عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

تعليمه صلى الله عليه وسلم بالمُحادَثةِ والموازنة العقلية

ومن أساليبه صلى الله عليه وسلم في التعليم أنه كان يَسلُك في بعض الاحيان سبيلَ المحاكمةِ العقليةِ على طريقة السؤالِ والاستجواب ، لقلعِ الباطلِ من نفسِ مستحسِنه ، أو لترسيخ الحقِّ في قلب مُستبعِدِه أو مُستَغرِبهِ .

 

فمن النوع الأولِ :

51 ـ ما رواه أحمدُ ، واللفظُ له ، والطبراني6عن أبي أُمامة الباهِلي رضي الله تعالى عنه : ((أن فتى شابّاً أَتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ الله ، ائذنْ لي بالزنى ، فأقبلَ القومُ عليه فزَجَروهُ وقالوا : مَهْ مَهْ7.

فقال صلى الله عليه وسلم : ادْنُهْ8، فدنا منه قريباً فجلَسَ ، فقال صلى الله عليه وسلم له : أتُحِبُّهُ لأمِّك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لأمَّهاتِهم .

قال : أفتُحِبُّهُ لابنتك ؟  قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لبَناتِهم .

قال : أفتُحِبُّهُ لأختِك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لأخواتِهم .

قال : أفتحبُّهُ لعمتِك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لعمّاتِهم .

قال : أفتحبُّهُ لخالتِك؟ قال : لا واللهِ يا رسول الله جَعَلني الله فِداك ، قال : ولا الناسُ يُحِبّونَهُ لخالاتِهم .

قال : فوَضَع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَه عليه ، وقال : اللهُمَّ اغفِرْ ذنبَهُ ، وطَهِّرْ قلبَهُ ، وحَصِّن فَرْجَهُ . قال : فلم يَكنْ الفتى بعد ذلك يَلتفتُ إلى شيءٍ)) .

 

 

فانظُر كيف استأصَلَ النبي صلى الله عليه وسلم من نفس الفَتى تعلُّقَه بالزنى ، عن طريقِ المُحادثَةِ والمُحاكَمةِ النفسيّة والمُوازنةِ العقلية ، دون أن يَذكُر له الآياتِ الواردة في تحريم الزنى والوعيدِ للزاني والزانيةِ ، نظراً منه أن هذا أقلَعُ للباطل ـ في ذلك الوقت ـ من قلبِ الشابِّ بحَسَب تصوُّرِه وإدراكِهِ .

 

وفي هذا إرشادٌ للدعاةِ أن يَلجَؤوا إلى العقلِ في بعضِ الأحيان وبعضِ الناس إذا كانت الحالُ تَستدْعي ذلك ، كحالِ هذا الشابِّ الذي طَهَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قلبَه من الزنى بتلك المُحاكَمةِ العقليةِ الهادية .

 

ومن النوع الثاني من المُحادَثةِ والمُوازَنةِ العقلية :

52 ـ ما رواه البخاري ومسلم1، والفظ للبخاري ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فِطر إلى المصلّى2، فقال : يا معشر النساء تَصدَّقْنَ ، فإني أُرِيتُكُنَّ أكثرَ أهل النار3، فقُلْنَ : وبِمَ يا رسول الله؟ قال : تُكْثِرنَ اللَّعْن ، وتَكْفُرن العَشير4، ما رأيتُ من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أذهَبَ لِلُبِّ الرجلِ الحازمِ من إحداكُنّ .

قلن : وما نقصانُ دينِنا وعقلِنا يا رسول الله؟ قال : أليس شهادةُ المرأةِ مثلَ نصفِ شهادة الرجل؟ قلن : بلى ، فقال : فذلِكِ5من نقصانِ عقلها ، أليس إذا حاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُم؟ قلن : بلى ، قال : فذلِكِ من نقصانِ دينها)) .

 

----------------------------------

6 ـ ((مسند أحمد)) 5 :256 ، ورواه الطبراني في ((المعجم الكبير)) كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي 1 :129 ، قال الهيثمي : ((رجالُ إسناد هذا الحديث رجالُ الصحيح)) . وقال الحافظ العراقي في ((تخريج أحاديث الإحياء)) في كتاب الأمر بالمعروف ، في باب آداب المحتسِب ، : ((روى هذا الحديثَأحمد بإسنادٍ جيِّدٍ رجالُه رجالُ الصحيح)) .

7 ـ لفظ (مَهْ) اسمُ فعلِ أمر ، معناه : اكفُفْ .

8 ـ هو فعلُ أمرٍ من الدنو ، وهو القربُ ، والهاءُ فيه للسَّكتِ جيءَ بها لبيان الحَرَكةِ ، كما في ((النهاية)) لابن الأثير 2 :33 .

1 ـ البخاري 1 :345 في كتاب الحيض (باب ترك الحائض الصومَ) ، ومسلم 2:67 في كتاب الإيمان (باب بيان نقصان الإيمان بنقصان الطاعات) .

2 ـ أي مصلّى العيد .

3 ـ إن الله تعالى أراهن له كذلك في ليلةِ الإسراء .

4 ـ أي الزوج . تكفرن نعمته وتجحدنها لأدنى خصومة أو خلاف .

5 ـ قال الحافظ ابن حجر : ((بكسر الكاف خطاباً للواحدة التي تولت الخطاب . ويجوز فتحها على أنه للخطاب العام)) .




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق