاتلوه وقتلوا جماعة من أصحابه وقتلوا رسول  رسوله الذي أرسله إليهم يدعوهم إلى الله ومع هذا كله فدعا لهم ولم يدع عليهم وهذا من كمال رأفته ورحمته ونصيحته صلوات الله وسلامه عليه


 


فصل


ومنها كمال محبة الصديق له وقصده التقرب إليه والتحبب بكل ما يمكنه ولهذا ناشد المغيرة أن يدعه هو يبشر النبي بقدوم وفد الطائف ليكون هو الذي بشره وفرحه بذلك وهذا يدل على أنه يجوز للرجل أن يسأل أخاه أن يؤثره بقربة من القرب وأنه يجوز للرجل أن يؤثر بها أخاه وقول من قال من الفقهاء لا يجوز الإيثار بالقرب لا يصح وقد آثرت عائشة عمر بن الخطاب بدفنه في بيتها جوار النبي وسألها عمر ذلك فلم تكره له السؤال ولا لها البذل وعلى هذا فإذا سأل الرجل غيره أن يؤثره بمقامه في الصف الأول لم يكره له السؤال ولا لذلك البذل ونظائره ومن تأمل سيرة الصحابة وجدهم غير كارهين لذلك ولا ممتنعين منه وهل هذا إلا كرم وسخاء وإيثار على النفس بما هو أعظن محبوباتها تفريحا لأخيه المسلم وتعظيما لقدره وإجابة له إلى ما سأله وترغيبا له في الخير وقد يكون ثواب كل واحد من هذه الخصال راجحا على ثواب تلك القربة فيكون المؤثر بها ممن تاجر فبذل قربة وأخذ أضعافها وعلى هذا فلا يمتنع أن يؤثر صاحب الماء بمائة أن يتوضأ به ويتيمم هو إذا كان لا بد من تيمم أحدهما فآثر أخاه وحاز فضيلة الإيثار وفضيلة الطهر بالتراب ولا يمنع هذا كتاب ولا سنة ولا مكارم أخلاق وعلى هذا فإذا اشتد العطش بجماعة  وعاينوا التلف ومع بعضهم ماء فآثر على نفسه واستسلم للموت كان ذلك جائزا ولم يقل إنه قاتل لنفسه ولا أنه فعل محرما بل هذا غاية الجود والسخاء كما قال تعالى (   ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) ( الحشر 9 ) وقد جرى هذا بعينه لجماعة من الصحابة في فتوح الشام وعد ذلك من مناقبهم وفضائلهم وهل إهداء القرب المجمع عليها والمتنازع فيها إلى الميت إلا إيثار بثوابها وهو عين الإيثار بالقرب فأي فرق بين أن يؤثره بفعلها ليحرز ثوابها وبين أن يعمل ثم يؤثره بثوابها وبالله التوفيق

 

 


فصل

ومنها أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا فإنها شعائر الكفر والشرك وهي أعظم المنكرات فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله والأحجار التي تقصد للتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى أو أعظم شركا عندها وبها والله المستعان ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت يعتقد أنها تخلق وترزق وتميت وتحيي وإنما كانوا يفعلون عندها وبها ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع  وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل وخفاء العلم فصار المعروف منكرا والمنكر معروفا والسنة بدعة والبدعة سنة ونشأ في ذلك الصغير وهرم عليه الكبير وطمست الاعلام واشتدت غربة الإسلام وقل العلماء وغلب السفهاء وتفاقم الأمر واشتد البأس وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين ولأهل الشرك والبدع مجاهدين إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين

 

 


فصل


ومنها جواز صرف الإمام الأموال التي تصير إلى هذه المشاهد والطواغيت في الجهاد ومصالح المسلمين فيجوز للإمام بل يجب عليه أن يأخذ أموال هذه الطواغيت التي تساق إليها كلها ويصرفها على الجند والمقاتلة ومصالح الإسلام كما أخذ النبي أموال اللات وأعطاها لأبي سفيان يتألفه بها وقضى منها دين عروة والأسود وكذلك يجب عليه أن يهدم هذه المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا وله أن يقطعها للمقاتلة أو يبيعها ويستعين بأثمانها على مصالح المسلمين وكذلك الحكم في أوقافها فإن وقفها فالوقف عليها باطل وهو مال ضائع فيصرف في مصالح المسلمين فإن الوقف لا يصح إلا في قرية وطاعة لله ورسوله فلا يصح الوقف على مشهد ولا قبر يسرج عليه ويعظم وينذر له ويحج إليه ويعبد من دون الله ويتخذ وثنا من دونه وهذا مما لا يخالف فيه أحد من أئمة الإسلام ومن اتبع سبيلهم 

 

 

فصل

ومنها أن وادي وج وهو واد بالطائف حرم يحرم صيده وقطع شجره وقد اختلف الفقهاء في ذلك والجمهور قالوا ليس في البقاع حرم إلا مكة والمدينة وأبو حنيفة خالفهم في حرم المدينة وقال الشافعي رحمه الله في أحد قوليه وج حرم يحرم صيده وشجره واحتج لهذا القول بحديثين أحدهما هذا الذي تقدم والثاني حديث عروة ابن الزبير عن أبيه الزبير أن النبي قال إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله رواه الإمام أحمد وأبو داود وهذا الحديث يعرف بمحمد بن عبدالله بن إنسان عن أبيه عن عروة قال البخاري في تاريخه لا يتابع عليه قلت وفي سماع عروة من أبيه نظر وإن كان قد رآه والله أعلم

 


فصل


ولما قدم رسول الله المدينة ودخلت سنة تسع بعث المصدقين يأخذون الصدقات من الأعراب قال ابن سعد ثم بعث رسول الله المصدقين قالوا لما رأى رسول الله هلال المحرم سنة تسع بعث المصدقين يصدقون العرب فبعث عيينة بن حصن إلى بني تميم وبعث يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار وبعث عباد بن بشر الأشهلي  إلى سليم ومزينة وبعث رافع بن مكيث إلى جهينة وبعث عمرو بن العاص إلى بني فزارة وبعث الضحاك بن سفيان إلى بني كلاب وبعث بشر بن سفيان إلى بني كعب وبعث ابن اللتبية الأزدي إلى بني ذبيان وأمر رسول الله المصدقين أن يأخذوا العفو منهم ويتوقوا كرائم أموالهم قيل ولما قدم ابن اللتبية حاسبه وكان في هذا حجة على محاسبة العمال والأمناء فإن ظهرت خيانتهم عزلهم وولى أمينا

 


قال ابن إسحاق وبعث المهاجر بن أبي أمية إلى صنعاء فخرج عليه العنسي وهو بها وبعث زياد بن لبيد إلى حضرموت وبعث عدي بن حاتم إلى وطيء وبني أسد وبعث مالك بن نويرة على صدقات بني حنظلة وفرق صدقات بني سعد على رجلين فبعث الزبرقان بن بدر على ناحية وقيس بن عاصم على ناحية وبعث العلاء بن الحضرمي على البحرين وبعث عليا رضوان الله عليه إلى نجران ليجمع صدقاتهم ويقدم عليه بجزيتهم


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق