الدرس الثامن : موقف أبي بكر وأهله من حادثة الإفك والخائضين فيها .
من أهم مواقف المسلمين من حادثة الإفك موقف أبوي عائشة رضيَ الله عنهم ، أبي بكر الصديق وزوجه أم رومان ، فلقد كانا متحلين بالهدوء وضبط النفس في التعامل مع مصيبة ابنتهما الصغيرة ، فقد سمعنا قبل قليل كلام أم رومان في مشورتها لعائشة وهي لم تتجاوز أن حاولت شرح أسباب المشكلة وبيان أبعادها الاجتماعية ، ولما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه ليكلم عائشة ، فطلب من أبويها أن يجيبا رسول الله هاباه ولم يجدا ما يقولانه .
وأما التعامل مع أطراف القضية الآخرين فقد ظهر من أبي بكر الصديق رضي الله عنه تحيزا واضحا إلى ابنته وزوج صديقه وحبيبه صلى الله عليه وسلم ، فقد غضب على مسطح وأقسم أن يقطع عنه نفقة كان يؤديها له ، لوما نزل قوله تعالى : {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [1]، فرجع عن قوله و عفا عن مسطح وأعاد له النفقة .
فيا له من مواقف متزنة وحكيمة من أبوي عائشة رضيَ الله عنهم ، ففيها دروس بليغة للآباء في تعاملهم مع أصهارهم ليعرفوا أن المشاكل الأسرية لا تحل بالكبرياء والعصبية ، ولا بالاتهامات المتبادلة ، بل بحسن النوايا والاحترام المتبادل ، والتأني وعدم العجلة .
--------------------------------------------------------------------------------
[1]سورة النور الآية 22
المقال السابق
المقال التالى