عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

تحت قسم أعمال القلوب
الكاتب محمد عادل فارس
تاريخ الاضافة 2016-06-07 08:11:24
المشاهدات 680
أرسل الى صديق اطبع حمل المقال بصيغة وورد ساهم فى دعم الموقع Bookmark and Share

   

رمضان ليس شهراً كسائر الشهور.

إنه موسم للتجارة الرابحة مع الله تعالى.

1- إنه شهر القرآن، عندما شرع الله عز وجل علينا الصيام في رمضان قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:185]، فكأن الحكمة التي اقتضت أن يكون الصيام في هذا الشهر هي أنه شهر القرآن.

وكان جبريل يُدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل رمضان.

وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم من أيام رمضان!.

وكان بعض السلف يختم القرآن في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر.

وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان جعل عبادته لله قراءة القرآن!

وكانوا يتخذون القرآن الكريم، في أوقاتهم كلها، وفي رمضان خاصة، للهداية والتدبر والعمل به ورفع رايته. أليس القرآن {هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:185]؟! أليس الله عز وجل يقول: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]؟

روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرَأْ عليَّ». قال: قلتُ: أَقرَأُ عليكَ وعليكَ أُنزِلَ؟ قال: «إني أشتَهي أن أسمَعَه مِن غيري». قال: فقرَأتُ النساءَ حتى إذا بلَغتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء:41].. قال لي: «كُفّ»، أو «أمسِكْ». فرأيتُ عينَيه تَذرِفانِ (صحيح البخاري [5055]) صلى الله عليه وسلم.

وقد قرأ عبد الله بن عمر سورة المطففين، حتى بلغ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] فبكى حتى خرَّ على الأرض!

وقرأ الفضيل بن عياض سورة محمد صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:31] فصار يقول: يا رب، إنْ بَلَوْتَ أخبارنا فضحتنا، وهتكت أستارنا... إنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذّبتنا... ويبكي.

فهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحون يتدبرون القرآن الكريم، ويتفاعلون مع آياته ومعانيه.

 

2- وهو شهر الصيام. والصيام صبر. والصبر جزاؤه عند الله. قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر من الآية:10].

وفي الحديث القدسي الصحيح: «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلَّا الصِّيامُ . فإنَّه لي وأنا أجْزِي به» (صحيح مسلم [1151] صحيح البخاري [1904]).

«كل عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ الحسنةَ عشرةَ أمثالها إلى سبعمائةِ ضعفٍ. قال اللهُ عزَّ وجلَّ: إلا الصومُ. فإنَّهُ لي وأنا أجزي بهِ» (صحيح مسلم [1151])

فلا غرابة أن يكون للصائم الأجر العظيم: «مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ» (صحيح البخاري [2014]، وصحيح مسلم [760]).

 

3- وهو شهر القيام، وإذا كان قيام الليل فضيلة عظيمة كل أيام السنة فهو في رمضان فضيلة أعظم.

وقد وصف الله تعالى عباده، عباد الرحمن بقوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان:64]. ووصف المؤمنين بأنهم: { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [السجدة:16].

وكما كان جزاء الصائم، كان جزاء القائم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه» (صحيح البخاري [37]، صحيح مسلم [759]).

 

4- وهو شهر الصدقة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة!

ومن الصدقة إطعام الطعام وتوزيعه على الفقراء، وعلى الأصدقاء، وتفطير الصائمين.

وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الانسان:8-9].

وروى أحمد والترمذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ» (سنن الترمذي [2485]).

وقال بعض السلف: لأن أدعوَ عَشَرَة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحبُّ إليّ من أن أُعتِق عشرة من ولد إسماعيل!.

وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين.

وفي عبادة إطعام الطعام التودد والتحبب للإخوان، ومجالسة الصالحين، واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بالطعام، لا سيما في تفطير الصائمين.

«من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا» (سنن الترمذي [807]).

 

5- وهو شهر الجهاد في سبيل الله. ويكفي أن نتذكر أن كبرى المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام كانت في رمضان كغزوة بدر الكبرى (2هـ)، وغزوة الفتح الأعظم (8هـ)، ومعركة بلاط الشهداء (114هـ)، وفتح عمورية (222هـ)، ومعركة عين جالوت (658هـ)... وهكذا وهكذا، فكل هذه المعارك كانت في رمضان.

وبعد، فما أحرانا أن ندع الكسل والخمول والقعود، ونشمر عن ساعد الجد، ونُقْبل على الله - تعالى -صياماً وقياماً وتلاوة للقرآن وإنفاقاً في سبيل الله، وجهاداً في سبيله، حتى نرتقي إلى آفاق هذا الشهر العظيم!

 

اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

اللهم أعنّا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان.

اللهم تقبل منا الصلاة والصيام والقيام واجعلنا من عتقاء رمضان.

اللهم آمين آمين.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق