يعتقد المسلم اعتقادًا جازمًا أن الشافي هو الله عز وجل؛ قال تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]، وقد قال إبراهيم عليه السلام ذلك في معرض وصفه لربِّ العالمين؛ فهي صفة جليلة عظيمة من صفاته عز وجل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على زرع هذا المعنى في نفوس المؤمنين، فكان من سُنَّته أن يدعو الله بأدعية مختلفة حين المرض يطلب بها الشفاء منه سبحانه، ولم يكن هذا يعني أنه لا يهتمُّ بالطبِّ أو يحرص عليه، وإنما كان يهدف إلى تصحيح عقيدة المسلم؛ فالدواء لن يُحَقِّق الشفاء إلا بإذن الله، والدعاء الذي عَلَّمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وسيلة عمليَّة من وسائل العلاج.
وقد وَرَدَ في السُّنَّة النبوية أدعية كثيرة كلها تُؤَكِّد هذه المعاني العميقة، منها ما رواه مسلم عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ. ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ".
وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ، مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَذْهِبِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا". فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَثَقُلَ، أَخَذْتُ بِيَدِهِ لأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ، فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى". قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى.
فهذه أمثلة عظيمة من السُّنَّة النبوية ينبغي أن نحفظها، وأن نتداوى بها، وأن نعتقد أن الشفاء بها.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].