عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

 تأكيدُه صلى الله عليه وسلم التعليم بالقَسَم


وكان صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان ، يَبدأُ حديثَه بالقَسَم بالله تعالى ، تنبيهاً منه إلى أهميّة ما يقولُه وتقويةً للحكم وتأكيداً له10.

 

 روى مسلم11عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((والذي نفْسي بيده ، لا تَدْخُلون الجنّة حتى تُؤْمِنوا ، ولا تُؤْمِنوا حتى تَحابّوا12، أوَلا أَدُلُّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تَحاببْتُم؟ أَفشوا السلامَ بينكم))1.

 

وروى مسلم2عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((والذي نفسي بيده ، لا يُؤْمِنُ عبدٌ حتى يُحِبَّ لجارِهِ ـ أو قال : ـ لأخيهِ ما يُحِبُّ لنفسِه))3.

 

 

وروى البخاري4عن أبي شُرَيح الخُزاعي رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((واللهِ لا يُؤمِن! واللهِ لا يؤمن! والله لا يؤمن! قيل : من يا رسول الله؟ قال : الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَه))5.

وما كان القَسَمُ منه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث ، ـ وهو الصّادِقُ المَصْدوق ـ إلاّ للتنبيهِ على أهمية أثَرِ السَّلام ـ الذي هو شِعارُ الإسلام ـ في توثيق الصِّلة والتَّحابِّ بين الناس ، والتنبيهِ على لزومِ محبّة الخيرِ للجارِ والأخ ، والتنبيه على شَناعةِ أذى الجار وتنغيصِه ، حتى نَفى الإيمانَ عمن خالَفَ هَدْيَه صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث .

 

 

---------------------------------

10 ـ قال الإمام ابنُ القيِّم رحمه الله تعالى في ((إعلام الموقِّعين)) 4 :165 و((زاد المعاد)) 2 :313 : ((أقْسَمَ النبي صلى الله عليه وسلم على ما أَخبَر به من الحق ، في أكثرَ من ثمانين موضعاً ، وهي موجودة في الصحاح والمسانيد ، وأمَرَه الله تعالى بالحَلِفِ على تصديق ما أخبَر به في ثلاثة مواضع من القرآن ، في سورة يونس : 53 (قُلْ إيْ وربّي إنه لَحَقٌّ) ، وفي سورة سبأ : 3 (قُلْ بَلى وربّي لتَاْتِيَنَّكم) ، وفي سورة التغابُن : 7 (قُلْ ورَبّي لَتُبْعَثُنَّ) .

11 ـ 2 :35 في كتاب الإيمان (باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلاّ المؤمنون ، وأن محبة المؤمنين من الإيمان) .

12 ـ كذا الروايةُ في ((صحيح مسلم)) بحذفِ النون في قوله : (ولا تؤمنوا حتى تَحابوا...) ، قال العلماء : وإنما حُذِفَت النونُ هنا من هذا الفعل : (ولا تؤمنوا) ، مُشاكَلَةً لحذفها من الفعل السابق : (حتى تؤمنوا) ، فكأنه أورده بحذف النون في الثاني على الحكاية ، لِحذفها    في  الأول . =

= وانظر ـ إذا ـ شئت ـ كلام العلماء مطوَّلاً على حذف النون في هذا الحديث في ((شرح صحيح مسلم)) للنووي 2 :26 ، و((المِرقاة شرح المشكاة)) لعلي القاري 4 : 555 . ويُروى بحذف النون في قوله : (لا تدخلوا الجنة ...) كما أشار إليه في ((المرقاة شرح المشكاة)) . 

1 ـ قال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 2 :10 و36 : ((في هذا الحديث : الحثُّ العظيمُ على إفشاءِ السلام وبَذْلِه للمسلمين كلّهم ، من عَرَفْتَ ومن لم تَعْرِف . والسَّلامُ أوَّلُ أسبابِ التألُّف ، ومِفتاحُ استجلابِ المودّة . وفي إفشائه تمكُّنُ أُلْفَةِ المُسلمين بعضِهم لبعض ، وإظهارُ شِعارِهم المميَّزِ لهم من غيرهم من أهل المِلَل ، مع ما فيه من رياضةِ النفس ـ أي ترويضِها على التواضع ـ ، ولزومِ التواضع ، وإعظامِ حُرُمات المسلمين .

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى : والأُلفَةُ إحدى فرائض الدّين وأركان الشريعة ، ونظامُ شَمْلِ الإسلام . وفي الحديث : إفشاءُ شِعار هذه الأُمّة ، وهو السَّلام)) . انتهى .

وفي هذا الحديث الشريف وما يليه مما جاء فيه قسمه صلى الله عليه وسلم : جواز الحلف ـ من المعلِّم وغيره ـ من غير استحلاف ، لتفخيم ما يخبر به ، وتعظيمه ، والمبالغة في صحته وصفته وأثره . وقد كثرت الأحاديث التي جاء فيها القَسَمُ من الصادق المَصْدوقِ صلى الله عليه وسلم ، حتى زادَتْ على ثمانين حديثاً كما تقدَّم نقلُه عن الإمام ابن القيم .

2 ـ 2 :17 في كتاب الإيمان (باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير) .

3 ـ قال العلماء : المرادُ بالأخ في قوله : ((حتى يحب لأخيه) عُمومُ الإخْوة حتى يَشمَلَ الكافرَ والمسلمَ ، فيُحِبُّ لأخيه الكافرِ ما يحب لنفسه من دخولِهِ في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دَوامَه على الإسلام . ولهذا كان الدُّعاءُ بالهداية للكافر مُستَحَبّاً . ونفيُ الإيمان في هذا الحديث مَحمولٌ على نفي الإيمان الكاملِ عمن لم يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه .

4 ـ 10 :370 في كتاب الأدب (باب إثم من لا يأمن جارُه بوائقَه) .

5 ـ أي شُرورَه وأذاياه .




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق