امتحانُه صلى الله عليه وسلم العالم بشيء من العلم ليقابله بالثناءِ عليه إذا أصاب
وتارةً كان صلى الله عليه وسلم يمتحنُ بعضَ أصحابِه ، فيسألُه عن شيء من العلم ليَكشِف ذَكاءه ومعرفتَه ، فإذا هو أصاب في جوابِه مَدَحه وأثنى عليه وضَرَب في صدرِه ، إشعاراً باستحقاقِه حُبَّ رسول الله وتقديراً منه صلى الله عليه وسلم لحُسْنِ إجابتِه ، ومن هذا الباب :
ما رواه مسلم4عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه ـ وكانت كنيتُه ـ أبا المُنْذِر ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا أبا المُنذر ، أيُّ آيةٍ من كتاب الله معك أعظم؟ قال : قلتُ : الله ورسوله أعلم . قال : يا أبا المنذر أتَدري أيُّ آيةٍ من كتاب الله معك أعظم؟ قال : قلتُ : (الله لا إله إلاّ هو الحيُّ القيّوم) .
قال : فضَرَب في صدري وقال : لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المنذر)) . أي لتَهْنَأ به .
وما رواه أبو داود ،والترمذي ، والدارميُّ ، وابن سعد ، والقاضي وكيع5، عن مُعاذ بنِ جبل رضي الله عنه قال : ((لمّا بَعَثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليَمَن ، قال لي : كيف تقضي إن عَرَض لك قضاء؟ قلتُ : أقضي بكتاب الله ، قال : فغن لم تَجِد في كتاب الله؟ قلتُ : أقضي بسُنّة رسول الله ، قال : فإن لم تجد في سنّة رسول الله؟ قلتُ : أجتَهِدُ برأيي ولا آلو ـ أي لا أقصِّر ـ .
قال : فضَرَب رسول الله صدري بيده ، وقال : الحمدُ لله الذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله)) .
------------------------------------------
4 ـ 6 :93 في كتاب صلاة المسافرين (باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي) .
5 ـ أبو داود 3 :303 في كتاب الأقضية (باب اجتهاد الرأي في القضاء) ، والترمذي 6 :68 في كتاب الأحكام (باب ما جاء في القاضي كيف يقضي) ، والدارمي في ((سننه)) 1 :55 ، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) 2 :437 ، والقاضي وكيع في ((أخبار القضاة)) 1 :98 ، واللفظُ مجموع من رواياتهم . قال ابنُ كثير في ((تفسيره)) 1 :7 : ((هذا الحديثُ في المسانيد والسنن بإسنادٍ جيد ، كما هو مقرر في موضعه)) .
المقال السابق
المقال التالى