عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل في حكمه وخلفائه في أحد الزوجين يجد بصاحبه برصا أو جنونا أو جذاما أو الزوج عنينا


في مسند أحمد من حديث يزيد بن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله تزوج من بني غفار فلما دخل عليها ووضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها بياضا عن الفراش ثم قال خذي عليك ثيابك ولم يأخذ مما آتاها شيئا ..وفي الموطأ عن عمر أنه قال أيما امرأة غر بها رجل بها جنون أو جذام أو برص فلها بما أصاب منها وصداق الرجل على من غره وفي لفظ آخر قضى عمر في البرصاء والجذماء والمجنونة إذا دخل بها فرق بينهما لها بمسيسه إياها وهو له على وليها

 

 


وفي سنن أبي داود من حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما طلق عبد يزيد أبو زوجته أم ركانة ونكح امرأة من مزينة فجاءت إلى النبي فقالت ما يغني عني كما تغني هذه الشعرة   أخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه فأخذت النبي حمية فذكر الحديث وفيه أنه له طلقها ففعل ثم قال راجع امرأتك أم ركانة فقال إني طلقتها ثلاثا يا رسول قال قد علمت ارجعها وتلا (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) 1 ولا علة لهذا الحديث إلا رواية ابن جريج له عن بعض بني أبي رافع وهو مجهول ولكن تابعي وابن جريج من الأئمة الثقات العدول ورواية العدل عن غيره تعديل له ما لم فيه جرح ولم يكن الكذب ظاهرا في التابعين ولا سيما التابعين من أهل المدينة سيما موالي رسول الله ولا سيما مثل هذه السنة التي تشتد حاجة الناس إليها لا بابن جريج أنه حملها عن كذاب ولا عن غير ثقة عنده ولم يبين حاله

 


وجاء التفريق بالعنة عن عمر وعثمان وعبدالله بن مسعود وسمرة بن جندب ومعاوية بن سفيان والحارث بن عبدالله بن أبي ربيعة والمغيرة بن شعبة لكن عمر وابن مسعود أجلوه سنة وعثمان ومعاوية وسمرة لم يؤجلوه والحارث بن عبدالله أجله عشرة
وذكر سعيد بن منصور حدثنا هشيم أنبأنا عبدالله بن عوف عن ابن سيرين أن عمر بن رضي الله عنه بعث رجلا على بعض السعاية فتزوج امرأة وكان عقيما فقال له عمر أنك عقيم   لا قال فانطلق فأعلمها ثم خيرها وأجل مجنونا سنة فإن أفاق وإلا فرق بينه وبين امرأته فاختلف الفقهاء في ذلك فقال داود وابن حزم ومن وافقهما لا يفسخ النكاح بعيب ألبتة أبو حنيفة لا يفسخ إلا بالجب والعنة خاصة وقال الشافعي ومالك يفسخ بالجنون والجذام والقرن والجب والعنة خاصة وزاد الإمام أحمد عليهما أن تكون المرأة منخرقة ما بين السبيلين ولأصحابه في نتن الفرج والفم وانخراق مخرجي البول في الفرج والقروح السيالة فيه والبواسير والناصور والإستحاضة واستطلاق والنجو والخصي وهو قطع البيضتين والسل وهو سل البيضتين والوجء وهو رضهما أحدهما خنثى مشكلا والعيب الذي بصاحبه مثله من العيوب السبعة والعيب الحادث العقد وجهان وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى رد المرأة بكل عيب ترد به الجارية في البيع وأكثرهم يعرف هذا الوجه ولا مظنته ولا من قاله وممن حكاه أبو عاصم العباداني في كتاب أصحاب الشافعي وهذا القول هو القياس أو قول ابن حزم ومن وافقه وأما الإقتصار على عيبين أو ستة أو سبعة أو ثمانية دون ما هو أولى منها أو مساو فلا وجه له فالعمى والخرس والطرش وكونها مقطوعة اليدين أو الرجلين أو إحداهما كون الرجل كذلك من أعظم المنفرات والسكوت عنه من أقبح التدليس والغش وهو مناف والإطلاق   ينصرف إلى السلامة فهو كالمشروط عرفا وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له أخبرها أنك عقيم وخيرها فماذا يقول الله عنه في العيوب التي هذا عندها كمال لا نقص

 

 


والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة يوجب الخيار وهو أولى من البيع كما أن الشروط المشترطة في النكاح أولى من شروط البيع وما ألزم الله ورسوله مغرورا قط ولا مغبونا بما غر به وغبن ومن تدبر مقاصد الشرع في مصادره وموارده وعدله وحكمته وما اشتمل عليه من لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة وقد روى يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن المسيب قال قال عمر أيما امرأة زوجت وبها أو جذام أو برص فدخل بها ثم اطلع على ذلك فلها مهرها بمسيسه إياها وعلى الولي بما دلس كما غره ورد هذا بأن ابن المسيب لم يسمع من عمر من باب الهذيان البارد المخالف لإجماع أهل قاطبة قال الإمام أحمد إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل وأئمة وجمهورهم يحتجون بقول سعيد بن المسيب قال رسول الله فكيف بروايته عن عمر الله عنه وكان عبدالله بن عمر يرسل إلى سعيد يسأله عن قضايا عمر فيفتي بها ولم أحد قط من أهل عصره ولا من بعدهم ممن له في الإسلام قول معتبر في رواية سعيد المسيب عن عمر ولا عبرة بغيرهم وروى الشعبي عن علي أيما امرأة نكحت وبها برص أو جنون أو جذام أو قرن فزوجها ما لم يمسها إن شاء أمسك وإن شاء طلق   مسها فلها المهر بما استحل من فرجها وقال وكيع عن سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر قال إذا برصاء أو عمياء فدخل بها فلها الصداق ويرجع به على من غره وهذا يدل على أن لم يذكر تلك العيوب المتقدمة على وجه الإختصاص والحصر دون ما عداها وكذلك حكم الإسلام حقا الذي يضرب المثل بعلمه ودينه وحكمه شريح قال عبدالرزاق عن معمر أيوب عن ابن سيرين خاصم رجل إلى شريح فقال إن هؤلاء قالوا لي إنا نزوجك بأحسن فجاؤوني بامرأة عمشاء فقال شريح إن كان دلس لك بعيب لم يجز فتأمل هذا القضاء إن كان دلس لك بعيب كيف يقتضي أن كل عيب دلست به المرأة فللزوج الرد به وقال يرد النكاح من كل داء عضال

 

 


ومن تأمل فتاوي الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب إلا رواية عن عمر رضي الله عنه لا ترد النساء إلا من العيوب الأربعة الجنون والجذام والداء في الفرج وهذه الرواية لا نعلم لها إسنادا أكثر من أصبغ عن ابن وهب عمر وعلي روي عن ابن عباس ذلك بإسناد متصل ذكره سفيان عن عمرو بن دينار عنه هذا إذا أطلق الزوج وأما إذا اشترط السلامة أو شرط الجمال فبانت شوهاء أو شرطها حديثة السن فبانت عجوزا شمطاء أو   بيضاء فبانت سوداء أو بكرا فبانت ثيبا فله الفسخ في ذلك كله فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها وإن كان بعده فلها المهر وهو غرم على وليها إن غره وإن كانت هي الغارة سقط مهرها أو رجع عليها به إن كانت قبضته ونص على هذا في إحدى الروايتين عنه وهو أقيسهما وأولاهما بأصوله فيما إذا كان الزوج هو وقال أصحابه إذا شرطت فيه صفة فبان بخلافها فلا خيار لها إلا في شرط الحرية إذا عبدا فلها الخيار وفي شرط النسب إذا بان بخلافه وجهان والذي يقتضيه مذهبه أنه لا فرق بين اشتراطه واشتراطها بل إثبات الخيار لها إذا فات ما اشترطته لأنها لا تتمكن من المفارقة بالطلاق فإذا جاز له الفسخ مع تمكنه من الفراق فلأن يجوز لها الفسخ مع عدم تمكنها أولى وإذا جاز لها الفسخ إذا ظهر الزوج صناعة دنيئة لا تشينه ولا في عرضه وإنما تمنع كمال لذتها واستمتاعها به فإذا شابا جميلا صحيحا فبان شيخا مشوها أعمى أطرش أخرس أسود فكيف تلزم به وتمنع الفسخ هذا في غاية الامتناع والتناقض والبعد عن القياس وقواعد الشرع وبالله وكيف يمكن أحد الزوجين من الفسخ بقدر العدسة من البرص ولا يمكن منه بالجرب المتمكن وهو أشد إعداء من ذلك البرص اليسير وكذلك غيره من أنواع الداء وإذا كان النبي حرم على البائع كتمان عيب سلعته وحرم على من علمه أن يكتمه من فكيف بالعيوب في النكاح وقد قال النبي لفاطمة بنت قيس حين استشارته في معاوية أو أبي الجهم   أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه فعلم أن بيان في النكاح أولى وأوجب فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش الحرام به سببا للزومه ذا العيب غلا لازما في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه ولا سيما مع شرط السلامة وشرط خلافه وهذا مما يعلم يقينا أن تصرفات الشريعة وقواعدها وأحكامها تأباه أعلم

 


وقد ذهب أبو محمد ابن حزم إلى أن الزوج إذا شرط السلامة من العيوب فوجد أي عيب فالنكاح باطل من أصله غير منعقد ولا خيار له فيه ولا إجازة ولا نفقة ولا ميراث لأن التي أدخلت عليه غير التي تزوج إذ السالمة غير المعيبة بلا شك فإذا لم فلا زوجية بينهما


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق