عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

لأول مرة تشهد الجزيرة العربية تلك المعاهدة المحمدية التي نادى بها النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ وأبرمها في ذي القعدة سنة ست من الهجرة (مارس628 م) ، وهي معاهدة صلح الحديبية.

رغم ما كان من بنود مجحفة بالمسلمين في هذا الصلح ..

وإن المتأمل لأحداث صلح الحديبية يتبين له إصرار النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ على تحقيق السلام، وأنه ~ صلى الله عليه و سلم ~ كان دائماً يجنح للسلم إن هيئت له أسباب إقامة السلام في أي وقت..

فعندما قصد رسول ~ صلى الله عليه و سلم ~ العمرة مع أصحابه، في العام السادس من الهجرة، أبت قريش أن تسمح للنبي وأصحابه بإداء عبادة العمرة، وهذا الفعل من القريشيين يعد جريمة كبرى في عرف العرب، إذ كيف يُصد عن البيت الحرام من جاء معظماً له !!

وعرفت قريش ضيق الموقف، فأسرعت إلى بعث سُهَيْل بن عمرو – متحدثًا رسميًا لها - للتفاوض مع النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~   حول عقد الصلح، وأكدت له أن يكون في شروط الصلح : أن يرجع عن مكة عامه هذا دون عمرة، ففي ذلك – كما يرى القرشيون - جرح لمشاعر المشركين بعدما انتصر عليهم المسلمون في معركة  بدر انتصارًا ساحقًا ، وحتى لا تتحدث العرب أن محمدًا  ~ صلى الله عليه و سلم ~ دخل مكة وأدى العمرة رغمًا عن المشركين -.

فأتاه سهيل بن عمرو، فلما رآه ~ صلى الله عليه و سلم ~قال‏:‏ ‏"‏قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل"‏ [1] ، فجاء سهيل فتكلم طويلاً، ثم اتفقا على قواعد الصلح، وهي هذه ‏[2] :‏

البند الأول ‏:‏ الرسول  ~ صلى الله عليه و سلم ~  يرجع من عامه هذا، فلا يدخل مكة، وإذا كان العام القابل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثاً، معهم سلاح الراكب، السيوف في القُرُب، ولا يتعرض لهم بأي نوع من أنواع التعرض‏.‏

البند الثاني :  وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض‏.‏

البند الثالث :  ‏ من أحب أن يدخل في عقد محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزءاً من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق‏.‏

البند الرابع:  من أتي محمداً  ~ صلى الله عليه و سلم ~ من قريش من غير إذن وليه ـ أي هارباً منهم ـ رده عليهم، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ ـ أي هارباً منه ـ لم يرد عليه!ّ‏

ثم ُدعي علي بن أبي طالب ليكتب مسودة المعاهدة، وكره سهيل بن عمرو ـ مبعوث القريشيين ـ أن يكتب في  صدر الوثيقة " محمد رسول الله " وأبى عليّ بن أبي طالب، وهو كاتب الوثيقة ، أن يمحو بيده " رسول الله " ، فمحا النبي- صلى الله عليه وسلم -هذه الصفة بيده الكريمة، وأمر الكاتب أن يكتب " محمد بن عبد الله " [3] .وهذا الموقف يدل على سماحته في التفاوض.. ثم تمت كتابة الوثيقة ، ولما تم الصلح دخلت قبيلة خزاعة في عهد رسول الله وكانوا حليف بني هاشم منذ عهد عبد المطلب، ، فكان دخولهم في هذا العهد تأكيداً لذلك الحلف القديم ـ ودخلت قبيلة بنو بكر في عهد قريش [4] .      

                                          


-------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

[1] صحيح ـ رواه البيهقي في السنن الكبرى ( 9\ 220)، وهو في الإرواء(1\ 57).

[2] انظر: السهيلي : الروض الأنف 4\ 48،وابن هشام\ 316، وابن كثير: السيرة النبوية 3\ 320.

[3] انظر: ابن حزم: جوامع السيرة 1 / 209  .

 [4] انظر: محمد بن يوسف الصالحي سبل الهدى والرشاد 5\ 52.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق