14 ـ نزول الرسول صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب الأنصاري
* عن أبي رُهم السماعي ، حدثني أبو أيوب ، قال لما نزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السفل وأنا وأم أيوب في العلو ، فقلت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله : إني أكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي ، فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفل .
فقال : " يا أبا أيوب إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن أكون في سفل البيت " .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن . فلقد انكسر حب لنا فيه ماء ، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة ما لنا لحاف غيرها ، ننشف بها الماء تخوفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه.
قال : وكنا نصنع له العشاء ثم نبعث إليه ، فإذا رد علينا فضله تيممت أنا وأم أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة ، حتى بعثنا إليه ليلة بعشائه وقد جعلنا له فيه بصلاً أو ثوماً ، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أر ليده فيه أثراً ، قال : فجئته فزعاً فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي رددت عشاءك ولم أرفيه موضع يدك؟ فقال " إني وجدت فيه ريح هذه الشجرة ، وأنا رجل أناجي ، فأما أنتم فكلوه " قال : فأكلناه ولم نصنع له تلك الشجرة بعد .
· عن أبي أيوب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه فنزل في السفل وأبو أيوب في العلو ، فانتبه أبو أيوب فاقل : نمشي فوق راس رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحوا فباتوا في جانب ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني في ذلك ، فقال : (( السفل أرفق بنا )) فقال : لا أعلو سقيفة أنت تحتها ، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم في العلو ، وأبو أيوب في السفل .
فكان يصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما ، فإذا جيء به سأل عن موضع أصابعه فيتبع موضع أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصنع له طعاماً فيه ثوم ، فلما رد إليه سأل عن موضع أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : لم يأكل . ففزع وصعد إليه فقال : أحرام ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ولكني أكرهه " قال : فإني أكره ما تكره " أو ما كرهت .قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه الملك .
غريب القصة :
ـ قطيفة : كساء له أهداب ودثار أو فراش ذو أهداث كأهداب الطنافس ونسيج من الحرير أو القطن صفيق أو بر تتخذ منه ثياب وفرش . ( المعجم الوسيط 2/747) .
ـ تيممت : قصدت .
ـ أناجي : أي الملك .
الفوائد والعبر :
1- فضل أبو أيوب الأنصاري لنزول الرسول في بيته .
2- من أدب أبو أيوب الأنصاري مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومنه يؤخذ أجلال أهل الفضل والعلم.
3- حب الصحابة للرسول صلى الله عليه وسلم وتقديرهم له قال النووي (14/ 10) : " من أوصاف المحب الصادق أن يحب ما أحب محبوبه ، ويكره ما كره " .
4- مراعاة الرسول صلى الله عليه وسلم للمضيف .
5- من الكرم عدم تكليف الضيف ما يشق عليه .
6- قلة ذات اليد عند الصحابة ، وتأمل ( ما لنا لحاف غيرها ) ! .
7- بركة الرسول صلى الله عليه وسلم .
8- مواساة الغير مما ترك من الطعام ، فقد نقل النووي عن العلماء أنه يستحب للآكل أن يفضل مما يأكل ويشرب فضلة ليواسي بها من بعده ، وقال أيضاً : ويتأكد هذا في حق الضيف لا سيما إن كانت عادة أهل الطعام أن يخرجوا كل ما عندهم وتنتظر عيالهم الفضلة كما يفعله كثير من الناس ، ونقلوا أن السلف كانوا يستحبون أفضال هذه الفضلة المذكورة ، وهذا الحديث أصل ذلك كله .
9- كراهية الرسول صلى الله عليه وسلم للثوم والبصل .
10- إباحة أكل الثوم والبصل .
11- الأدب مع الملائكة .