•تربيته وتعليمه لأولاده صلى الله عليه وسلم.
أفضل التربية ما كانت في الصغر ، فالصغير عنده الاستعداد النفسي لاستقبال التوجيهات والمفاهيم أكثر من الكبير ، الذي يصعب تغيير طباعه ، والمثل يقول العلم في الصغر كالنقش في الحجر )) [1].
و هناك لفتات تربوية مهمة يقتنصها الباحث في السيرة النبوية من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم لمن عاش من أولاده وبلغوا سن الرشد ، وكذلك من تربى في كنفه من أحفاده الذين هم عنده في منزلة أولاده من الصلب ، وهي توجيهات مليئة بالفوائد والعبر لكل المربين من الآباء وغيرهم ، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك :
المثال الأول : نهي زينب عن القرب من أبي العاص بعد الفراق .
منذ أن فرق الإسلام بين زينب و أبي العاص ، ظلت العلاقة بينهما معلقة ، فلا اجتماع بينهما ولا عشرة ، وفي جمادى الأولى من السنة السادسة من الهجرة اعترضت سرية زيد بن حارثة رضي الله عنه قافلة تجارية كان فيها أبو العاص ، وأسروا أناسا منهم ، وأفلت أبوالعاص ونجى من الأسر ، فلما قدمت السرية بما أصابوا من مال و أسرى ، جاء أبو العاص في الليل لطلب ماله ، واستجارت بزينب فأجارته ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح كبر وكبر الناس ، صرخت زينب من صفة النساء : أيها الناس أجرت أبا العاص بن الربيع )) ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال : هل سمعتم الذي سمعت ؟ )) قالوا : نعم ، قال : أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء حتى سمعت ما سمعتم ، وإنه يجير على المسلمين أدناهم )) ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل زينب فقال لها : أي بنية أكرمي مثواه ، ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له )) [2].
والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم لزينب أي بينة أكرمي مثواه ، و لا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له )) ، وفيه : إرشاد لها إلى حسن الضيافة لمن أتاها وله سابق عهد ونكاح ، وتحذير لها من قربه وتمكينه من نفسها بعد أن فرق بينهما اختلاف الدين ، وتعليمها لما قد تجهلها من أحكام الدين المتعلقة بالعلاقة بينهما .
وعلى الآباء والأمهات الحرص على معرفة أحكام الخطبة و النكاح والطلاق والعدة وغيرها ، وتعليم أولادهم من البنين والبنات ما يحتاجون إليه من أحكامها ، حتى لا يقعوا في محرم وهم لا يعرفون .
--------------------------------------------------------------------------------
[1]أساليب الرسول صلى الله عليه وسلمفي الدعوة والتربية ص 55
[2]انظر : السيرة النبوية لابن كثير ( 2 / 520 )
المقال السابق
المقال التالى