عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
ذكر ما روي من حكم رسول الله في تمكين المرأة من فراق زوجها إذا أعسر بنفقتها


روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله أفضل ما ترك غنى وفي لفظ ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى بمن تعول تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني ويقول الولد أطعمني إلى من تدعني قالوا يا أبا هريرة سمعت  هذا من رسول قال لا هذا من كيس أبي هريرة

وذكر النسائي هذا الحديث في كتابه وقال فيه وابدأ بمن تعول فقيل من أعول يا رسول قال امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني خادمك يقول أطعمني واستعملني ولدك يقول إلى من تتركني وهذا في جميع نسخ كتاب النسائي هكذا وهو عنده من حديث سعيد أيوب عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ومحمد ثقتان

 


وقال الدارقطني حدثنا أبو بكر الشافعي حدثنا محمد بن بشر بن مطر حدثنا شيبان بن حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي قال المرأة تقول لزوجها أو طلقني الحديث وقال الدارقطني حدثنا عثمان بن أحمد بن السماك وعبدالباقي بن قانع وإسماعيل بن قالوا أخبرنا أحمد بن علي الخزاز حدثنا إسحاق بن إبراهيم الباوردي حدثنا إسحاق منصور حدثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب في الرجل لا يجد ينفق على امرأته قال يفرق بينهما وبهذا الإسناد إلى حماد بن سلمة عن عاصم بن عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي مثله وقال سعيد بن منصور في سننه حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال سألت سعيد بن المسيب الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته أيفرق بينهما قال نعم قلت سنة قال سنة وهذا إلى سنة رسول الله فغايته أن يكون من مراسيل سعيد بن المسيب واختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة على أقوال أحدها أنه يجبر على أن ينفق أو يطلق روى سفيان عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن قال إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته أجبر على طلاقها ... الثاني إنما يطلقها عليه الحاكم وهذا قول مالك لكنه قال يؤجل في عدم النفقة شهرا فإن انقضى الأجل وهي حائض أخر حتى تطهر وفي الصداق عامين ثم يطلقها عليه طلقة رجعية فإن أيسر في العدة فله ارتجاعها وللشافعي قولان أحدهما أن تخير إن شاءت أقامت معه وتبقى نفقة المعسر دينا لها في ذمته قال أصحابه هذا أمكنته من نفسها وإن لم تمكنه سقطت نفقتها وإن شاءت فسخت النكاح

 

 

والقول الثاني ليس لها أن تفسخ لكن يرفع الزوج يده عنها لتكتسب والمذهب أنها تملك

قالوا وهل هو طلاق أو فسخ فيه وجهان أحدهما أنه طلاق فلا بد من الرفع إلى القاضي حتى يلزمه أن يطلقها أو ينفق فإن أبى الحاكم عليه طلقة رجعية فإن راجعها طلق عليه ثانية فإن راجعها طلق عليه ثالثة والثاني أنه فسخ فلا بد من الرفع إلى الحاكم ليثبت الإعسار ثم تفسخ هي وإن اختارت ثم أرادت الفسخ ملكته لأن النفقة يتجدد وجوبها كل يوم وهل تملك الفسخ في أو لا تملكه إلا بعد مضي ثلاثة أيام فيه قولان الصحيح عندهم الثاني قالوا وجد في اليوم الثالث نفقتها وتعذر عليه نفقة اليوم الرابع فهل يجب استئناف هذا فيه وجهان وقال حماد بن أبي سليمان يؤجل سنة ثم يفسخ قياسا على العنين عمر بن عبدالعزيز يضرب له شهر أو شهران وقال مالك الشهر ونحوه وعن أحمد إحداهما   ظاهر مذهبه أن المرأة تخير بين المقام معه وبين الفسخ فإن اختارت الفسخ رفعته الحاكم فيخير الحاكم بين أن يفسخ عليه أو يجبره على الطلاق أو يأذن لها في فإن فسخ أو أذن في الفسخ فهو فسخ لا طلاق ولا رجعة له وإن أيسر في العدة وإن على الطلاق فطلق رجعيا فله رجعتها فإن راجعها وهو معسر أو امتنع من الإنفاق فطلبت الفسخ فسخ عليه ثانيا وثالثا

 

 

وإن رضيت المقام معه مع عسرته ثم بدا لها أو تزوجته عالمة بعسرته ثم اختارت الفسخ فلها ذلك قال القاضي وظاهر كلام أحمد أنه ليس لها الفسخ في الموضعين ويبطل خيارها وهو قول لأنها رضيت بعيبه ودخلت في العقد عالمة به فلم تملك الفسخ كما لو تزوجت عنينا بعنته وقالت بعد العقد قد رضيت به عنينا وهذا الذي قاله القاضي هو مقتضى والحجة والذين قالوا لها الفسخ وإن رضيت بالمقام قالوا حقها متجدد كل يوم فيتجدد لها بتجدد حقها قالوا ولأن رضاها يتضمن إسقاط حقها فيما لم يجب فيه من الزمان يسقط كإسقاط الشفعة قبل البيع قالوا وكذلك لو أسقطت النفقة المستقبلة لم تسقط لو أسقطتها قبل العقد جملة ورضيت بلا نفقة وكذلك لو أسقطت المهر قبله لم وإذا لم يسقط وجوبها لم يسقط الفسخ الثابت به والذين قالوا بالسقوط أجابوا عن ذلك بأن حقها في الجماع يتجدد ومع هذا إذا أسقطت من الفسخ بالعنة سقط ولم تملك الرجوع فيه قالوا وقياسكم ذلك على إسقاط نفقتها قياس على أصل غير متفق عليه ولا ثابت بالدليل الدليل يدل على سقوط الشفعة بإسقاطها  البيع كما صح عن النبي أنه قال لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن باعه يؤذنه فهو أحق بالبيع وهذا صريح في أنه إذا أسقطها قبل البيع لم يملك طلبها وحينئذ فيجعل هذا أصلا لسقوط حقها من النفقة بالإسقاط ونقول خيار لدفع الضرر بإسقاطه قبل ثبوته كالشفعة ثم ينتقض هذا بالعيب في العين المؤجرة فإن إذا دخل عليه أو علم به ثم اختار ترك الفسخ لم يكن له الفسخ بعد هذا حقه بالإنتفاع كل وقت كتجدد حق المرأة من النفقة سواء ولا فرق

 

 

وأما قوله أسقطها قبل النكاح أو أسقط المهر قبله لم يسقط فليس إسقاط الحق قبل سببه بالكلية كإسقاطه بعد انعقاد سببه هذا إن كان في المسألة إجماع وإن كان خلاف فلا فرق بين الإسقاطين وسوينا بين الحكمين وإن كان بينهما فرق امتنع وعنه رواية أخرى ليس لها الفسخ وهذا قول أبي حنيفة وصاحبيه وعلى هذا لا يلزمها من الإستمتاع لأنه لم يسلم إليها عوضه فلم يلزمها تسليمه كما لو أعسر بثمن المبيع لم يجب تسليمه إليه وعليه تخلية سبيلها لتكتسب لها وتحصل ما على نفسها لأن في حبسها بغير نفقة إضرارا بها فإن قيل فلو كانت موسرة فهلا يملك حبسها قيل قد قالوا أيضا لا يملك حبسها لأنه يملكه إذا كفاها المؤنة وأغناها عما لا بد لها منه من النفقة والكسوة ولحاجته الإستمتاع الواجب له عليها   انتفى هذا وهذا لم يملك حبسها وهذا قول جماعة من السلف والخلف ذكر عبدالرزاق عن ابن جريج قال سألت عطاء عمن لا يجد ما يصلح امرأته من النفقة ليس لها إلا ما وجدت ليس لها أن يطلقها وروى حماد بن سلمة عن جماعة عن الحسن أنه قال في الرجل يعجز عن نفقة امرأته قال تواسيه وتتقي الله وتصبر وينفق ما استطاع وذكر عبدالرزاق عن معمر قال سألت الزهري عن رجل لا يجد ما ينفق امرأته أيفرق بينهما قال تستأني به ولا يفرق بينهما وتلا ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق: من الآية7)

 

 

قال معمر وبلغني عن عمر بن مثل قول الزهري سواء وذكر عبدالرزاق عن سفيان الثوري في المرأة يعسر بنفقتها قال هي امرأة ابتليت فلتصبر ولا تأخذ بقول من فرق بينهما قلت عن عمر بن عبدالعزيز ثلاث روايات هذه إحداها والثانية روى ابن وهب عن عبدالرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال شهدت عمر بن يقول لزوج امرأة شكت إليه أنه لا ينفق عليها اضربوا له أجلا شهرا أو فإن لم ينفق عليها إلى ذلك الأجل فرقوا بينه وبينها والثالثة ذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن عبدالرحمن أن رجلا شكى إلى عمر عبدالعزيز بأنه أنكح ابنته رجلا لا ينفق عليها فأرسل إلى الزوج فأتى فقال وهو يعلم أنه ليس لي شيء فقال عمر أنكحته وأنت تعرفه قال نعم قال   الذي أصنع اذهب بأهلك والقول بعدم التفريق مذهب أهل الظاهر كلهم وقد تناظر فيها مالك وغيره فقال مالك الناس يقولون إذا لم ينفق الرجل على امرأته فرق بينهما فقيل له قد كانت رضي الله عنهم يعسرون ويحتاجون فقال مالك ليس الناس اليوم كذلك إنما رجاء ومعنى كلامه أن نساء الصحابة رضي الله عنهم كن يردن الدار الآخرة وما عند الله يكن مرادهن الدنيا فلم يكن يبالين بعسر أزواجهن لأن أزواجهن كانوا كذلك وأما اليوم فإنما يتزوجن رجاء دنيا الأزواج ونفقتهم وكسوتهم فالمرأة إنما تدخل على رجاء الدنيا فصار هذا المعروف كالمشروط في العقد وكان عرف الصحابة كالمشروط في العقد والشرط العرفي في أصل مذهبه كاللفظي وإنما أنكر على كلامه هذا من لم يفهمه ويفهم غوره وفي المسألة مذهب آخر وهو أن الزوج إذا أعسر بالنفقة حبس حتى يجد ما ينفقه وهذا حكاه الناس عن ابن حزم وصاحب المغني وغيرهما عن عبيدالله بن الحسن العنبري البصرة ويالله العجب لأي شيء يسجن ويجمع عليه بين عذاب السجن وعذاب الفقر البعد عن أهله سبحانك هذا بهتان عظيم وما أظن من شم رائحة العلم يقول هذا

 

 

 وفي المسألة مذهب آخر وهو أن المرأة تكلف الإنفاق عليه إذا كان عاجزا عن نفقة وهذا مذهب أبي محمد بن حزم وهو خير بلا شك من مذهب العنبري قال في المحلى فإن الزوج عن نفقة نفسه وامرأته غنية كلفت النفقة عليه ولا ترجع بشيء من ذلك إن  ذلك قول الله عز وجل (  وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك ) البقرة فالزوجة وارثة فعليها النفقة بنص القرآن ويا عجبا لأبي محمد لو تأمل سياق الآية لتبين له منها خلاف ما فهمه فإن الله قال ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) وهذا ضمير الزوجات بلا شك قال (وعلى الوارث مثل ذلك ) فجعل سبحانه على وارث المولود له أو وارث الولد من الوالدات وكسوتهن بالمعروف مثل ما على الموروث فأين في الآية نفقة على غير حتى يحمل عمومها على ما ذهب إليه واحتج من لم ير الفسخ بالإعسار بقوله تعالى ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق:7) قالوا وإذا يكلفه الله النفقة في هذه الحال فقد ترك ما لا يجب عليه ولم يأثم بتركه فلا سببا للتفريق بينه وبين حبه وسكنه وتعذيبه بذلك قالوا وقد روى مسلم في صحيحه حديث أبي الزبير عن جابر دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على رسول الله جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا فقال أبو بكر يا رسول الله لو رأيت بنت سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك رسول الله وقال هن حولي كما يسألنني النفقة فقام أبو بكر إلى عائشة يجأعنقها وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها يقول تسألن رسول الله ما ليس عنده فقلن والله لا نسأل رسول الله شيئا ما ليس عنده ثم اعتزلهن رسول الله شهرا   الحديث

 

قالوا فهذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يضربان ابنتيهما بحضرة رسول الله إذ نفقة لا يجدها ومن المحال أن يضربا طالبتين للحق ويقرهما رسول الله على فدل على أنه لا حق لهما فيما طلبتاه من النفقة في حال الإعسار وإذا كان طلبهما باطلا فكيف تمكن المرأة من فسخ النكاح بعدم ما ليس لها طلبه ولا يحل لها وقد الله سبحانه صاحب الدين أن ينظر المعسر إلى الميسرة وغاية النفقة أن تكون دينا مأمورة بإنظار الزوج إلى الميسرة بنص القرآن هذا إن قيل تثبت في ذمة الزوج قيل تسقط بمضي الزمان فالفسخ أبعد وأبعد قالوا فالله تعالى أوجب على صاحب الحق الصبر على المعسر وندبه إلى الصدقة بترك وما عدا هذين الأمرين فجور لم يبحه له ونحن نقول لهذه المرأة كما قال الله لها سواء بسواء إما أن تنظريه إلى الميسرة وإما أن تصدقي ولا حق لك فيما عدا الأمرين

 

 

قالوا ولم يزل في الصحابة المعسر والموسر وكان معسروهم أضعاف أضعاف موسريهم فما النبي قط امرأة واحدة من الفسخ بإعسار زوجها ولا أعلمها أن الفسخ حق لها فإن صبرت وإن شاءت فسخت وهو يشرع الأحكام عن الله تعالى بأمره فهب أن الأزواج حقهن أفما كان فيهن امرأة واحدة تطالب بحقها وهؤلاء نساؤه خير نساء يطالبنه بالنفقة حتى أغضبنه وحلف ألا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته فلو كان من المستقر في شرعه أن المرأة تملك الفسخ بإعسار زوجها لرفع إليه ولو من امرأة واحدة رفع إليه ما ضرورته دون ضرورة فقد النفقة من فقد النكاح وقالت له امرأة رفاعة نكحت بعد رفاعة عبدالرحمن بن الزبير وإن ما معه مثل هدبة الثوب تريد أن يفرق وبينها ومن المعلوم أن هذا كان فيهم في غاية الندرة بالنسبة إلى الإعسار فما منه امرأة واحدة أن يفرق بينه وبينها بالإعسار

 

 

قالوا وقد جعل الله الفقر والغنى مطيتين للعباد فيفتقر الرجل الوقت ويستغني الوقت كان كل من افتقر فسخت عليه امرأته لعم البلاء وتفاقم الشر وفسخت أنكحة أكثر وكان الفراق بيد أكثر النساء فمن الذي لم تصبه عسرة ويعوز النفقة أحيانا قالوا ولو تعذر من المرأة الإستمتاع بمرض متطاول وأعسرت بالجماع لم يمكن الزوج من النكاح بل يوجبون عليه النفقة كاملة مع إعسار زوجته بالوطء فكيف يمكنونها من بإعساره عن النفقة التي غايتها أن تكون عوضا عن الإستمتاع قالوا وأما حديث أبي هريرة فقد صرح فيه بأن قوله امرأتك تقول أنفق علي وإلا طلقني كيسه لا من كلام النبي وهذا في الصحيح عنه ورواه عنه سعيد بن أبي سعيد وقال يقول أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث امرأتك تقول فذكر الزيادة

 

 

وأما حديث حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي فأشار إلى حديث يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على قال يفرق بينهما فحديث منكر لا يحتمل أن يكون عن النبي أصلا وأحسن أحواله يكون عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا والظاهر أنه   بالمعنى وأراد قول أبي هريرة رضي الله عنه امرأتك تقول أطعمني أو طلقني وأما يكون عند أبي هريرة عن النبي أنه سئل عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما فوالله ما قال هذا رسول الله ولا سمعه أبو هريرة ولا حدث به وأبو هريرة لا يستجيز أن يروي عن النبي امرأتك تقول أطعمني وإلا طلقني ويقول من كيس أبي هريرة لئلا يتوهم نسبته إلى النبي والذي تقتضيه أصول الشريعة وقواعدها في هذه المسألة أن الرجل إذا غر المرأة بأنه مال فتزوجته على ذلك فظهر معدما لا شيء له أو كان ذا مال وترك الإنفاق على ولم تقدر على أخذ كفايتها من ماله بنفسها ولا بالحاكم أن لها الفسخ وإن عالمة بعسرته أو كان موسرا ثم أصابته جائحة اجتاحت ماله فلا فسخ لها في ذلك تزل الناس تصيبهم الفاقة بعد اليسار ولم ترفعهم أزواجهم إلى الحكام ليفرقوا وبينهن وبالله التوفيق وقد قال جمهور الفقهاء لا يثبت لها الفسخ بالإعسار بالصداق وهذا قول أبي حنيفة وهو الصحيح من مذهب أحمد رحمه الله اختاره عامة أصحابه وهو قول كثير من الشافعي وفصل الشيخ أبو إسحاق وأبو علي بن أبي هريرة فقالا إن كان قبل ثبت به الفسخ وبعده لا يثبت وهو أحد الوجوه من مذهب أحمد هذا مع أنه عوض وهو أحق أن يوفى من ثمن المبيع كما دل عليه النص كل ما تقرر في عدم الفسخ به في النفقة وأولى

 

 

فإن قيل في الإعسار بالنفقة من الضرر اللاحق بالزوجة ما ليس   الإعسار بالصداق فإن البنية تقوم بدونه بخلاف النفقة قيل والبنية قد تقوم بدون بأن تنفق من مالها أو ينفق عليها ذو قرابتها أو تأكل من غزلها وبالجملة بما تعيش به زمن العدة وتقدر زمن عسرة الزوج كله عدة ثم الذين يجوزون لها الفسخ يقولون لها أن تفسخ ولو كان معها القناطير المقنطرة من والفضة إذا عجز الزوج عن نفقتها وبإزاء هذا القول قول منجنيق الغرب أبي محمد حزم إنه يجب عليها أن تنفق عليه في هذه الحال فتعطيه مالها وتمكنه من نفسها ومن قول العنبري بأنه يحبس وإذا تأملت أصول الشريعة وقواعدها وما اشتملت عليه من المصالح ودرء المفاسد ودفع المفسدتين باحتمال أدناهما وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما تبين لك الراجح من هذه الأقوال وبالله التوفيق

 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق