سؤالُه صلى الله عليه وسلم أصحابَه ليَكشِف ذكاءهم ومعرفتهم
وتارةً كان صلى الله عليه وسلم يَسألُ أصحابَه عن الشيء وهو يَعلَمُه ، وإنما يَسْألُهم ليُثيرَ فِطْنَتَهم ، ويُحرِّك ذكاءَهم ، ويَسقِيَهم العلمَ في قالَب المُحاجاة ليَختَبِر ما عندهم من العلم .
53 ـ روى البخاري ومسلم6، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : ((بَيْنا نحنُ عند النبي صلى الله عليه وسلم جُلوس ، إذْ أُتِيَ بِجُمّارِ نَخْلَة7، فقال وهو يأكُلُه : إنَّ من الشَّجَر شَجَرة خضراءُ ، لَما بَرَكَتُها كبَرَكَةِ المسلم8، لا يَسْقُطُ وَرَقُها ، ولا يَتَحاتُّ9، وتُؤتي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذْنِ رَبِّها10، وإنها مِثْلُ المُسْلِم11، فحدِّثوني ما هي؟
قال عبد الله : فوقَعَ الناسُ في شَجَر البَوادي ، فقال القوم : هي شَجَرةُ كذا ، هي شجرةُ كذا ، ووَقَع في نَفْسي أنَّها النَّخلة ، فجَعَلْتُ أُريدُ أن أقولَها ، فإذا أَسنانُ القوم ، فأهابُ أن أتكلَّم وأنا غلامٌ شابّ ، ثم التَفَتُّ فإذا أنا عاشِرُ عَشْرٍ أنا أَحدَثُهم أصغَرُ القوم ، ورأيتُ أبا بكر وعمر لا يَتكلَّمان ، فسَكَتُّ .
فلما لم يتكلَّما ، قالوا : حدِّثنا ما هِيَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النَّخلة .
فلما قُمنا قُلتُ لعمر أبي : واللهِ يا أبَتاهُ ، لقد كان وَقَع في نفسي أنها النخلة ، فقال : ما منَعَك أن تقولَها؟ قلتُ : لم أرَكم تتكلَّمون ، لم أرَكَ ولا أبا بكر تكلَّمتُما ، وأنا غلامٌ شابّ ، فاستَحيَيْتُ ، فَكرِهتُ أن أتكلَّم أو أقولَ شيئاً ، فسكتُّ . قال عمر : لأن تكون قُلتَها أحبُّ إليَّ من أن يكونَ لي كذا وكذا))1.
-----------------------------------
6 ـ سيأتي بيانُ موضعه عند البخاري ومسلم تعليقاً عند نهاية الحديث لطول التخريج .
7 ـ الجُمّار بوَزْن رُمّان : قَلْبُ النَّخْلَةِ وشَحْمُها ، تَموتُ بقطعه ، ويُستَخْرَجُ منها بعد قَطْعِها . ويقال له : الجامور أيضاً . وقال أبو بكر بن العربي في ((عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي)) : 10 :310 : ((الجُمّار شحْمُ النخلة الذي يؤكل بالعَسَل)) . وللأستاذ عباس العَزّاوي العراقي كتاب ((النَّخل في تاريخ العراق)) في 134 صفحة ، استوفى فيه كلَّ ما يتعلق بالنخلة من جميع أحوالها ، وقال فيه في ص 128 : ((والجُمّار من النَّخْلَةِ كالمُخِّ من الغنسان)) .
8 ـ بَرَكَتُها أي خَيْرُها ونَفْعُها .
9 ـ أي لا يَتَساقَطُ ورقُها ولا يتناثر .
10 ـ أي تُعطي ثَمَرَها كلَّ وقتٍ أَقَّتَه الله تعالى لذلك الثمر ، بإرادةِ خالقها سبحانه .
11 ـ رُوي لفظ (مِثْل) بكسر الميم وسكون الثاء ، كما روي (مَثَلُ المسلم) بفتح الميم وفتح الثاء ، وكلاهما بمعنى واحد . قال الجوهري في ((الصحاح)) : ((مِثْلُ الشيءِ ، ومَثَلُه : كلمةُ تسوية ، كما يقال : شِبْهُه وشَبَهُه بمعنى واحد)) .
وجاء في بعض روايات البخاري ومسلم : ((مَثَلُها كمَثَل المُؤْمِن)) .
ووجْهُ تشبيهِ النخلة بالمسلم أو المؤمن قائمٌ من جهات كثيرة ، وذلك في أنها تُعَدُّ أشرَفَ الشجرَ وأعلاها مرتبة ، وفي كثرةِ خيرها ، ودَوامِ ظلِّها ، وطيبِ ثَمَرِها ، ووُجودِهِ على الدوام ، فإنه من حين يَطلُعُ ثَمَرُها لا يَزالُ يؤكل أنواعاً حتى يُجَدَّ تَمْراً ويُقطَع .
وإذا يَبِسَتْ النَّخْلة يُتَّخَذُ منها منافعُ كثيرة ، فخَشَبُها ، ووَرَقُها ، وأغصانُها ، تُستعمَلُ جُذوعاً وحَطَباً وعِصِيّاً وحِبالاً ومَخاصِرَ وأوانيَ وغيرَ ذلك . ثم آخِرُ ذلك . ثم آخِرُ شيء يُنتَفَعُ به منها هو نَواها ، فإنه يُتَّخَذُ عَلَفاً للإبِل .
أما جَمالُ نباتِها ووَرَقِها ، وحُسْنُ خِلْقَتها وثَمَرِها ، وفارغُ طولِها وانبساقِها ، ودوامُ خُضرة أوراقِها ، وتماسُكُ جِذْعها أن تَلعَبَ به الرياح والاعاصير ، وكريمُ ظِلِّها وفَيْئِها ، لمن كان في جزيرة العرب : فمنافعُ مشهودة ، ومُتَعٌ متكاثرةٌ معروفة محمودة . وقد مدَحَها الله في القرآن بآياتٍ كثيرة أيَّما مَدْح .
وكذلك المسلم أو المُؤْمِن كلّه خيرٌ ونَفْع ، وبَرَكتُه عامّة في جميع الاحوال ، ونفعُه مستمِرٌّ له ولغيرِه حتى بعد موته . فهو ذو عَمَلٍ صالح ، وقولٍ حسن ، كثيرُ الطاعات على ألوانها ، ما بين صائمٍ ، ومُصَلٍّ ، وتالٍ للقرآن ، وذاكرٍ لله ، ومُذكِّرٍ به ، ومُتَصَدِّقٍ ، وآمرٍ بالمعروف ، وناهٍ عن المنكر . =
= يُخالِطُ الناس ويَصبِرُ على أذاهم ، آلِفٌ مألوف ، ينفعُ ولا يَضُرُّ ، جميلُ المَظهر والمَخبَر ، مَكارمُ أخلاقِه مبذولة للناس ، يُعطي ولا يَمنع ، ويُؤْثرُ ولا يَطمَع ، لا يَزيده طولُ الأيام إلاّ بُسوقاً وارتفاعاً عن الدنايا ، ولا تَجِدُ فيه الشَّدائِدُ والأهوالُ إلاّ رُسوخاً على الحق وثباتاً عليه ، وسُمُوّاً إلى الخيرِ والنفع ، وشُفوفاً عن السَّفاسِف .
عَمَلُه صاعِدٌ إلى ربِّه بالقبول والرضوان ، إنْ جالسْتَه نَفَعَك ، وإن شاركْتَه نَفَعَك ، وإن صاحَبْتَه نَفَعك ، وإن شاوَرْتَه نَفَعك ، وكلُّ شأن من شؤونه مَنْفَعة ، وما يَصْدُر عنه من العلوم فهو قُوْتٌ للأرواح والقلوب ، لا يزالُ مستوراً بدِيْنِه ، لا يَعْرى من لِباسِ التقوى ، ولا يَنقطِعُ عملُه في غِنىً أو فقر ، ولا في صِحّةٍ أو مرض .
بل لا يَنقطع عملُه حتى بعدَ موتِه ، إذا نَظَر من حياتِه لآخِرتِه ، واغتَنَم من يومِه لِغَدِه ، يُنتَفَعُ بكل ما يَصْدُرُ عنه حَيّاً وميتاً ، إذْ مَبْعَثُ تصرُّفاتِه كلِّها الإيمانُ بالله ، والنفعُ لعبادِ الله ، سبحان الله ما أعظَمَ المؤمن؟!
1 ـ رواه البخاري في أحد عشر موضعاً في ((صحيحه)) ، وانا أُشيرُ إليها مع ذكر عناوين الأبواب التي رواه فيها ، لأن تلك العناوين تُعَدُّ بمثابةِ شرحٍ وجيزٍ لمعاني الحديث .
رواه في أربعة مواضع من كتاب العِلْم ، في (باب قول المحدِّث : حدَّثَنا وأخبَرَنا وانبَأَنا) 1 :133 ، وفي (باب طَرْح الإمام المسألة على أصحابه ليَختَبِرَ ما عندهم من العلم) 1 :136 ، وفي (باب الفَهْم في العلم) 1 :151 ، وفي (باب الحياء في العلم) 1 :203 . وفي كتاب البيوع ، في (باب بَيْع الجُمّارِ وأكْلِه) 4 :337 . وفي كتاب التفسير ، في (تفسير سورة إبراهيم) 8 :286 . وفي موضعين من كتاب الاطعمة ، في (باب أكْلِ الجُمّار) 9 :492 ، وفي (باب بركةِ النخلة) 9 :495 . وفي ثلاثة مواضع من كتاب الادَب ، في (باب ما لا يُسْتَحْيى من الحقّ للتفقُّه في الدين) 10 :435 ، ورواه مرةً أخرى فيه بلفظ آخر ، وفي (باب إكرام الكبير ، ويَبدأُ بالأكبر بالكلامِ والسُّؤال) 10 :443 .
ورواه مسلم في ((صحيحه)) من خمس طرق ، في أواخر (كتاب صِفَةِ القيامة والجنّةِ والنار) ، قبلَ (كتاب الجنة وصِفَةِ نعيمها واهلها) 17 :153 ـ 155 . وبوَّب عليه الإمامُ النووي في ((شرح صحيح مسلم)) بقوله : (باب مَثَلِ المُؤمِنِ مَثَلُ النَّخلة) .
وقد جَمَعْتُ في الرواية المذكورة هنا بين رواياتِ البخاري ومسلم ، لاستيفاء ما فيها من المعاني لهذا الحديث الكريم .
ورواه غيرُ البخاري ومسلم من أصحاب ((الكتب الستة)) ، والإمامُ أحمد في ((المسند)) ، وغيرُه من المحدِّثين .
وهو حديثٌ جليلُ القدر ، غزيرُ العلم ، كبيرُ الصلة بالتعليم وأسبابه وقد جَمَعْتُ رواياتِه من تلك الكتب أيضاً ، وشرحتُه مستقلاً في محاضرة عامّة ، ألقيتها في الرباط بالمغرب الأقصى في رمضان سنة 1387 ، بدعوة من عاهل المغرب الحسن الثاني ، أرجو من الله تعالى تيسير نَشْرِها للناس .
وقد رأيتَ فيما تقدَّم أن الإمام البخاري رحمه الله تعالى رواه في ((صحيحه)) في أحد عشر موضعاً .
قال الصَّديق المفضال العلاّمة الأريب الأديب والداعيةُ الكبير الشيخ أبو الحسن الحَسَني النَّدْوي حفظه الله تعالى ، في (تقديمه) لكتاب ((الأبواب والتراجم للبخاري)) لشيخنا الحافظ المحدِّث الكبير مولانا محمد زكريا الكانْدهْلَوي رحمه الله تعالى :
((اشتَهر بين العلماء أنَّ فِقْهَ البخاري في (تراجم صحيحه) ، ولتنوُّع مقاصد الإمام البخاري ، وبُعْدِ مَراميه ، وفَرْطِ ذكائه ، وحِدّةِ ذهنه ، وتعمُّقِه في فهم الحديث ، وحِرصِه على الاستفادة والإفادة منه أكبرَ استفادةٍ ممكنة : أورَدَ الحديثَ الواحدَ في مواضع كثيرة في أبواب متنوِّعةِ العنوانِ ، والمعنى ، والموضوع ، فهو كنَخْلَةٍ حريصة تَوّاقة ، تَجتهدُ أن تتََشرَّب من الزهرة آخِرَ قطرةٍ من الرَّحيق ، ثم تُحوِّلُها إلى عَسَلٍ مُصَفّىً فيه شِفاء للناس .
وشأنُ الإمامِ البخاري مع الحديث النبوي الصحيح : شأنُ العاشِقِ الصادق ، والمحبِّ الوامِق ، مع الحبيبِ الذي أَسبغ الله عليه نعمةَ الجمال والكمال ، وكساه ثوباً من الرَّوعة والجلال ، فهو لا يكاد يَملأ عينيه منه ، وهو كلما نَظَر إليه اكتَشَف جديداً من آيات جماله ، فازداد افتتاناً وهُياماً ، ورأى جمالَه يَتجدَّدُ في كل حين .
ولذلك نَرى الإمام البخاري ، لا يكاد يَشبع من استخراجِ المسائلِ ، واستنباطِ الفوائد ، والنزولِ إلى أعماق الحديث ، والتقاط الدُّرَر منه ، والخروجِ على قُرّائه بها ، حتى يَذكُرَ حديثاً واحداً أكثرَ من عشرين مرة .
وقد روى (حديثَ بَريرَة عن عائشة) أكثرَ من اثنتين وعشرين مرة ، واستخراج منه أحكاماً وفوائدَ جديدة .
وروى (حديث جابر قال : كنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فأبطأَ بي جَمَلي وأَعْيا ...) الحديث ، أكثرَ من عشرين مرة .
وروى (حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ، ورَهَنهُ دِرْعاً من حَديد) في أحدَ عشَرَ موضعاً ، وعَقَدَ له أبواباً وتراجمَ لها .
وروى حديثَ ابن عمر : إنَّ من الشَّجَر شَجَرةً لا يَسقُطُ وَرَقُها ...) الحديث ـ في أحد عشر موضعاً ـ واستخراج منها فوائد جديدة .
وسِرُّ ذلك أن الإمام البخاري لا يقتصر على ما يَتَبادَرُ إليه الذهنُ من الأحكام الفقهية المستخرجة من الاحاديث ، شأنَ أقرانِهِ ومن سَبَقَه من المؤلِّفين في علم الحديث والفقه ، بل يَستخرِجُ من الاحاديث فوائدَ عِلمية وعَمَلِيّة ، لا تَدخُلُ تحت باب من أبواب الفقه المعروفة ، رحمه الله تعالى)) . انتهى ملخصاً .
وأُشيرُ هنا إلى جُلِّ ما يُؤخَذ من هذا الحديث الشريف من الأمور التعليمية :
استحبابُ إلقاءِ العالم المسألة على أصحابه ، ليَختَبِرَ أفهامَهم ، ويُرغِّبَهم في الفِكر والاعتناء ، مع بيانِه لهم ما خفي عليهم إن لم يفهموه .
التحريضُ على الفهم في العلم .
ضَرْبُ الأمثالِ والأشباه ، لزيادةِ الإفهام وتصويرِ المعاني لتَرْسُخ في الذهن ، ولتحديدِ الفكر في النظر في حكم الحادثة .
أنَّ تشبيه الشيء بالشيء ، لا يَلزَمُ منه أن يكون نظيرَه من جميع وجوهه ، فإنَّ المؤمن لا يُماثِلُه شيء من الجَمادات ولا يُعادِلُه .
استحبابُ الحياء ما لم يؤدِّ إلى تفويتِ مصلحة ، ولهذا تمنّى عمرُ أن يكون ابنُه لم يَسكت .
توقيرُ الكبير ، وتقديمُ الصغير أباه في القول ، وأنه لا يُبادِرُه بما فَهِمَه ، وإن ظَنَّ أنه الصواب . =
أنَّ العالِمَ الكبير قد يَخفى عليه بعضُ ما يُدركه من هو دونه ، لأن العلم مَواهب ، واللهُ يُؤتي فضله منْ يَشاءُ .
ما استَدلَّ به الإمام مالك رضي الله عنه ، على أن الخواطر التي تقع في القلب ، من مَحبَّةِ الثناء على أعمالِ الخير ، لا يُقْدَحُ فيها إذا كان أصلُها لله تعالى وذلك مُستفاد من تمنّي سيدنا عمر رضي الله عنه أن يكون ابنُه قد قال ما فَهِمَهُ ووقَعَ في نفسه من الصواب .
ووَجْهُ تمنّي عمر رضي الله عنه : ما طُبِعَ الإنسانُ عليه من مَحبّةِ الخير لنفسه ولوَلَدِه ، ولِتَظهَرَ فضيلةُ الولد في الفَهْم من صِغَره ، وليزدادَ من النبي صلى الله عليه وسلم حُظوة ، ولعله كان يرجو أن يَدعوَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذْ ذاك بالفهم ، كما دعا صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس ، لمّا أَدْنى إليه الماءَ إلى بيت الخلاء ، مِن تلقاءِ نفسه دون سابق إشارةٍ منه صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((اللهم فَقِّهْهُ في الدّين وعَلِّمْه التأويل)) . فكان رضي الله عنه كذلك .
فَرَحُ الرجل بإصابةِ ولدِهِ وتوفيقِهِ للصواب .
الإشارةُ إلى حَقارةِ الدنيا في عينِ عمر رضي الله عنه ، لأنه قابل فَهْمَ ابنه لمسألةٍ واحدة بحُمُرِ النَّعَم ـ كما جاء في رواية ـ ، مع عِظَمِ قَدْرِها وغلاءِ ثمنها .
أنه لا يُكْرَهُ للوَلَد أن يُجيب بما عَرَف في حضرةِ أبيه ، وإن لم يَعرفه الأبُّ ، وليس في ذلك إساءةُ أدبٍ عليه .
ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الحياءِ من أكابرهم وأَجِلاّئِهم ، وإمساكُهم عن الكلام بين أيديهم .
وقد أورد الإمامُ ابن فَرْحون هذا الحديث الشريف في كتابه : ((دُرَّةُ الغَوّاص في مُحاضرة الخَواصّ)) ـ وهو المعروف بأَلغاز ابن فرحون ـ ، ثم قال : ((قال العلماء : وفي هذا الحديثِ دليلٌ على أنه ينبغي للعالم أن يُميِّز أصحابَه بإلغازِ المسائل العَويصات عليهم ، لِيَختبِرَ أذهانَهم ، في كشف المُعْضِلات وإيضاح المُشْكِلات .
وهذا النوع سَمَّتْهُ الفقهاءُ : الإلغاز ، وأهلُ الفرائض سَمّوه : المُعاياة ، والنحاةُ يُسمّونه : الأَحاجِيَّ ، وقد ألَّف العلماء في ذلك تصانيف عديدة)) . انتهى من ((التراتيب الإدارية)) 2 :232 لشيخنا محدِّث المغرب عبد الحي الكَتّاني رحمه الله تعالى .