تسهم الدوافع الفطرية في تربية الطفل إذا أحسن المربي استخدامها وراعى فيها التوازن والاعتدال ومنها:
(1): الاستهواء: ويشترط أن يكون لصالح الطفل فلا يوحي إليه المربي بما يجعله جباناً كالوحوش والأشباح وغيرها، مع الاعتدال لأن كثرة الإيحاء للطفل تجعله تابعاً لغيره، منقاداً، ويقضي على استقلاليته ([1]) ولكي ينجح المربي في الإيحاء لا بد من الصدق وأن يكون متصفاً بما يدعو إليه كالشجاعة أو الصبر، وأن يكون ماهراً في عرض الفكرة وأن تكون رنة الصوت مؤثرة ([2]) وعلى المربي أن يحذر من وقوع طفله تحت مظلة الفسق عن طريق إعجابه بالمغنيين والممثلين، ولذا عليه أن ينفره لهم ويزرع في نفسه كراهيتهم ([3]).
(2): اللعب: ومنه يتعلم القدرة على التفكير والمهارات المختلفة ([4]) أما اللعب الجماعي فيشكل مدرسة يتعلم منها فن القيادة والطاعة والالتزام والمعايير السلوكية ([5]) كما يتدرب على أداء دوره المستقبلي ([6]) فالذّكر يمثل الأب أو المدرس أو الطبيب أو غيرهم، والفتاة تمثل دور الأم أو أي مهنة تناسبها، ولكن يجب التوازن في اللعب الجماعي والفردي حتى يبعد الطفل عن الانطواء، ويتعلم أسلوب التعامل مع الآخرين واحتمال الأذى ([7]).
(3): التقليد: ويعد من وسائل تكوين العادات والآداب الاجتماعية، وذلك بوجود القدوة التي يقلدها الطفل ([8]) ويسهل تعليم الطفل الآداب الاجتماعية إذا كان المربي نفسه متحلياً بهذه الآداب بشكل دائم وإذا عوّد الطفل على الجرأة ([9]) ويبدأ التقليد عند الطفل في آخر السنة الأولى ([10]) ويكون تقليداً غير واع ثم يصبح اقتداء يمتزج فيه الوعي بالانتماء والمحاكاة والاعتزاز ([11]) ويمكن أن يكون علاجاً للخوف إذا وجد المربي الشجاع واختلط بأقران لا يخافون ([12]) ويستفاد من التقليد في تناول الدواء والطعام وفي علاج الكسل وكثير من السلبيات.
(4): التنافس البناء: يحرك في الطفل مشاعر وطاقات لا تظهر إلا بالتنافس ([13]) ويستطيع المربي أن يحول المنافسة إلى وسيلة تربوية إذا راعى فيها أن يكون الأطفال المتنافسون بينهم فروق يسيرة، وأن يعودهم على احترام بعضهم وتهنئة الفائزين منهم ([14]) وليحذر من المقارنة التي تحط من قدر الطفل أو أن يستخدمها كعقاب فيزرع المرارة في نفسه، وعند استخدام المقارنة يجب أن تكون لتذكير الطفل من هو أفضل منه وفي نفس الوقت تزرع الثقة بأن نقارنه بمن هو أدنى منه ([15]) وكل ذلك باعتدال واتزان.
(5): التعاون: يميل الطفل إلى اللعب الجماعي في عامه الرابع ([16]) فيحسن بالوالدين استغلال هذا الميل الفطري، وذلك في عدة أمور كالأكل الجماعي والتعاون على حمل الأغراض أو الترتيب، ويتعلم من خلال العمل الجماعي قيم عُليا كالرحمة بالصغير وتكليفه بما يناسبه من العمل، والجد والمسابقة للعمل، والإيثار والمحبة، والتعاون له آثاره المشاهدة كسرعة إنجاز العمل وسهولته، ومن ذلك حمل الأواني وترتيب الألعاب والغرف ومساعدة الوالدة.
--------------------------------
([1]) انظر: كيف نربي أطفالنا، محمود الاستانبولي، ص 147- 148.
([2]) انظر: المرجع السابق.
([3]) انظر: منهج التربية الإسلامي، محمد قطب، ص 480.
([4]) انظر: برنامج عملي لتربية الأسرة، آمنة اليحيى، ص 23.
([5]) انظر: الأسرة والطفولة، زيدان عبد الباقي، ص 250- 255.
([6]) انظر: المرجع السابق، ومسئولية الأب في تربية الولد، عدنان باحارث، ص 422.
([7]) انظر: تربية الأطفال في رحاب الإسلام، محمد الناصر وخولة درويش، ص 148.
([8]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبرة، ص 151-27.
([9]) انظر: حديث إلى الأمهات: سبوك، ص 72.
([10]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبرة، ص 26.
([11]) انظر: أصول التربية الإسلامية، عبد الرحمن النحلاوي، ص 258- 260.
([12]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبرة، ص 151.
([13]) انظر: منهج التربية النبوية، محمد نور سويد، ص 347.
([14]) انظر: كيف نربي أطفالنا، محمود زياد الاستانبولي، ص 143.
([15]) انظر: كيف نربي طفلاً، محمد زياد حمدان، ص 36- 39.
([16]) انظر: المشكلات السلوكية، نبيه الغبرة، ص 188- 192.