عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل في هديه في أذكار العطاس


ثبت عنه إن الله يحب العطاس ويكره التثأوب فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله وأما التثأوب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان ذكره البخاري وثبت عنه في صحيحه إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله وليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله فإذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم وفي الصحيحين عن أنس أنه عطس عنده رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقال الذي لم يشمته عطس فلان فشمته وعطست فلم تشمتني فقال هذا حمد الله وأنت لم تحمد الله وثبت عنه في صحيح مسلم إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه وثبت عنه في صحيحه من حديث أبي هريرة حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا اسنتصحك فانصح له وإذا عطس وحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه وروى أبو داود عنه بإسناد صحيح إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال وليقل أخوه أو صاحبه يرحمك الله وليقل هو يهديكم الله ويصلح بالكم وروى الترمذي أن رجلا عطس عند ابن عمر فقال الحمد لله والسلام على رسول الله فقال ابن عمر وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله ولكن علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال

 

 

وذكر مالك عن نافع عن ابن عمر كان إذا عطس فقيل له يرحمك الله قال يرحمنا الله واياكم ويغفر لنا ولكم فظاهر الحديث المبدوء به أن التشميت فرض عين على كل من سمع العاطس يحمد الله ولا يجزىء تشميت الواحد عنهم وهذا أحد قولي العلماء واختاره ابن أبي زيد وأبو بكر بن العربي المالكيان ولا دافع له وقد روى أبو داود أن رجلا عطس عند النبي فقال السلام عليكم فقال رسول الله وعليك السلام وعلى أمك ثم قال إذا عطس أحدكم فليحمد الله قال فذكر بعض المحامد وليقل له من عنده يرحمك الله وليرد يعني عليهم يغفر الله لنا ولكم وفي السلام على أم هذا المسلم نكتة لطيفة وهي إشعاره بأن سلامه قد وقع في غير موقعه اللائق به كما وقع هذا السلام على أمه فكما أن سلامه هو في غير موضعه كذلك سلامه هو ونكته أخرى ألطف منها وهي تذكيره بأمه ونسبه إليها فكأنه أمي محض منسوب إلى الأم باق على تربيتها لم تربه الرجال وهذا أحد الأقوال في الأمي أنه الباقي على نسبته إلى الأم وأما النبي الأمي فهو الذي لا يحسن الكتابة ولا يقرأ الكتاب وأما الأمي الذي لا تصح الصلاة خلفه فهو الذي لا يصحح الفاتحة ولو كان عالما بعلوم كثيرة ونظير ذكر الأم هاهنا ذكر هن الأب لمن تعزى بعزاء الجاهلية فيقال له اعضض هن أبيك وكان ذكر هن الأب هاهنا أحسن تذكيرا لهذا المتكبر بدعوى الجاهلية بالعضو الذي خرج منه وهو هن أبيه فلا ينبغي له أن يتعدى طوره كما أن ذكر الأم هاهنا أحسن تذكيرا له بأنه باق على أميته والله أعلم بمراد رسوله

 

 

 ولما كان العاطس قد حصلت له بالعطاس نعمة ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواء عسرة شرع له حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها ولهذا يقال سمته وشمته بالسين والشين فقيل هما بمعنى واحد قاله أبو عبيدة وغيره قال وكل داع بخير فهو مشمت ومسمت وقيل بالمهملة دعاء له بحسن السمت وبعوده إلى حالته من السكون والدعة فإن العطاس يحدث في الأعضاء حركة وانزعاجا وبالمعجمة دعاء له بأن يصرف الله عنه ما يشمت به أعداءه فشمته إذا أزال عنه الشماتة كقرد البعير إذا أزال قراده عنه وقيل هو دعاء له بثباته على قوائمه في طاعة الله مأخوذ من الشوامت وهي القوائم وقيل هو تشميت له بالشيطان لإغاظته بحمد الله على نعمة العطاس وما حصل له به من محاب الله فإن الله يحبه فإذا ذكر العبد الله وحمده ساء ذلك الشيطان من وجوه منها نفس العطاس الذي يحبه الله وحمد الله عليه ودعاء المسلمين له بالرحمة ودعاؤه لهم بالهداية وإصلاح البال وذلك كله غائظ للشيطان محزن له فتشميت المؤمن بغيظ عدوه وحزنه وكآبته فسمي الدعاء له بالرحمة تشميتا له لما في ضمنه من شماتته بعدوه وهذا معنى لطيف إذا تنبه له العاطس والمشمت انتفعا به وعظمت عندهما منفعة نعمة العطاس في البدن والقلب وتبين السر في محبة الله له فلله الحمد الذي هو أهله كما ينبغي لكريم وجهه وعز جلاله

 

 

 

فصل
وكان من هديه في العطاس ما ذكره أبو داود والترمذي عن أبي هريرة كان رسول الله إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض أو غض به صوته قال الترمذي حديث صحيح


ويذكر عنه أن التثاؤب الشديد والعطسة الشديدة من الشيطان ويذكر عنه أن الله يكره رفع الصوت بالتثاؤب والعطاس وصح عنه أنه عطس عنده رجل فقال له يرحمك الله ثم عطس أخرى فقال الرجل مزكوم هذا لفظ مسلم أنه قال في المرة الثانية وأما الترمذي فقال فيه عن سلمة بن الأكوع عطس رجل عند رسول الله وأنا شاهد فقال رسول الله يرحمك الله ثم عطس الثانية والثالثة فقال رسول الله هذا رجل مزكوم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وقد روى أبو داود عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة موقوفا عليه شمت أخاك ثلاثا فما زاد فهو زكام وفي رواية عن سعيد قال لا أعلمه إلا أنه رفع الحديث إلى النبي بمعناه قال أبو داود رواه أبو نعيم عن موسى بن قيس عن محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي انتهى وموسى بن قيس هذا الذي رفعه هو الحضرمي الكوفي يعرف بعصفور الجنة قال يحيى بن معين ثقة وقال أبو حاتم الرازي لا بأس به وذكر أبو داود عن عبيد بن رفاعة الزرقي عن النبي قال تشمت العاطس ثلاثا فإن شئت فشمته وإن شئت فكف ولكن له علتان إحداهما إرساله فإن عبيدا هذا ليست له صحبة والثانية أن فيه أبا خالد يزيد بن عبدالرحمن الدالاني وقد تكلم فيه

 

 

وفي الباب حديث آخر عن أبي هريرة يرفعه إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه فإن زاد على الثلاثة فهو مزكوم ولا تشمته بعد الثلاث وهذا الحديث هو حديث أبي داود الذي قال فيه رواه أبو نعيم عن موسى بن قيس عن محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة وهو حديث حسن فإن قيل إذا كان به زكام فهو أولى أن يدعى له ممن لا علة به قيل يدعى له كما يدعى للمريض ومن به داء ووجع وأما سنة العطاس الذي يحبه الله وهو نعمة ويدل على خفة البدن وخروج الأبخرة المحتقنة فإنما يكون إلى تمام الثلاث وما زاد عليها يدعى لصاحبه بالعافية وقوله في هذا الحديث الرجل مزكوم تنبيه على الدعاء له بالعافية لأن الزكمة علة وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها فيصعب أمرها فكلامه كله حكمة ورحمة وعلم وهدى وقد اختلف الناس في مسألتين إحداهما أن العاطس إذا حمد الله فسمعه بعض الحاضرين دون بعض هل يسن لمن لم يسمعه تشميته فيه قولان والأظهر أنه يشمته إذا تحقق أنه حمد الله وليس المقصود سماع المشمت للحمد وإنما المقصود نفس حمده فمتى تحقق ترتب عليه التشميت كما لو كان المشمت أخرس ورأى حركة شفتيه بالحمد والنبي قال فإن حمد الله فشمتوه هذا هو الصواب الثانية إذا ترك الحمد فهل يستحب لمن حضره أن يذكره الحمد قال ابن العربي لا يذكره قال وهذا جهل من فاعله وقال النووي أخطأ من زعم ذلك بل يذكره وهو مروي عن إبراهيم النخعي قال وهو من باب النصيحة والأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوي وظاهر السنة يقوي قول ابن العربي لأن النبي لم يشمت الذي عط ولم يحمد الله ولم يذكره وهذا تعزير له وحرمان لبركة الدعاء لما حرم نفسه بركة الحمد فنسي الله فصرف قلوب المؤمنين وألسنتهم عن تشميته والدعاء له ولو كان تذكيره سنة لكان النبي أولى بفعلها وتعليمها والإعانة عليها

 

 


فصل


وصح عنه أن اليهود كانوا يتعاطسون عنده يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق