بين فضله و عدله يتقلب العبد
يظن الغبي أنه يرزق بذكائه و فطنته
و يظن المغرور بقوته أنه يرزق بعضلاته و قوته
و يظن الجموح الطائش أنه يرزق ببطشه و فتوته
و يظن الطاغية أنه يرزق بسبب سطوته
و لو وقفوا وتأملوا لرأوا أناساً في منتهى القوة يعملون أعملاً شاقة و مكسبهم في الدنيا قليل و عيشهم زهيد.
و لو وقفوا و تأملوا لرأوا من هم أكثر منهم ذكاء و ألمعية و رزقهم في الدنيا بالكاد
و لو وقفوا و تأملوا لوجدوا من أكثر جرأة و فتوة
و لو تأملوا لوجدوا أناساً في منهى السطوة و الطغيان و لكنهم تعساء مرضى لا يذوقون للععيش حلاوة.
يا هؤلاء إنما نحن في اختبار : يبتلى الإنسان بالسراء و الضراء ليرى الله منه ما يسره أو ما يكرهه و في النهاية عمل ابن آدم لنفسه .
{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا} [79 النساء ] .
قال [ابن القيم ] رحمه الله : فالأول فضله و الثاني عدله و العبد يتقلب بين فضله و عدله .
قال [الإمام الطبري] في تفسيرها :
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك "، ما يصيبك، يا محمد، من رخاء ونعمة وعافية وسلامة، فمن فضل الله عليك، يتفضل به عليك إحسانًا منه إليك .
وأما قوله: " وما أصابك من سيئة فمن نفسك "، يعني: وما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه =" فمن نفسك "، يعني: بذنب استوجبتها به، اكتسبته نفسك.
فاللهم عاملنا بفضلك و لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .
المقال السابق
المقال التالى