عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 التعليم بذاتيتِه الشريفة صلى الله عليه وسلم

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مُعلِّماً اختاره الله تعالى لتعليم البشرية دينَ الله وشريعتَه الخاتمةَ والخالدةَ ، وليس في الدنيا أغلى على الله من (دين الله تعالى) ، فاختار الله سبحانه لنشرِه وتعليمِه أفضلَ الأنبياء والرُّسُل محمداً عليه وعليهم أفضلُ الصلاة والسلام . وكان هذا المُعلِّم المصطفى من الله تعالى لتبليغ شريعتِه للناس ، معلِّماً بمظهَرِه ومَخبَرِه ، وحالِه ومقالِه ، وجميع أحوالِه ، فتكامُلُ شخصيتِه الشريفة أسلوبٌ مُعلِّم للمُتعلِّمين أن يكونوا كمثالِه الشريف وهَدْيِه المُنيف . ومن أهم صفاتِ المعلِّم أن يكون في ذاته مُتكامِل المحاسِن عقلاً وفضلاً ، وعلماً وحكمةً ، ومَنظراً ورُواءً ، ولَباقةً ولَياقةً ، وحركةً وسكوناً ، وطِيبَ حديثٍ ، وذكاءَ رائحةٍ ، ونظافةَ ثيابٍ ، وجمالَ طَلْعةٍ ، وحُسنَ منطِقٍ وتَصرُّفٍ    وإدارةٍ ...

 

 

وقد كان كلُّ هذا في ذاتِ الرسول المُعلِّم صلى الله عليه وسلم على أتمِّ وجهٍ وأعلى حُسنٍ واكتمال ، فهو معلِّم بذاتِه الشريفة النَّموذجية لكل متعلِّم ومُسترشِد ، فهو صلى الله عليه وسلم تَتَمثَّل فيه غايةُ التعليم بأساليبِه المختلفة ، لأن كلَّ تلك الوسائل والأساليب تتوجَّه لأن يكون المسلمُ مُحقِّقاً لقوله تعالى : (كنتم خيرَ أمةٍ أُخرِجَتْ للناس) ، فهذا الكمالُ الجامعُ فيه صلى الله عليه وسلم غايةُ الغايات من جميع الأساليب ، وزُبدةُ التعليم والتهذيب ، ولقد حَظِيَتْ ذاتُه الشريفة بأعلى الثناء العزيز الفريد ، المؤكَّد من الله تعالى كلَّ التأكيد ، بقوله تعالى : (وإنك لَعَلى خُلُقٍ عظيم).

 

 

فلا غرابةَ أن تُعدَّ محاسِنُه الشريفة من أساليب التعليم ، وأيُّ مُعلِّمٍ أثَّر في البشرية تأثيرَه ، وتقبَّل الناسُ ـ على اختلاف ألوانِهم وألسنتِهم ـ دينَه وشريعتَه؟ واتخذوه القدوة والأسوةَ الحسنةَ في سائر شؤونِ الحياة سوى هذا الرسول الكريم والنبي العظيم ، عليه من الله أفضلُ الصلاة والتسليم . هذه كُلَيمةٌ أحببتُ أن أجعلَها ختامَ الأساليب النبوية في التعليم ، لتكون أربعين أسلوباً ، وختامَ المِسكِ الذكي الذي تَعَطَّرَتْ به الصفحاتُ السابقةُ ، والحمد لله رب العالمين .

ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ

وبعدُ فهذه نماذجُ من أساليبِ التعليم سلكها وأرشد إليها سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوردتُها على سبيل الذكرِ والبيان ، لا على سبيل الاستقصاء والحصر .

ولا شك أن المتتبِّعَ الباحثَ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته الشريفة ، سيَقِفُ على غيرها مما يزيدُ عليها ويُضاف إليها ، ولم أقصد إلى ذلك الآن ، بل اكتفيتُ بما تيسَّر لي الوقوفُ عليه على سبيل المصادفة أثناء قراءاتي ومُطالعاتي ، راجياً من الله التوفيق والإخلاصَ وشفاعةَ سيِّد الناس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأسأل الله سبحانه الرضا والقبولَ ، والتشرُّفَ باتّباع سنة الرسول ، كما أسأله الرضوانَ عن صحابته الأكرمين ، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، والحمد لله رب العالمين .




                      المقال السابق




Bookmark and Share


أضف تعليق