عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

ما رواه البخاري ومسلم، عن أنس t قال: كان النبي  أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قَبِلَ الصوت، فاستقبلهم النبي  قد سبق الناس إلى الصوت، وهو يقول: ((لم تراعوا، لم تراعوا))، وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: ((لقد وجدته بحراً))، أو ((إنه لبحر))([1]).

وهذا المثال وغيره من الأمثلة السابقة تدل دلالة واضحة على أن النبي  أشجع إنسان على الإطلاق، فلم يكتحل الوجود بمثله ، وقد شهد لـه بذلك الشجعان الأبطال([2]).

قال البراء : <كنا واللَّه إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به، يعني النبي >([3]).

وقال أنس في الحديث السابق: <كان النبي  أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس...>.

وكانت هذه الشواهد السابقة لشجاعته القلبية، أما شجاعته العقلية فسأكتفي بشاهد واحد؛ فإنه يكفي عن ألف شاهد ويزيد، وهو موقفه من تعنت سهيل بن عمرو، وهو يملي وثيقة صلح الحديبية، إذ تنازل  عن كلمة <بسم اللَّه الرحمن الرحيم إلى بسمك اللَّهم وعن كلمة محمد رسول اللَّه إلى كلمة: محمد بن عبد اللَّه، وقبوله شرط سهيل على أن لا يأتي النبي  رجل من قريش حتى ولو كان مسلماً إلا رده إلى أهل مكة، وقد استشاط الصحابة غيظاً، وبلغ الغضب حدًّا لا مزيد عليه، وهو صابر ثابت حتى انتهت الوثيقة، وكان بعد أيام فتحاً مبيناً.

فضرب  بذلك المثل الأعلى في الشجاعتين: القلبية، والعقلية، مع بعد النظر، وأصالة الرأي، وإصابته؛ فإن من الحكمة أن يتنازل الداعية عن أشياء لا تضر بأصل قضيته لتحقيق أشياء أعظم منها([4]).

وجميع ما تقدم من نماذج من شجاعته  وثباته، وهذا نقطة من بحر، وإلا فإنه لو كُتِبَ في شجاعته بالاستقصاء لكُتِبَ مجلدات، فيجب على كل مسلم، وخاصة الدعاة إلى اللَّه U أن يتخذوا الرسول  قدوةً في كل أحوالهم وتصرفاتهم، وبذلك يحصل الفوز والنجاح، والسعادة في الدنيا والآخرة، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ([5]).



([1])  البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل، 10/455، (رقم 6033)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب في شجاعة النبي × وتقدمه للحرب، 4/1802، (رقم 2307).

([2])  انظر: رواية علي بن أبي طالب في شجاعة النبي × في مسند أحمد، 1/86، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 2/143، وتقدم تخريجه.

([3])  أخرجه مسلم، 3/1401، (رقم 1776/79)، وتقدم تخريجه.

([4])  انظر: وثيقة صلح الحديبية كاملة في البخاري مع الفتح، 5/329، (رقم 2731، 2732)، وشرح الوثيقة في الفتح، 5/333-352، ومسند أحمد، 4/328-331، وانظر: هذا الحبيب يا محبّ، ص532.

([5])  سورة الأحزاب، الآية: 21.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق