وردت مادة (شور) في القرآن في أربعة مواضع، الأول منها بمعنى الإشارة باليد ] فَأَشَارَتْ إِلَيْه [ (مريم:29) والثلاثة الأخرى بمعنى المشاورة في الأمر:
- ] فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ[(آل عمران:159)
- ] وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [ (الشورى:38).
- ] فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [ (البقرة:233).
وقد استعمل القرآن فعل الأمر (شاورْ) للدلالة على وجوب الشورى في الحكم، واستعمل المصدرين: شورى وتشاوُر، فالأول اسم مصدر لأن فعله شاور والثلاثي منه لا يستعمل بمعنى التشاور، والثاني مصدر خماسي فعله تشاور وهو على وزن تفاعل الدال بنفسه على المشاركة بين طرفين أو عدة أطراف.
وقد أكبرت العرب شأن الشورى حتى قبل الإسلام، وقصة بلقيس في ذلك معلومة قصها القرآن، إذْ استشارت قومها بشأن كتاب سليمان عليه السلام، ولكن الإسلام أعطى الشورى صورتها الشرعية التي تكون بها عملاً مشروعاً داخلاً في إطار منظومة العبادة بمعناها الواسع، وفي عيون الأخبار لابن قتيبة: قال عمر بن الخطاب:" الرأي الفرد كالخيط السحيل، والرأيان كالخيطين المبرمين، والثلاثة مرار لا يكاد ينتقض " ([1]).
وهذا يبين لنا بجلاء أن الشورى حقيقةً عمل حواري بديع، تتعانق فيه الآراء للوصول إلى الحق، ولو جاز لأحد من الناس أن يتركها لكان الذي يتنـزل عليه وحيُ السماء، ولكنّا عرفناه من سيرته أكثرَ الناس عملاً بمبدأ الشورى، وسنذكر بعضاً من ذلك في مواضعه من الدراسة.
***
مدخل لغوي لعملية الحوار:
إن الحوار لون من ألوان الكلام، ولكن لـه طبيعة خاصة، إنه ليس سرداً أو خطبة في جمهور، إنه مواجهة فـكرية بين طرفـين متعارضين أو متقاربين بينهما بعض اختلاف، إن الحوار يمثل حالة حضور ومشاهدة، وهي حالة حية متحركة نابضة، والحوار فيه الإشارة واللمحة والنظرة والحركة، كل هذه عوامل مساعدة للغة في عملية التوصيل، والفعل اللغوي نفسه في حالة المحاورة مختلف عن الصور الأخرى للاستعمال اللغوي، ففيه استعمال للصوت بدرجات ونبرات متنوعة تناسب المقام والسياق الكلامي.
والفعل اللغوي في الحالة الحوارية تؤازره الحركة الجسمية المعبرة، وفي حديث ابن عباس عن النبي r قال:" لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ مُوسَى بِمَا صَنَعَ قَوْمُهُ فِي الْعِجْلِ فَلَمْ يُلْقِ الألْوَاحَ، فَلَمَّا عَايَنَ مَا صَنَعُوا أَلْقَى الألْوَاحَ فَانْكَسَرَتْ " ([2]).
لقد كان موسى حين أُخبر بفعل قومه وحيداً يتلقى التوراة بعيداً عنهم، فلم تكن هناك حالة تفاعل، أو إمكان قيام حالة حوارية لتصحيح الأمر وردّ القـوم إلى الصواب، ولكنه حين رأى قومـه وما فعلوا ورأى السامري ورأى أخاه هارون مغلوباً على أمره نشأت الحالة الحوارية بعناصرها المتنوعة، حيث قصّ القرآن الكريم أطرافاً منها، إن موسى عليه السلام في الحالة الأولى " سمع " بفعل قومه، وفي الثانية " عاين " ما فعلوه رأي العين، ولذا تبدل الحال، وزاد الانفعال، إن " الأثر العقلي الذي يأتي عن طريق العين أعمق من الأثر الذي يأتي عن طريق الأذن.. والحقيقة أن العصب البصري أقوى عدة مرات من العصـب السمعي " ([3]).
والشاهد في هذا كله أن الحوار وليد حالة من التفاعل أوالصراع - غالباً - بين أطراف متعددة، ولذا فإن لـه طبيعة لغوية خاصة.
إن التحاور عملية لغوية تواصلية، ثمة أطراف في مكان واحد وزمان واحد وحدث واحد، ومن ثم تتكون العملية الحوارية من:
مرسل ← رسالة ← مستمع ← ردّ
وهكذا تدور العملية الحوارية ما بين ابتداء وردّ..
إن حالة " الحضور" هذه حالة خاصة تكون الاستجابة فيها أسرع وأوقع ؛ إذ تشارك في عملية التواصل أشياء كثيرة تفتقدها حالة السرد أو الانفراد، إن وجود أشخاص يتحاورون معاً يتيح المزيد من تلاقح الأفكار وتناقلها بوتيرة أسرع من مجرد القراءة المنفردة التي قد تحتمل العديد من التأويلات أو تكون أكثر قبولاً لحالة " الذهول " أو تشتت الذهن التي قد تصاحب القراءة أحياناً، لكن الحالة الحوارية حالة نشطة حاضرة بأشخاصها وأصواتها وإشاراتها الجسمية المتنوعة، لهذا كله يتقدم فنُ الحوار فنونَ التواصل الإنساني الأخرى في مقام الدعوة إلى الله تعالى كما صورها القرآن الكريم، وكما كان واقع الدعوة في سيرة النبي r.
إن اللقاء بمعنى الحضور والمحاورة أو الدخول ضمن " النطاق الحواري " كان شرطاً لنيل شرف الصحبة النبوية، ولذا عدّه علماء الحديث شرطاً من شروط الصحبة، وقالوا في حدّ الصحابي:" إنه من رأى رسول الله r وإن لم تطل صحبته له، وإن لم يرو عنه شيئاً " ([4]).
فشرف الصحبة إذاً لم يكن ليُنال بغير " لقاء " ولو لساعة من زمان، ولا شك أن اللقاء غالباً يتضمن السلام والتحاور، أي التلبس بحالة الحضور بكل عناصرها، ولذا تعد هذه الحالة أعظم أثراً في إيصال الرسالة لا ريب، وفي حقيقة هذا يقول ابن الجوزي:" قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة، فتدبرت السبب في ذلك فعرفته... فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة واحدة من اليقظة عند سماع الموعظة وبعدها لسببين: أحدهما: أن المواعظ كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامَها وقت وقوعها، والثاني: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مُزاح العلة، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها... وهذه حالة تعم الخلق، إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر.." ([5]).
وهذا الذي ذكره ابن الجوزي نجد صداه في حديث الصحابي حَنْظَلَةَ الأسَيِّدِيِّ، قَالَ رضي الله عنه: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا تَقُولُ؟ قَالَ قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيراً، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا... فانطلَقوا إلى رسول الله فقصوا عليه فقال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، ثَلاثَ مَرَّاتٍ " ([6]).
وفي هذا بيان لتظاهر وسائل التلقي ساعة التحاور، حيث لا تُترك الكلمة وحدها لتقوم بعملية البلاغ، بل تؤازرها حالة نفسية شاملة تتمثل في الاشتراك في الموقف بكل عناصره، ومن ثم يتيقظ القلب مع الذهن والمشاعر، ونحن نعرف أثر الاجتماعات واللقاءات الجماهيرية، بل المظاهرات أحياناً في إثارة الانفعال والشعور إلى أقصى درجة، ولو كان الإنسان خالياً ما وصل إلى تلك الحالة لا ريب.
إن للكلمة المنطوقة في الحوار مكانة خاصة، إن " هناك حقيقة مهمة حول عملية الاتصال اللغوي ينبغي أن ندركها، ألا وهي أن المتكلم حين يوجه خطابه إلى المستمع فإنه لا يريد فقط أن ينقل إليه بعض الحقائق، ولكنه يريد أيضاً أن ينقل إليه مشاعره تجاه الحقائق، إن العبارات المنطوقة تكون دائماً مغلفة بمشاعر الفرد " ([7]).
والحوار أساساً عملية شفاهية، وإن تحولت بعد حدوثها إلى صورة كتابية لحفظها واسترجاعها، لهذا السبب سنجد الجذر المعجمي " قول" ومشتقاته - خصوصاً الأفعال - أكثر الجذور اللغوية استعمالاً في القرآن الكريم بعد الجذر " أله "ومشتقاته، حيث ورد الجذر" أله " في (2851) موضعاً، يليه الجذر " قول " في (1721) موضعاً، وهذا إنما يبين أن القرآن الكريم يعطي التحاور أهمية كبرى بوصفه وسيلة مُثلى لإيصال دعوة الله إلى العالمين، وأن فعل القول أساس من أسس الحوار لأنه فعل شفاهي، وهو فعل يقصد به إحداث تأثير ما حيث " إن كثيراً من أفعال القول لها وظيفة حجاجية عندما تهدف إلى توجيه المتلقي نحو نتيجة معينة أو تصرفه عنها " ([8]).
ولاحظ دارسو اللغة والأدب أن الحالة الحوارية حالة لغوية خاصة، لأن ثمة عناصر مقامية متنوعة مساعدة للغة في المواجهة الحوارية " إن شفاهة الحوار المباشر تزخر بالانفعالات، وتؤازرها عادة ألوان متعددة ومتضافرة من أفعال الكلام Speech Acts مثل حركات اليد والعينين وخلجات الشفاه وتغيير ملامح الوجه وأوضاع البدن " ([9]).
وفي علم التفاوض تفسر حركات الجسم تفسيراً خاصاً تستشف منه أشياء كثيرة لا تنطقها الألسن، ولذا يعد من أسس التفاوض " مراعاة أسلوب الحوار وطريقته مع الآخرين.. فإن الطريقة التي نتحدث بها قد يكون لها قيمة أكثر من الكلام الذي نقوله من حيث حركات اليد وتعبيرات الوجه ومستوى ارتفاع الصوت وسرعة تدفق الكلمات والتعبيرات أو بطئها " ([10]).
لهذا السبب يكون الحوار أكثر جدوى وأسرع تأثيراً لأن المحاور يستعمل كل ما أوتي من قدرة لغوية تكون في الحوار ذات طبيعة خاصة، ومن إمكانات تعبيرية عن طريق الحركة الجسمية، فيؤازر ذلك كله بعضه بعضاً.
إن اللغة في الحالة الحوارية ليست وحدها، إنها في حالة الكتابة تقوم بكل الوظائف وتجمع كل عناصر النص، ولكنها في الحالة الحوارية عنصر واحد فعال ضمن عناصر أخرى متنوعة لا تقل عنها أهمية، بل ربما تقول حركةٌ أو نظرة ما لا تستطيعه اللغة، وقد أشار الجاحظ إلى أصناف الدلالات على المعاني فقال:" وجميع أصناف الدلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد: أولها اللفظ، ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم الحال وتسمى نصبة، والنصبة هي الحـال الدالة التي تقوم مقـام تلك الأصناف ولا تقصر عن تلك الدلالات " ([11]).
وقد أشار القرآن الكريم إلى نوع من هذه الحركة الجسمية المعبرة في حديثه عن الكفار في قوله تعالى ] وَقَالُواْ أإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً. قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً. أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً[(الإسراء:49-51).
قال الراغب:" الإنغاض: تحريك الرأس نحو الغير كالمتعجب " ([12]) وقال الزمخشري:" فسيحركونها نحوك تعجباً واستهزاءً " ([13]) فالحركة الجسمية هنا " تحريك الرأس " لها دلالة الإعراض والتكبر عن الحق.
إن الحالة الحوارية تصاحبها حركات شتى، ولكل منها دلالة مؤثرة، حيث " أسفرت البحوث عن اكتشاف أكثر من مئة إيماءة مميـزة للوجه واليد والجسم " ([14]) ولا شك أن تلك الحركة ملابسة للحالة الحوارية ومساعدة للعناصر الكلامية المكونة للموقف الحواري، وهي أبلغ في الدلالة على الحال.
والإقبال على الناس بوجه طلق حركة جسمية معبرة عن النفس، وهو مختلفٌ عن الإقبال بوجه عابس مكتئب، والناس أيّاً كان دينهم يحبون ابتسامة الوجه وانبساطه، فهو المفتاح اليسير للشخصية، يقول أحد المختصين:" إن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثراً من صوت اللسان، وكأني بالابتسامة تقول لك عن صاحبها: إني أحـبك إنك تمنحني السعادة، إني سعيدٌ برؤيتك " ([15]).
قلت: ولهذا جعل النبي r لقاء الإخوان بالابتسامة نوعاً من الصدقات، وفي الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:" تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ.." ([16]) والابتسامة حركة وجه بدون كلام، ولكنها قد تكون أبلغ من الكلام أحياناً.
لهذا كله صارت لغويات الحوار تدرس بوصفها حالة خاصة في الاستعمال اللغوي المعاصر.
[1] - ابن قتيبة الدينوري: عيون الأخبار: 1/86، دار الكتب العلمية - بيروت 1418هـ- 1998م، والسحيل: الحبل المفتول على قوة واحدة ويعبر به عن الضعف، والمبرم: المفتول على قوتين، ويعبر به عن القوة، والمرار: الحبل المحكم الفتل، قال زهير بن أبي سلمى:
يميناً لنعم السيدان وُجدتما على كل حالٍ من سحيل ومُبرَمِِ
(شرح المعلقات السبع، معلقة زهير: 143).
[2] - رواه أحمد في المسند (2447) وهو في صحيح الجامع الصغير (5374).
[3]- وليم.ج. ماكولاف فن التحدث والإقناع: 69، ترجمة: وفيق مازن، ط3 دار المعارف، القاهرة 1999م.
[4]- ابن كثير الدمشقي: الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: 153، تحقيق: أحمد شاكر، ط3، مكتبة دار التراث – القاهرة د.ت.
[5]- عبد الرحمن بن الجوزي: صيد الخاطر:4، ط دار ابن خلدون، الإسكندرية د.ت.
[6] - رواه مسلم (6966) والترمذي (2514).
[7]- د/ يحيى أحمد: الاتجاه الوظيفي ودوره في تحليل اللغة، مجلة عالم الفكر: 643، عدد 3، مجلد 20، الكويت 1989م.
[8] - حبيب أعراب: الحجاج والاستدلال الحجاجي: مقال سابق: 105.
[9] - د/ نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات:234.
[10] - د/ حسن محمد وجيه: مقدمة في علم التفاوض السياسي والاجتماعي:: 29.
[11] - الجاحظ: البيان والتبيين:1/43، ط دار الكتب العلمية، لبنان.د. ت.
[12] - الراغب الأصفهاني: المفردات:500.
[13] - الزمخشري: الكشاف: 2/672.
[14]- وليم.ج. ماكولاف: فن التحدث والإقناع: 117.
[15] - ديل كارنيجي: كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس: 71، ترجمة عبد المنعم الزيادي، مكتبة الخانجي، القاهرة 1951 م.
[16] - طرف من حديث رواه الترمذي (1956) وصححه الألباني في صحيح الجـامع الصـغير (2908)