بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. إنَّ الحبَّ في الله تعالى من علامات الإيمان، ومن أسمى القُربات لله تعالى؛ فالحبُّ في الله سبحانه من دعائم الولاء والبراء، وبها يقرُّ المسلِم بحبِّه للمسلمين، والمودَّة للصالحين، والأنس بكلِّ من كان في طاعة الله تعالى من المخلِصين، فالحبُّ في الله تعالى يكون خالصًا لوجه الله الكريم، وليس سعيًا لمصلحة دنيويَّة من خلاله؛ وإنَّما القرب من الله تعالى ورجاء اكتساب الثَّواب العظيم، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحبَّ أحدُكم صاحبَه، فَلْيأتِه في منزله، فلْيُخبِره أنَّه يحبُّه لله عزَّ وجلَّ» (صححه الألباني)، وفي الحديث الشريف حثٌّ للمسلمين على إعلان هذا الحبِّ في الله تعالى، والتصريح به، وفيه من الخير الكثير؛ لتوطيد أواصِر الصِّلة بين المسلمين، وإشاعة روح الأُلفة والمودَّة بين المؤمنين.
الحب في الله تعالى سنَّة عظيمة، قد يغفلها الكثير، ولا يتعهَّدها إلاَّ من يعرف أجرها، ويدرِك عظيم نتائجها، ويَكفي في هذه السنَّة العظيمة أن يَعرف المسلم أن الحبَّ في الله تعالى سبيلٌ شريف لمحبَّة الله جلَّ جلاله للعبد، وفي الحديث العظيم زادٌ كريم لمن أراد التقرُّب إلى الله الكريم، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «زار رجلٌ أخًا له في قريةٍ، فأرصد الله له ملَكًا على مدرجته، فقال: أين تُريدُ؟ قال: أخًا لي في هذه القرية، فقال: هل له عليك من نعمةٍ ترُبُّها؟ قال: لا؛ إلاَّ أنِّي أُحبُّه في الله، قال: فإنِّي رسولُ الله إليك أنَّ الله أحبَّك كما أحببتَه» (صححه الألباني)، ومن يتأمَّل في الحديث الشريف يجد أنَّ من يَبتغي المحبَّة في الله تعالى لا يَنتظر منها تجارةً زائلة، أو مصلحة فانية؛ وإنَّما الحب في الله تعالى، والسَّعي إلى نَيل محبَّة الله؛ ملِك الملوك ورب العالمين.
فلنحرِص أخي المسلم على المحبَّة القلبيَّة للصالحين لوجه الله تعالى، ولنتقرَّب لله سبحانه بمحبَّة المصلِحين، ولنخلِص النيَّة في محبة العلماء الربانيِّين، وكل مَن يعمل الخير من المسلمين، فمن وجدتَه يعمل خيرًا فأَحِبَّه لله تعالى لحسن صنيعه، ومن وجدتَه يدعو إلى دين الله العظيم فأحبَّه لله تعالى، واسْعَ إلى إخباره إن تيسَّر لك الأمر، ففي الأمر أجر عظيم، وإحياء لسنَّة كريمة من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وأعظم الحبِّ هو حبُّ الله تعالى وحبُّ رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام عليهم صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، وحبُّ أنبيائه ورسلِه الكرام صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، وحبُّ ملائكته الكرام عليهم صلوات الله تعالى وسلامه أجمعين، وحبُّ الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وحبُّ الصالحين والتابعين والمخلصين رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وفي الحديث الشريف شفاءٌ للصدور لمن كان من المحبِّين، فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه "أنَّ رجلاً سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم عن الساعة، فقال: متى الساعةُ؟ قال: «وماذا أعددتَ لها؟»، قال: لا شيء، إلاَّ أني أُحبُّ اللهَ ورسُوله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أنت مع من أحبَبتَ»، قال أنس: فما فرحنا بشيءٍ فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببتَ»، قال أنس: فأنا أُحبُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكرٍ وعُمر، وأرجو أن أكون معهم بحُبِّي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم"؛ (البخاري).
إخواني الكرام، إنِّي أحبُّكم في الله تعالى، فلنتواصَ على الحبِّ في الله العظيم، ولنحمد اللهَ تعالى على نِعَمه، وعظيم ستره، وكمال عَفوه، فالحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتَّبعه بإحسان إلى يوم الدين.
المقال السابق
المقال التالى