أولاً: حرية أهل الذمة في الاعتقاد
يقول "روم لاندو" :
"على نقيض الإمبراطورية النصرانية التي حاولت أن تفرض المسيحية على جميع رعاياها فرضًا، اعترف العرب بالأقليات الدينية وقبلوا بوجودها. كان النصارى واليهود والزرادشتيون يعرفون عندهم بـ (أهل الذمة)، أو الشعوب المتمتعة بالحماية. لقد ضمنت حرية العبادة لهم من طريق الجزية.. التي أمست تدفع بدلاً من الخدمة العسكرية. وكانت هذه الضريبة مضافًا إليها الخراج، أقل في مجموعها من الضرائب التي كانت مفروضة في ظل الحكم البيزنطي. كانت كل فرقة من الفرق التي تعامل كملّة، أي كطائفة نصف مستقلة استقلالاً ذاتيًا ضمن الدولة. وكانت كل ملّة تخضع لرئيسها الديني" [1] .
ثانيًا: حرية أهل الذمة في ممارسة الشعائر
يقول ول ديورانت:
".. كان أهل الذمة المسيحيون، والزردشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم" [2] ..
ويقول" آدم متز"
"كانت حياة الذمي عند أبي حنيفة وابن حنبل تكافئ حياة المسلم، ودية المسلم، وهي مسألة مهمة جدًا من حيث المبدأ.. ولم تكن الحكومة الإسلامية تتدخل في الشعائر الدينية لأهل الذمة، بل كان يبلغ من بعض الخلفاء أن يحض مواكبهم وأعيادهم ويأمر بصيانتهم.. وكذلك ازدهرت الأديرة بهدوء.." [3] .
ثالثًا: رعاية المسلمون لأهل الذمة
يقول آرثر ستانلي تريتون [4] :
"ولما تدانى أجل (عمر بن الخطاب) أوصى من بعده وهو على فراش الموت بقوله: (أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرًا، وأن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وألا يكلفهم فوق طاقتهم) وفي الأخبار النصرانية شهادة تؤيد هذا القول، وهي شهادة (عيثويابه) الذي تولى كرسي البطريركية من سنة 647 إلى 657م إذ كتب يقول: (إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، أنهم ليسوا بأعداء للنصرانية بل يمتدحون ملّتنا ويوقرون قسيسينا وقدّيسينا، ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا). والظاهر أن الاتفاق الذي تم بين (عيثويابه) وبين العرب كان من صالح النصارى، فقد نصّ على وجوب حمايتهم من أعدائهم، وألا يحملوا قسرًا على الحرب من أجل العرب، وألا يؤذوا من أجل الاحتفاظ بعاداتهم وممارسة شعائرهم، وألا تزيد الجزية المجباة من الفقير على أربعة دراهم، وأن يؤخذ من التاجر والغني اثنا عشر درهما، وإذا كانت أمة نصرانية في خدمة مسلم فإنه لا يحق لسيدها أن يجبرها على ترك دينها أو إهمال صلاتها والتخلي عن صيامها." [5] .
رابعًا: الاستعانة بهم في أجهزة الدولة
يقول آدم متز:
"ومن الأمور التي نعجب لها كثرة عدد العمال والمتصرّفين غير المسلمين في الدولة الإسلامية" [6] ..
وقد كان عمر بن الخطاب يستخدمهم في كتابة الدواوين والترجمة.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1] روم لاندو:الإسلام والعرب ، ص119
[2] ول ديورانت : قصة الحضارة ، 3 / 130 – 131 .
[3]آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع ، 1 / 69 – 70 .
[4] آرثر ستانلي تريتون : ولد عام 1881 عين مساعد أستاذ للعربية في أدنبرا (1911) وكلاسكو (1919) وأستاذ في عليكرة في الهند (1921) ومدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن (1931-38-47)من آثاره: (الخلفاء ورعاياهم من غير المسلمين) (1930)، (علم الكلام في الإسلام) (1947)، (الإسلام إيمان وشعائر) (1950)، (مواد في التربية الإسلامية) (1957).
[5] آرثر ستانلي تريتون : أهل الذمة في الإسلام ، ص 158 – 159
[6] آدم متز : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع 1 / 87 .