وأَما فاطمة بنت أَسد، أُم علي بن أبي طالب، فإِن عبد العزيز حدُّث، عن عبد الله بن جعفر بن المسْوَر بن مَخُرَمة، عن عمرو بن ذُبْيَان، عن محمد بن علي بن ابي طالب قال: لما استقر بفاطمة، وعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِذا تُوُفَّيَت فأَعلموني. فلما تُوْفيت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَمر بِقَبْرها، فَحُفِر في موضع المسجد الذي يقال له اليوم قبر فاطمة، ثم لحد لها لحداً، ولم يَضْرَح لها ضريحاً، فلما فرغ منه نزل فاضطجع في اللّحد وقرأَ فيه القرآن، ثم نزع قميصه، فأَمر أَن تُكَفَّن فيه، ثم صلّى عليها عند قبرها فكبّر تسعاً وقال؛ ما أُعفيَ أَحدٌ من ضغطة القبر إلاّ فاطمة بنت أَسد. قيل: يا رسول الله، ولا القاسم. قال: ولا إِبراهيم. وكان إبراهيم أَصغرهما.
حدثنا عبيد بن إسحاق الفطار قال: حدثنا القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل قال، حدثني أَبي عبدُ الله بن محمد - قال ولم يَدْعُه قط إِلاّ أَباه وهو جده - قال، حدثنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: بينما نحن جلوسٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذ أَتى آتٍ فقال: يا رسول الله، إِن أُمّ عليّ وجعفر وعقيل قد ماتت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا بنا إِلى أُمّي. فقمنا وكأَن على رؤوس مَنْ مَعه الطّيْر، فلما انتهيا إِلى الباب نزع قميصَه فقال: إِذا غسلتموها فأَشعروها إِياه تحت أَكفانها. فلما خرجوا بها جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة يحمل، ومرة يتقدم، ومرة يتأَخر حتى انتهينا إِلى القبر، فَتَمَعَّك في اللحد ثم خرج فقال: أَدخلوها باسم الله، وعلى اسم الله. فلما أَن دفنوها قام قائماً فقال: ((جزاك الله من أُمَّ وَربَيبَة خيراً، فَنِعْمَ الربيبةُ كنتِ لي. قال: فقلنا له - أَو قيل له: يا رسول الله، لقد صنعتَ شيئين ما رأَيناك صنعت مثلهما قط. قال: ما هو؟ قلنا: بنزعك قميصك، وتَمَعُّكك في الّلحد. قال: أَما قميصي فأَردت أَلا تمسَّها النار أَبداً إَِن شاء الله، وأَما تمعُّكي في اللحد فأَردت أَن يوسّع الله عليها قبرها.
---------------
كتاب تاريخ المدينة المنَّورة (أخبار المَدينَة النَبويَّة)
عمر بن شَبَّة النميري البصُري ج1/81
دار الكتب العلمية ط1/1417هـ
المقال السابق
المقال التالى