اهتمامُه صلى الله عليه وسلم بتعليم النساء ووعظِهن
وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بتعليم النساء ما يحتجن إليه ، فكان يَخصُّهن ببعض مجالسِه ومواعظِه .
روى البخاري في كتاب العلم من ((صحيحه)) ، في (باب عِظةِ الإمام النساءَ وتعليمهن) ، ومسلم1، واللفظ له ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول : ((أشهدُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم لَصَلّى ـ صلاة العيد ـ قبل الخطبةِ ، قال : ثم خَطَب فرأى أنه لم يُسْمِعْ النساء فأتاهُنَّ فذكَّرهُنَّ ، ووعظهُنَّ ، وأمرهُنَّ بالصدقة ، وبلال باسط ثوبَه ، فجعلت المرأة تُلقي الخاتم والخُرْصَ والشيءَ))2.
وروى البخاري أيضاً في كتاب العلم في (باب : هل يُجعَلُ للنساء يومٌ على حدةٍ في العلم) ، ومسلم3، واللفظ منهما ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : ((قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غَلَبنا عليك الرجالُ ، فاجعلْ لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تُعلِّمُنا مما علَّمَك الله ، قال : اجتَمِعْنَ يوم كذا وكذا ، فاجتمعْنَ فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلَّمَهن مما علَّمه الله ، ثم قال :
ما منكُنَّ من امرأةٍ تُقدِّمُ بين يديها من ولدِها ثلاثةً إلا كانوا لها حِجاباً من النار ، فقالت امراةٌ : واثنين واثنين واثنين؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : واثنين واثنين واثنين)) .
---------------------------------
1 ـ البخاري 1 :192 ، ومسلم 6 :173 في أول كتاب صلاة العيدين .
2 ـ (الخُرْص) الحلقة الصغيرة من حَلْي الأذن . وقوله (بلال باسط ثوبه) معناه أنه بسطه ليَجمَع الصدقة فيه ، ثم يُفرِّقُها النبي صلى الله عليه وسلم على المحتاجين ، كما كانت عادته صلى الله عليه وسلم في الصدقات المتطوع بها والزكَوات .
وفي هذا الحديث استحبابُ وعظِ النساء وتذكيرهن الآخرة وأحكام الإسلام ، وحثِّهن على الصدقة ، وهذا إذا لم تترتَّب على ذلك مفسدة وخوف على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما .
وفيه أيضاً أن النساء إذا حضرن صلاة الرجال ومجامعَهم يكُنَّ بمعزل عنهم خوفاً من فتنةٍ او نظرةٍ أو فكرٍ ونحوِه . قاله النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 6 :172 .
وجاء في روايةٍ أخرى لهذا الحديث عند مسلم 6 :174 قولُ ابن جُريج راويها لشيخه عطاء بن أبي رباح : أحقاً على الإمام الآن أن يأتي النساء حين يَفرُغ ـ من خطبة الرجال ـ فيُذكِّرُهُنَّ؟ قال عطاء : ((أي لعَمري إن ذلك لحقٌ عليهم ، ومالهم لا يفعلون ذلك؟)) .
3 ـ البخاري 1 :195 ، ومسلم 16 :181 في كتاب البر والصلة (باب فضل من يموت له ولد فيحتسِبهُ) .
المقال السابق
المقال التالى