موقفه في غزوة بدر:
لما أراد الله اللقاء بين المسلمين والكافرين وكان المسلمون يريدون القافلة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف رأي الأنصار فيقول أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقال سعد بن عبادة: إيانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب اكباد الإبل الغماد لفلنا، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس.
وبكى النبي صلى الله عليه وسلم لمرضه:
يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي صلى الله عليه سلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله، فقال: "قد قضي؟ " قالوا لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا فقال: " ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه. او يرحم، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه"..
موقفه يوم فتح مكة:
أخبر ابن إسحاق:عن عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوي امر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كداء وكان الزبير على المجنبة اليسرى، وأمر سعد بن عبادة أن يدل في بعض الناس من كدي قال ابن إسحاق (من المهاجرين): فزعم أهل العلم ان سعداً حين وجه داخلاً قال: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة، فسمعها رجل. قال بن هشام: يقال أنه عمر بن الخطب، فقال: يا رسول الله أتسمع ما يقول سعد بن عبادة؟ ما نأمن أن يكون له في قريش صولة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي:" أدركه فخذ الراية منه فكن انت الذي تدخل بها"..
وذكر غير محمد ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما شكي غليه أبو سفيان قول سعد بن عبادة حين مر به، وقال: أبا سفيان اليوم يوم ملحمة، اليوم تستحل الحرمة ـ يعني الكعبة ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بل هذا يوم تعظم فيه الكعبة، وامر بالراية ـ راية الأنصار ـ أن تؤخذ من سعد بن عبادة كالتأديب له، ويقال: إنها دفعت إلى ابنه قيس بن سعد.
وقال موسى بن عقبة عن الزهري:دفعها إلى الزبير بن العوام فالله أعلم.
موقفه يوم غنائم حنين:
يقول أبو سعيد الخدري: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم حنين قسم للمتألفين من قريش وسائر العرب ما قسم ولم يكن في الأنصار منها شيء قليل ولا كثير وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى قال قائلهم: لقى والله رسول الله قومه، فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم؟ فقال: فيم؟ قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب ولم يكن فيهم من ذلك شئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة فإذا اجتمعوا فأعلمني" فخرج سعد فصرخ فيهم فجمعهم في تلك الحظيرة، فجاء رجل من المهاجرين فأذن له فدخلوا وجاء آخرون حتى إذا لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه فقال: يا رسول الله قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، حيث أمرتني أن أجمعهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: يا معشر الأنصار آلم آتكم ضلالاً فهداكم الله،، وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم".
قالوا بلى، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لا تجيبون يا معشر الأنصار؟ قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيبك؟ المن لله ولرسوله قال: "والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم جئتنا طريداً فآويناك وعائلاً فآسيناك، وخائفاً فأمناك، ومخذولاً فنصرناك، فقالوا: المن لله ولرسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوجدتم في نفوسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا، تألفت بها قوماً أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام، أفلا ترضون يا معشر الأنصر أن يذهب الناس إلى رحالهم بالشاء والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم فوالذي نفسي بيده لو أن الناس سلكوا شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار" قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا بالله رباً ورسوله قسماً ثم انصرف وتفرقوا.
موقفه يوم وفاة أمه:
روى البخاري أن ابن عباس قال: أن سعد بن عبادة رضي الله عنه أخا بني ساعدة توفيت امه وهو غائب عنها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها شئ إن تصدقت به عنه؟ قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي بالمغراف صدقة عليها.
ومن مواقفه ما أخبر به عروة عن أسامة بن زيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار عليه قطيفة فدكية وأسامة وراءه يعود سعد بن عبادة في بني حارث بن الخزرج قبل وقعة بدر فسارا حتى مرا بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي فإذا المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود وفي المسلمين عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر ابن أبي أنفه بردائه وقال لا تغبروا علينا فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال له عبد الله بن أبي ابن سلول أيها المرء لا أحسن مما تقول إن كان حقا فلا تؤذنا به في مجالسنا فمن جاءك فاقصص عليه. قال عبد الله بن رواحة بلى يا رسول الله فاغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب - يريد عبد الله بن أبي - قال كذا وكذا ). فقال سعد بن عبادة أي رسول الله بأبي أنت اعف عنه واصفح فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه ويعصبوه بالعصابة فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله تعالى {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب}. الآية.
ويروي أنس رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم: "أفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وأكَلَ طَعَامَكُمُ الأبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ"
ومن مواقفه مع النبي صلى الله عليه وسلم ما يرويه عبد الله بن سعد الأسلمي، عن آل نضلة الأسلمي، أنهم خبروا أن زاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضلت، فحملوا جفنة من حيس فأقبلوا بها حتى وضعوها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: "هلم يا أبا بكر، فقد جاءك الله بغداء طيب"! وجعل أبو بكر رضي الله عنه يغتاظ على الغلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هون عليك، فإن الأمر ليس إليك، ولا إلينا معك"! قد كان الغلام حريصاً ألا يضل بعيره، وهذا خلف مما كان معه. فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله وأبو بكر، وكل من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شبعوا. قال: وجاء سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد بزاملة تحمل زاداً، يومان رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يجدا الرسول صلى الله عليه وسلم واقفاً عند باب منزله قد أتى الله بزاملته، فقال سعد: يا رسول الله، قد بلغنا أن زاملتك أضلت مع الغلام، وهذه زاملة مكانها. فقال رسول الله، قد جاء الله بزاملتنا فارجعا بزاملتكما بارك الله عليكما! أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتك منذ نزلنا المدينة؟ قال سعد: يا رسول الله، المنة لله ولرسوله، والله يا رسول الله، للذي تأخذ من أموالنا أحب إلينا من الذي تدع. قال: صدقتم يا أبا ثابت، أبشر فقد أفلحت! إن الأخلاق بيد الله عز وجل، ومن أراد الله أن يمنحه منها خلقاً صالحاً منحه، ولقد منحك الله خلقاً صالحاً. فقال سعد: الحمد لله الذي هو فعل ذلك! قال ثابت بن قيس: يا رسول الله، إن أهل بيت سعد في الجاهلية سادتنا والمطعون في المحل منا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، لهم ما أسلموا عليه". مواقف من حياته مع الصحابة رضوان الله عليهم:
موقفه في حادث الإفك:
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في حديثها عن حادث الإفك فيما روى عنها:
وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فخطبهم، لا أعلم بذلك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت عليهم إلا خيراً ويقولون ذلك لرجل، والله ما علمت منه غلا خيراً، ولا يدخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي".
قالت: وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي ابن سلول في رجال من الزمع الذي قال مسطح وحمنة بنت جحش، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن امرأة من نسائه تناصيني في المنزلة عنده فيرها، فأما زينب فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيراً، وأما حمنة فأشاعت ذلك من ذلك ما أشاعت تضادني لأختها فشقيت بذلك، فلما قال رسول الله تلك المقالة قال اسيد بن حضير يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفيكهم وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا أمرك فو الله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم..
قالت: فقام سعد بن عبادة، وكان قبل ذلك يرى رجلاً صالحاً فقال: كذبت لعمر الله، ما تضرب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا فقال: أسيد بن حضير كذبت لعمر الله، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين، قالت وتثاور الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر.
موقفه يوم السقيفة:
يقول الزبير بن المنذر بن أبي أسيد الساعدى أن أبا بكر بعث إلى سعد بن عبادة أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك فقال لا والله لا أبايع حتى أراميكم بما في كنانتي وأقاتلك بمن تبعني من قومي وعشيرتي فلما جاءالخبر إلى أبي بكر قال بشير بن سعد يا خليفة رسول الله إنه قد أبى ولج وليس بمبايعكم او يقتل ولن يقتل حتى يقتل معه ولده عشريته ولن يقتلوا حتى تقتل الخزرج ولن تقتل الخزرج حتى تقتل الأوس فلا تحركوه فقد استقام لكم الأمر فإنه ليس بطائركم فإنه رجل وحدة ما ترك.
هذا ما أجاب به سعد بن عبادة من دعوه إلى مبايعة بي بكر بعد أن علم أن البيعة قد تمت ولكن ماذا يفيد امتناعه عن البيعة وليس له أنصار ولا أغلبية لقد طمع في الخلافة وظن ان قومه سيقاومون ويتمسكون به إلى آخر رمق من حياتهم إنه توعد وهو بمفرده لذلك لم يكترث به أحد فتركوه وشأنه.
وقال الإمام أحمد: عن حميد بن عبد الرحمن قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه في حائفة من المدينة. قال: فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال فداك أبي وأمي ما أطيبك حياً وميتاً أمات محمد ورب الكعبة، فذكر الحديث قال فانطلق أبو بكر وعمر يتعادن حتى أتوهم (أي الأنصار في سقيفة بني ساعدة)، فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا ذكره، وقال لقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً سلكت وادي الأنصار" ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنت قاعد: قريش ولاة ها الأمر، فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم فقال له سعد صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء ـ موقفه مع سيدنا عمر بن الخطاب:
لما ولى عمر لقيه ذات يوم في طريق المدينة فقال إيه يا سعد فقال إيه يا عمر فقال عمر أنت صاحب ما أنت صاحبه فقال سعد نعم أنا ذاك وقد أفضى إليك هذا الأمر كان والله صاحبك أحب إلينا منك وقدوم والله أصبحت كارهاً لجوارك فقال عمر إنه من كره جوار جاره تحول عنه فقال سعد أما أني غير مستنسئ بذلك وأنا متحول إلى جوار من هو خير منك. قال فلم يلبث إلا قليلاً حتى خرج مهاجراً إلى الشام في أول خلافة عمر بن لخطاب فمات. لم يقل سيدنا سعد هذه الكلمات لسيدنا عمر رضي الله عنه بدافع البغض والكراهية فإن رجلاً كسعد صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف تمام المعرفة مقياس الحب والبغض وهو لا يكون إلا لله وأن هذا الأمر هو من مكملات الإيمان كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم من أحب لله وأبغض لله........ الحديث ولكن قد يكون ترك سيدنا سعد لجوار سيدنا عمر حتى لا تحدث خلافات فتتسع الهوة بينهما. |