عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

الثابت والمتغير، المطلق والنسبي، بُعدان أساسيان في خلود الرسالة الإسلامية وخاتميتها، وصلاحيتها ورفقها بالمكلفين. 

 و لما كانت الشريعة الإسلامية شريعة البشرية من يوم أرسل الله بها النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها، كان لابد لها ـ لتتضمن وتؤمن مصالح البشر دائماً ـ من أن تكون نصوصها مرنة تحتمل كل تطور الأزمنة وتبدل العصور وتواكب الجديد [1] .

 إن هذه الشريعة بما فيها من مرونة وشمول، استجابت لمطالب حياة البادية، كما استجابت فيما بعد لحياة الدولة الناشئة في عهد النبي ~ صلى الله عليه و سلم ~ ، المتوسعة في عهد عمر . ثم ظلت تستجيب لحياة الحضارة فيما بعد [2] .

 و الحق، أن المبدأين كليهما من الثبات والتغير يعملان معاً، في الكون  والحياة ، كما هو مشاهد و ملموس .. فلا عجب أن تأتي شريعة الإسلام، ملائمة لفطرة الإنسان و فطرة الوجود ، جامعة بين عنصر الثبات  و عنصر المرونة .. وبهذه المزية يستطيع المجتمع المسلم  أن يستمر و يرتقي؛ ثابتاً على أصوله و قيمه وغاياته، متطوراً في معارفه و أساليبه وأدواته. فبالثبات، يستعصي هذا المجتمع على عوامل الانهيار والفناء، أو الذوبان في المجتمعات الأخرى ، أو التفكك إلى عدة مجتمعات ، تتناقض في الحقيقة و إن ظلت داخل مجتمع و احد في الصورة .. بالثبات يستقر التشريع وتتبادل الثقة و تبنى  المعاملات  والعلاقات على دعائم مكينة ، وأسس راسخة، لا تعصف بها الأهواء والتقلبات السياسية والاجتماعية ما بين يوم و آخر ... وبالمرونة ، يستطيع هذا المجتمع أن يكيف نفسه وعلاقاته حسب تغير الزمن، وتغير أوضاع الحياة ، دون أن يفقد خصائصه و مقوماته الذاتية [3] ..

 وإن المبدأين كليهما ( الثبات و التغير ) يعبران عما هو أكثر من سمة من سمات هذا الدين؛ إنهما يعبران عن مكونات هذه الشريعة .. فأحكام الشريعة نجدها تنقسم  إلى قسمين أساسيين : قسم يمثل الثبات و الخلود، و قسم يمثل المرونة و التطور .. ولكن ما هو مجال الثبات ومجال المرونة في شريعة الإسلام ؟ و ما دلائل ذلك .. نبين ذلك في المطلب التالي.

 

-------------------------------------------------------------------------------------------------------------

 

[1] انظر: أحمد الحجي الكردي : بحوث في علم أصول الفقه، ص44، 45.

[2] انظر: سيد قطب : معركة الإسلام والرأسمالية ، ص67 .

[3] انظر: يوسف القرضاوي :الخصائص العامة للإسلام ، ص203.




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق