إن استخدام أسلوب التكرار في التعليم له فوائد عظيمة النفع منها: التأكيد عن مسألة مهمة ، أو حكم هام ، ومنها تنبيه الغافل ومن به نعاس ونحوه ، ومنها حفظ الشيء المكرر . والاقتصار على ثلاث مرات ، أمر قد تكرر كثيراً في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، قال ابن التين : فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان ، أ هـ . ومن تأمل ذك وجده كما قال . وقد يزاد على الثلاث للحاجة كما يتراه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم قريباً . والتكرار قد يكون في الكلمات والجمل وقد يكون في الأسماء وقد يكون في غيرهما .
فأولاً : كرار الكلمات :
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه ، وإذا على قوم فسلم عليهم ثلاثاً . وعند الترمذي من حديث أنس : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثلاثاً . وعند الترمذي من حديث أنس : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه ) .
قال المباركفوري : والمراد أنه كان [صلى الله عليه وسلم ] يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضى المقام ذلك الصعوبه المعنى أو غرابته أو كثرة السامعين لا دائماً فإن تكرير الكلام من غير حاجة لتكريره ليس من البلاغة كذا في شرح الشمائل للبيجوري [ وقوله ] ( لتعقل عنه ) بصيغة المجهول أي لتفهم تلك الكلمة عنه صلى الله عليه وسلم أ هـ .
2- عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ـ وجلس وكان متكئاً فقال : ألا وقول الزور . قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت قال الحافظ عند قوله : ( ثلاثاً ) أي قال لهم ذلك ثلاث مرات ، وكرره تأكيداً لينتبه السامع على إحضار فهمه .
3- ومن ذلك أيضاً قصة أسامة بن زيد بن حارثة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، عندما قتل الذي قال لا إله إلا الله في إحدى الغزوات متأولاً ، قال أسامة .. ( فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فقال لي : يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ؟ قال قلت : يارسول الله إنه إنما كان متعوذاً ، قال : قتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ قال : فمازال يكررها على حتى تمنيتأني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ) قال القرطبي : في تكريره ذلك والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك . أ هـ .
ثانياً : تكرار الاسم :
1- عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل ـ فقال : يا معاذ بن جبل . قال : لبيك يارسول الله وسعديك . قال : يا معاذ . قال : لبيك يارسول الله وسعديك ( ثلاثاً ) قال : ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا اله وأن محمداً رسول اله صدقاً من قلبه إلا حرمه اله على النار ) قال يارسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال : إذا يتكلوا . وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً . )) وفي هذا الحديث نلحظ نكرار مناداة الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ثلاث مرات ، والسر في ذلك والله أعلم في تهيئة معاذ للخير العظيم الذي سوف يحمله ، ويدلل على ذلك قول معاذ في الحديث أفلا أخبر الناس فيستبشروا ؟ فإن فيه دلاله واضحة عن عظم هذا الحديث وجلالة قدرته ، لما فيه من البشرى العظيمة .ونخرج من هذا الحديث ، أن المعلم إذا أراد أن يبث خيراً هاماً لأحد طلابه أن يناديه باسم ثلاث مرات ، ثم يلقي إليه الخبر ، وقس على ذلك لو كان جماعة فله أن يناديهم بالاسم الذي يجمعهم ، كأن يقول : ياطلاب ( ثلاثا ) أو نحواً من ذلك .
الخلاصة :
1) التكرار ثلاثاً غاية ما يحصل به البيان ، ولكن قد يزاد فوق الثلاث لحاجة
2) التكرار وسيلة ناجعة في حفظ المعلومات ، وفي التركيز على النقاط الهامة
3) تكرار الاسم يجل المنادي يتهيأ لاستقبال الخير .
المقال السابق
المقال التالى