42- خروج النبي من مكة بعد قضاء عمرته
* عن البراء قال : اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ؛ فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيموا بها ثلاثة أيام ، فلما كتبوا الكتاب كتبوا : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله . قالوا : لا نقر بهذا ، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا ، ولكن أنت محمد بن عبد الله . قال : " أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله " ثم قال لعلي بن أبي طالب : " أمح رسول الله " قال : لا والله لا أمحوك أبداً ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب ، وليس بحسن يكتب ، فكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله لايدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب ، وألا يخرج من أهلها بأحد أراد أن يتبعه ، وألا يمنع من أصحابه أحداص أراد أن يقيم بها .
فلما دخل ومضى الأجل أتوا علياً فقالوا : قل لصاحبك : أخرج عنا فقد مضى الأجل ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فتبعته ابنة حمزة تنادي : يا عم ياعم : فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة : دونك ابنة عمك . فحملتها ، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر ، فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمي ، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي ،وقال زيد : ابنة أخي . فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال : " الخالة بمنزلة الام" وقال لعلي : " أنت مني وأنا منك " وقال لجعفر : " أشبهت خلقي وخلقي " وقال لزيد : " أنت أخونا ومولانا " قال علي : ألا تتزوج ابنة حمزة، قال : إنها ابنة أخي من الرضاعة " .
غريب القصة :
- فكتب : أي أمر عليا أن يكتب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب قال تعالى " وما كنت تتلو من كتاب ولا تخطه بيمنك " [ العنكوبوت "48] .
- خالتها تحتى : خالتها أسماء بنت عميس ، وتحتى أي زوجتى .
- أنت مني وأنا منك : في النسب والصهر والمسابقة والمحبة وغير ذلك من المزايا . (الفتح 7 / 507) .
- أخوانا ومولانا:أي زيد بن حارثة , والأخوة هنا أخوة الإيمان ، ومولانا أي عتيقنا .
الفوائد والعبر :
1- ( دونك ) كلمة من أسماء الأفعال تدل على الأمر بأخذ الشيء المشار إليه ( الفتح 7 / 505) .
2- فيه دليل أمية النبي صلى الله عليه وسلم ، أما قوله : " فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب " معناه أمر علياً أن يكتب ، والتعبير بكتب كثرت به الروايات ، وتدل على أن غيره هو الذي يكتب كقوله: ( كتب إلى قيصر ـ كتب إلى كسرى ) ولمزيد من التفضيل انظر الفتح للحافظ ابن حجر .
3- الخالة بمنزلة الام في الحنو والشفقة والاهتداء ، وهي مقدمة في الحضانة على العمة
4- تقديم أقارب الأم على أقارب الأب .
5- تعظيم صلة الرحم بحيث تقع المخاصمة بين الكبار في التواصل إليها .
6- الحاكم يبين دليل الحكم للخصم ، وأن الخصم يدلى بحجته .
7- الحاضنة إذا تزوجت بقريب المحضونة لا تسقط حضانتها إذا كانت المحضونة أنثى أخذا بظاهر الحديث ؛ قاله أحمد .
8- من فضائل علي بن أبي طالب وجعفر وزيد بن حارثة رضي الله عنهم أجمعين .
9- تطييب الخواطر بالثناء الحسن في النزاع من محاسن تقريب القلوب .