الشورى أساس من أسس الحكم في الإسلام، ودعامة من دعائم العمل الإسلامي في كل الميادين، ولسنا هنا في مجال بيان حقيقتها وأحكامها مفصلةً فقد تكفّلت بذلك دراسات كثيرة، ولكنا ندرجها هنا بوصفها - في جوهرها - لوناً حوارياً من طراز فريد.
أ - مدخل لغوي:
قال في اللسان:" أشار الرجل يشير إشارة إذا أومأ بيديه.. وأشرت إليه أي لوّحت إليه.. وأشار إليه باليد: أومأ، وأشار عليه بالرأي وأشار يشير إذا ما وجّه الرأي " ([1]) وقال ابن فارس:" الشين والواو والراء أصلان مطردان، الأول منهما إبداء شيء وإظهاره وعرضه، والآخر أخذ شيء.." ثم جعل الشورى من هذا الأصل الثاني فقال: قال بعض أهل اللغة:" من هذا الباب شاورت فلاناً في أمري، قال: وهو مشتق من شَوْر العسلِ، فكأن المستشير يأخذ الرأي من غيره " ([2]) .
قلت: ولا يبعد كذلك أن تكون راجعة إلى الأصلين معاً، فالأصل الأول بمعنى إظهار الشيء، فيكون منه إظهار الرأي لغيره إذا طلب منه أو إظهاره ابتداء على سبيل النصح.
(ب) مدخل اصطلاحي:
الشورى لون حواري يتم بين شخصين أو أكثر، وهو تقليب الأمر على وجوهه وصولاً إلى الحكم الصواب فيه، قال الراغب:" والتشاور والمشاورة والمشورة: استخراج الرأي بمراجعة البعض إلى البعض، من قولهم: شُرْت العسل إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه " ([3]).
[1] - جمال الدين بن منظور: لسان العرب:شور.
[2] - أحمد بن فارس: المقاييس: شور (542).
[3] - الراغب الأصفهاني: المفردات:270.
المقال السابق
المقال التالى