و ها هي أهم قواعد تربية الولد في الإسلام :
1- الصلاة و أن يكون الأبوان قدوة صالحة :
و أعظم و أهم شيء قبل البلوغ ؛ و الولد قبل البلوغ و هو صغير مثل الشجرة الصغيرة التي تأخذ و لا تعطي ، وتحتاج إلى العناية و الرعاية الدائمة حتى يصلب العود و تثبت الجذور و تتفرع و تثمر .
فأول هذه الرعاية أن تأمره بالصلاة ، عند أبو داوود عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَ هُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَ اضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَ هُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِين ، وَ فَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ » .
التعود على الصلاة في الصغر ، يعلمه تحمل المسؤولية و احترام المواعيد ، و الطاعة و الاعتماد على النفس ، و الاختلاط بالناس و التعامل معهم و احترام الكبير ، و الاعتياد على بيت الله تعالى .
و لما تأخر عمر بن عبد العزيز عن الصلاة ، لأن الجارية كانت ترجل له شعره ، فعرف أبوه فأمر بحلق الشعر ، و هو عقوبة كبيرة .
و قد كانت أم احمد بن حنبل تسخن له الماء ليصلي الليل ، ثم يذهب لصلاة الفجر ، و كان عمره 7 سنوات .
و حديث النبي صلى الله عليه و سلم بالأمر عند سن سبع و الضرب عند سن عشر ، يرشدنا إلى التدرج ، و أنَّ الطفل قضى ثلاث سنوات متصلة في التدريب على الصلاة لوقتها ، التي هي أحب الأعمال إلى الله تعالى ، فإذا استوفى فترة التدريب و بدأ يقترب من مرحلة البلوغ و تكون الشخصية ، هنا يعاقب إذا تهاون في الصلاة حتى تنطبع أهمية الصلاة في وجدانه ، و تصبح جزء لا يتجزأ من تكوينه النفسي و تكوين شخصيته .
و لننظر إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى ، حيث قال : " و يجب على كل مطاع أن يأمر من يطيعه بالصلاة ، حتى الصغار الذين لم يبلغوا ، قال النبي صلى الله عليه و سلم :«مروهم بالصلاة لسبع و اضربوهم عليها لعشر ، و فرّقوا بينهم في المضاجع »، و من كان عنده صغير مملوك أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة ، فإنه يعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير ، و يعزر الكبير على ذلك تعزيراً بليغاً ، لأنه عصى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم " .
ما بالنسبة للقدوة الصالحة ، فهذه أعظم أنواع التربية غير المباشرة ، و ذلك أنَّ الأبناء الذكور و الإناث ، يقلدون الآباء في كل شيء يفعلونه ، و يكون هذا التقليد له أكبر أثر في التربية و إعداد الشخصية .
فعلى الآباء أن يحذروا من أن يطّلع أبنائهم على عيوبهم ، فيقلدوهم فيها و ترسخ في نفوسهم لأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر .
2- زرع الأدب و الأخلاق فيه و هو صغير :
ما رواه البخاري و مسلم عَن عمر بن أبي سَلمَة قَالَ : كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ كَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصفحة . فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ : « سم الله ، و كل يَمِينك ، و كل مِمَّا يليك » .
إنَّ الغصون إذا قومتها اعتدلت *** و لا يلين إذا قومته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث في صغر *** و ليس ينفع عند الشيبة الأدب
رأى محمد بن واسع ولده يختال في مشيته ، قال : ما هذه المشية ؟ ، إنَّ أمك أمة اشتريتها بـ 200 درهم ، و أبوك لا أكثر الله في المسلمين من أمثاله .
3-النفقة على الولد و توفير الحياة الكريمة له و الضرب إذا لزم الأمر :
قال النبي ما رواه أحمد في مسنده و صححه الألباني : « وَ أَنْفِقْ مِنْ طَولك عَلَى أَهْلِكَ ، وَ لَا تَرْفَعْ عَصَاكَ عَنْ أَهْلِكَ ، وَ أَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » .
و الضرب من أهم أصول التربية ، و لكن له شروط حتى لا يأتي بنتيجة عكسية .
و نلاحظ أنَّ الضرب لم يرد إلا في موضعين :
الأول : في قوله تعالى : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ ) النساء 34 . فجاء الضرب بعد العظة و بعد الهجر .
و أيضًا جاء الضرب في حديث النبي ، بعد أن يقضي الطفل ثلاث سنوات و هو يتعود على صلاة الجماعة في المسجد .