عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 
فصل في حكمه في ثبوت الخيار للمعتقة تحت العبد


ثبت في الصحيحين والسنن أن بريرة كاتبت أهلها وجاءت تسأل النبي في كتابتها عائشة رضي الله عنها إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت لأهلها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فقال النبي لعائشة رضي الله عنها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ثم خطب الناس فقال ما بال أقوام شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس  في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما لمن أعتق ثم خيرها رسول الله بين أن تبقى على نكاح زوجها وبين أن تفسخه نفسها فقال لها إنه زوجك وأبو ولدك فقالت يا رسول الله تأمرني بذلك قال لا أنا شافع قالت فلا حاجة لي فيه وقال لها إذ خيرها إن قربك فلا خيار لك وأمرها تعتد وتصدق عليها بلحم فأكل منه النبي وقال هو عليها صدقة ولنا هدية

 

 


وكان في قصة بريرة من الفقه جواز مكاتبة المرأة وجواز بيع المكاتب وإن لم يعجزه وهذا مذهب أحمد المشهور عنه وعليه أكثر نصوصه وقال في رواية أبي طالب لا يطأ ألا ترى أنه لا يقدر أن يبيعها وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي والنبي أقر عائشة رضي الله عنها على شرائها وأهلها على بيعها ولم يسأل أعجزت أم لا تستعين في كتابتها لا يستلزم عجزها وليس في بيع المكاتب محذور فإن بيعه لا كتابته فإنه يبقى عند المشتري كما كان عند البائع إن أدى إليه عتق وإن عجز عن فله أن يعيده إلى الرق كما كان عند بائعه فلو لم تأت السنة بجواز بيعه لكان يقتضيه   ادعى غير واحد الإجماع القديم على جواز بيع المكاتب قالوا لأن قصة بريرة وردت الكافة ولم يبق بالمدينة من لم يعرف ذلك لأنها صفقة جرت بين أم المؤمنين وبين الصحابة رضي الله عنهم وهم موالي بريرة ثم خطب رسول الله الناس في أمر بيعها في غير وقت الخطبة ولا يكون شيء أشهر من هذا ثم كان من مشي زوجها خلفها باكيا أزقة المدينة ما زاد الأمر شهرة عند النساء والصبيان

 

 

 قالوا فظهر يقينا أنه من الصحابة إذ لا يظن بصاحب أنه يخالف من سنة رسول الله مثل هذا الأمر المستفيض قالوا ولا يمكن أن توجدونا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم المنع بيع المكاتب إلا رواية شاذة عن ابن عباس لا يعرف لها إسناد واعتذر من منع بيعه بعذرين أحدهما أن بريرة كانت قد عجزت وهذا عذر أصحاب الشافعي أن البيع ورد على مال الكتابة لا على رقبتها وهذا عذر أصحاب مالك وهذان العذران أحوج إلى أن يعتذر عنهما من الحديث ولا يصح واحد منهما أما الأول ريب أن هذه القصة كانت بالمدينة وقد شهدها العباس وابنه عبدالله وكانت الكتابة سنين في كل سنة أوقية ولم تكن بعد أدت شيئا ولا خلاف أن العباس وابنه إنما المدينة بعد فتح مكة ولم يعش النبي بعد ذلك إلا عامين وبعض الثالث فأين وحلول النجوم وأيضا فإن بريرة لم تقل عجزت ولا قالت لها عائشة أعجزت ولا اعترف أهلها بعجزها حكم رسول الله بعجزها ولا وصفها به ولا أخبر عنها البتة فمن أين لكم هذا الذي تعجزون   إثباته وأيضا فإنها إنما قالت لعائشة كاتبت أهلي على تسع أواق في كل سنة أوقية وإني أحب تعينني ولم تقل لم أؤد لهم شيئا ولا مضت علي نجوم عدة عجزت عن الأداء فيها ولا قالت أهلي

 

 


وأيضا فإنهم لو عجزوها لعادت في الرق ولم تكن حينئذ لتسعى في كتابتها وتستعين على أمر قد بطل فإن قيل الذي يدل على عجزها قول عائشة إن أحب أهلك أن أشتريك وأعتقك ويكون ولاؤك فعلت وقول النبي لعائشة رضي الله عنها اشتريها فأعتقيها وهذا يدل على إنشاء من عائشة رضي الله عنها وعتق المكاتب بالأداء لا بإنشاء من السيد قيل هذا هو أوجب لهم القول ببطلان الكتابة قالوا ومن المعلوم أنها لا تبطل إلا بعجز أو تعجيزه نفسه وحينئذ فيعود في الرق فإنما ورد البيع على رقيق لا على

 

 


وجواب هذا أن ترتيب العتق على الشراء لا يدل على إنشائه فإنه ترتيب للمسبب على ولا سيما فإن عائشة لما أرادت أن تعجل كتابتها جملة واحدة كان هذا سببا في وقد قلتم أنتم إن قول النبي لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيعتقه إن هذا من ترتيب المسبب على سببه وأنه بنفس الشراء يعتق عليه لا إلى إنشاء عتق

 

 


وأما العذر الثاني فأمره أظهر وسياق القصة يبطله فإن أم المؤمنين اشترتها وكان ولاؤها لها وهذا مما لا ريب فيه ولم تشتر   والمال كان تسع أواق منجمة فعدتها لهم جملة واحدة ولم تتعرض للمال الذي في ولا كان غرضها بوجه ما ولا كان لعائشة غرض في شراء الدراهم المؤجلة بعددها وفي القصة جواز المعاملة بالنقود عددا إذا لم يختلف مقدارها وفيها أنه لا يجوز من المتعاقدين أن يشترط على الآخر شرطا يخالف حكم الله ورسوله وهذا معنى قوله في كتاب الله أي ليس في حكم الله جوازه وليس المراد أنه ليس في القرآن ذكره ويدل عليه قوله كتاب الله أحق وشرط الله أوثق ..وقد استدل به من صحح العقد الذي شرط فيه شرط فاسد ولم يبطل العقد به وهذا فيه وتفصيل يظهر الصواب منه في تبيين معنى الحديث فإنه قد أشكل على الناس قوله لهم الولاء فإن الولاء لمن أعتق فأذن لها في هذا الإشتراط وأخبر أنه لا والشافعي طعن في هذه اللفظة وقال إن هشام بن عروة انفرد بها وخالفه غيره الشافعي ولم يثبتها ولكن أصحاب الصحيحين وغيرهم أخرجوها ولم يطعنوا فيها ولم أحد سوى الشافعي فيما نعلم ثم اختلفوا في معناها فقالت طائفة اللام ليست على بابها بل هي بمعنى على كقوله (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) الإسراء 7 أي فعليها كما قال تعالى ( من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) فصلت 46
وردت طائفة هذا الإعتذار بخلافه لسياق القصة ولموضوع الحرف وليس نظير الآية فإنها فرقت بين ما للنفس وبين ما عليها بخلاف قوله اشترطي لهم

 


وقالت طائفة بل اللام على بابها ولكن في الكلام محذوف تقديره اشترطي لهم أو لا لهم فإن الإشتراط لا يفيد شيئا لمخالفته لكتاب الله ورد غيرهم هذا الاعتذار لاستلزامه إضمار ما لا دليل عليه والعلم به من نوع علم وقالت طائفة أخرى بل هذا أمر تهديد لا إباحة كقوله تعالى (اعملوا ما شئتم ) فصلت وهذا في البطلان من جنس ما قبله وأظهر فسادا فما لعائشة وما للتهديد هنا وأين السياق ما يقتضي التهديد لها نعم هم أحق بالتهديد لا أم المؤمنين ، وقالت طائفة بل هو أمر إباحة وإذن وأنه يجوز اشتراط مثل هذا ويكون ولاء المكاتب قاله بعض الشافعية وهذا أفسد من جميع ما تقدم وصريح الحديث يقتضي بطلانه .. وقالت طائفة إنما أذن لها في الاشتراط ليكون وسيلة إلى ظهور بطلان هذا الشرط وعلم والعام به وتقرر حكمه وكان القوم قد علموا حكمه في ذلك فلم يقنعوا دون يكون الولاء لهم فعاقبهم بأن أذن لعائشة في الاشتراط ثم خطب الناس فأذن فيهم هذا الشرط وتضمن حكما من أحكام الشريعة وهو أن الشرط الباطل إذا شرط في لم يجز الوفاء به ولولا الإذن في الاشتراط لما علم ذلك فإن الحديث تضمن فساد الحكم وهو كون الولاء لغير المعتق ..وأما بطلانه إذا شرط فإنما استفيد من تصريح النبي ببطلانه بعد اشتراطه ولعل اعتقدوا أن اشتراطه يفيد الوفاء به وإن كان خلاف مقتضى العقد المطلق فأبطله وإن شرط كما أبطله   الشرط فإن قيل فإذا فات مقصود المشترط ببطلان الشرط فإنه إما أن يسلط على الفسخ أو يعطى الأرش بقدر ما فات من غرضه والنبي لم يقض بواحد من الأمرين

 

 


قيل هذا إنما يثبت إذا كان المشترط جاهلا بفساد الشرط فأما إذا علم بطلانه لحكم الله كان عاصيا آثما بإقدامه على اشتراطه فلا فسخ له ولا أرش وهذا الأمرين في موالي بريرة والله أعلم

 

 


فصل


وفي قوله إنما الولاء لمن أعتق من العموم ما يقتضي ثبوته لمن أعتق سائبة أو في أو كفارة أو عتق واجب وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايات في الرواية الأخرى لا ولاء عليه وقال في الثالثة يرد ولاؤه في عتق مثله ويحتج أحمد ومن وافقه في أن المسلم إذا أعتق عبدا ذميا ثم مات العتيق ورثه وهذا العموم أخص من قوله لا يرث المسلم الكافر فيخصصه أو يقيده وقال ومالك وأبو حنيفة لا يرثه بالولاء إلا أن يموت العبد مسلما ولهم أن يقولوا عموم قوله الولاء لمن أعتق مخصوص بقوله لا يرث المسلم الكافر

 

 

فصل

 

وفي القصة من الفقه تخيير الأمة المزوجة إذا أعتقت وزوجها عبد وقد اختلفت الرواية زوج بريرة هل كان عبدا أو حرا فقال القاسم عن عائشة رضي الله عنها كان عبدا ولو حرا لم يخيرها وقال عروة عنها كان حرا وقال ابن عباس كان عبدا أسود يقال له عبدا لبني فلان كأني أنظر إليه يطوف وراءها في سكك المدينة وكل هذا في الصحيح سنن أبي داود عن عروة عن عائشة كان عبدا لآل أبي أحمد فخيرها رسول الله وقال إن قربك فلا خيار لك ..وفي مسند أحمد عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة كانت تحت عبد فلما أعتقتها قال لها الله اختاري فإن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد وإن شئت أن تفارقيه ..وقد روي في الصحيح أنه كان حرا وأصح الروايات وأكثرها أنه كان عبدا وهذا الخبر رواه عن عائشة رضي الله عنها الأسود وعروة والقاسم أما الأسود فلم يختلف عنه عن عائشة أنه كان حرا وأما فعنه روايتان صحيحتان متعارضتان إحداهما أنه كان حرا والثانية أنه كان عبدا عبدالرحمن بن القاسم فعنه روايتان صحيحتان إحداهما أنه كان حرا والثانية الشك داود بن مقاتل ولم تختلف الرواية عن ابن عباس أنه كان عبدا  

 

 


الفقهاء على تخيير الأمة إذا أعتقت وزوجها عبد واختلفوا إذا كان حرا فقال ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه لا تخيير وقال أبو حنيفة وأحمد في الثانية تخير وليست الروايتان مبنيتين على كون زوجها عبدا أو حرا بل على المناط في إثبات الخيار لها وفيه ثلاثة مآخذ للفقهاء أحدها زوال الكفاءة وهو عنه بقولهم كملت تحت ناقص الثاني أن عتقها أوجب للزوج ملك طلقة ثالثة عليها تكن مملوكة له بالعقد وهذا مأخذ أصحاب أبي حنيفة وبنوا على أصلهم أن الطلاق بالنساء لا بالرجال الثالث ملكها نفسها ونحن نبين ما في هذه ..المأخذ الأول وهو كمالها تحت ناقص فهذا يرجع إلى أن الكفاءة معتبرة في الدوام كما معتبرة في الابتداء فإذا زالت خيرت المرأة كما تخير إذا بان الزوج غير كفء لها ضعيف من وجهين ..أحدهما أن شروط النكاح لا يعتبر دوامها واستمرارها وكذلك توابعه المقارنة لعقده يشترط أن تكون توابع في الدوام فإن رضى الزوجة غير المجبرة شرط في الابتداء دون وكذلك الولي والشاهدان وكذلك مانع الإحرام والعدة والزنى عند من يمنع نكاح إنما يمنع ابتداء العقد دون استدامته فلا يلزم من اشتراط الكفاءة ابتداء استمرارها ودوامها ..الثاني أنه لو زالت الكفاءة في أثناء النكاح بفسق الزوج أو حدوث عيب موجب للفسخ يثبت الخيار على ظاهر المذهب وهو اختيار قدماء الأصحاب ومذهب مالك وأثبت القاضي بالعيب الحادث ويلزمه إثباته بحدوث فسق الزوج وقال الشافعي إن حدث بالزوج   الخيار وإن حدث بالزوجة فعلى قولين ..وأما المأخذ الثاني وهو أن عتقها أوجب للزوج عليها ملك طلقة ثالثة فمأخذ ضعيف جدا مناسبة بين ثبوت طلقة ثالثة وبين ثبوت الخيار لها وهل نصب الشارع ملك الطلقة سببا لملك الفسخ وما يتوهم من أنها كانت تبين منه باثنتين فصارت لا تبين بثلاث وهو زيادة إمساك وحبس لم يقتضه العقد فاسد فإنه يملك ألا يفارقها ألبتة حتى يفرق الموت بينهما والنكاح عقد على مدة العمر فهو يملك استدامة إمساكها لا يسلبه هذا الملك فكيف يسلبه إياه ملكه عليها طلقة ثالثة وهذا لو كان معتبرا بالنساء فكيف والصحيح أنه معتبر بمن هو بيده وإليه ومشروع في جانبه

 

 

 


وأما المأخذ الثالث هو ملكها نفسها فهو أرجح المآخذ وأقربها إلى أصول الشرع من التناقض وسر هذا المأخذ أن السيد عقد عليها بحكم الملك حيث كان مالكا ومنافعها والعتق يقتضي تمليك الرقبة والمنافع للمعتق وهذا مقصود العتق فإذا ملكت رقبتها ملكت بضعها ومنافعها ومن جملتها منافع البضع فلا يملك إلا باختيارها فخيرها الشارع بين أن تقيم مع زوجها وبين أن تفسخ نكاحه إذ ملكت منافع بضعها وقد جاء في بعض طرق حديث بريرة أنه قال لها ملكت نفسك ..فإن قيل هذا ينتقض بما لو زوجها ثم باعها فإن المشتري قد ملك رقبتها وبضعها ومنافعه تسلطونه على فسخ النكاح قلنا لا يرد هذا نقضا فإن البائع نقل إلى المشتري ما مملوكا له فصار المشتري خليفته وهو لما زوجها أخرج منفعة البضع عن ملكه إلى ثم نقلها إلى   مسلوبة منفعة البضع فصار كما لو آجر عبده مدة ثم باعه فإن قيل فهب أن هذا لكم فيما إذا باعها فهلا قلتم ذلك إذا أعتقها وأنها ملكت نفسها مسلوبة البضع كما لو آجرها ثم أعتقها ولهذا ينتقض عليكم هذا المأخذ قيل الفرق بينهما أن العتق في تمليك العتيق رقبته ومنافعه أقوى من البيع ولهذا فيما لم يعتقه ويسري في حصة الشريك بخلاف البيع فالعتق إسقاط ما كان السيد من عتيقه وجعله له محررا وذلك يقتضي إسقاط ملك نفسه ومنافعها كلها وإذا كان يسري في ملك الغير المحض الذي لا حق له فيه ألبتة فكيف لا يسري إلى ملكه تعلق به حق الزوج فإذا سرى إلى نصيب الشريك الذي لا حق للمعتق فيه فسريانه ملك الذي يتعلق به حق الزوج أولى وأحرى فهذا محض العدل الصحيح فإن قيل فهذا فيه إبطال حق الزوج من هذه المنفعة بخلاف الشريك فإنه يرجع إلى قيل الزوج قد استوفى المنفعة بالوطء فطريان ما يزيل دوامها لا يسقط له حقا كما لو ما يفسده أو يفسخه برضاع أو حدوث عيب أو زوال كفاءة عند من يفسخ به فإن قيل فما تقولون فيما رواه النسائي من حديث ابن موهب عن القاسم بن محمد قال لعائشة رضي الله عنها غلام وجارية قالت فأردت أن أعتقهما فذكرت ذلك لرسول الله فقال ابدئي بالغلام قبل الجارية ولولا أن التخيير يمنع إذا كان الزوج   لم يكن للبداءة بعتق الغلام فائدة فإذا بدأت به عتقت تحت حر فلا يكون لها

 

 


وفي سنن النسائي أيضا أن رسول الله قال أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت فهي ما لم يطأها زوجها ..قيل أما الحديث الأول فقال أبو جعفر العقيلي وقد رواه هذا خبر لا يعرف إلا بن عبدالرحمن بن موهب وهو ضعيف وقال ابن حزم هو خبر لا يصح ثم لو صح لم فيه حجة لأنه ليس فيه أنهما كانا زوجين بل قال كان لها عبد وجارية ثم لو كانا لم يكن في أمره لها بعتق العبد أولا ما يسقط خيار المعتقة تحت الحر وليس في أنه أمرها بالابتداء بالزوج لهذا المعنى بل الظاهر أنه أمرها بأن تبتديء لفضل عتقه على الأنثى وأن عتق أنثيين يقوم مقام عتق ذكر كما في الحديث مبينا
وأما الحديث الثاني فضعف لأنه من رواية الفضل بن حسن بن عمرو بن أمية الضمري وهو فإذا تقرر هذا وظهر حكم الشرع في إثبات الخيار لها فقد روى الإمام أحمد عن النبي إذا أعتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها إن شاءت فارقته وإن فلا خيار لها ولا تستطيع فراقه

 

 

 


ويستفاد من هذا قضيتان إحداهما أن خيارها على التراخي ما لم تمكنه من وطئها وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وللشافعي ثلاثة أقوال هذا أحدها والثاني أنه على الفور والثالث أنه إلى أيام ..الثانية أنها إذا مكنته من نفسها فوطئها سقط خيارها وهذا إذا علمت بالعتق وثبوت به فلو جهلتهما لم يسقط خيارها بالتمكين من الوطء وعن أحمد رواية ثانية لا تعذر بجهلها بملك الفسخ بل إذا علمت بالعتق ومكنته من وطئها سقط خيارها لم تعلم أن لها الفسخ والرواية الأولى أصح فإن عتق الزوج قبل أن تختار وقلنا لا خيار للمعتقة تحت حر بطل خيارها لمساواة الزوج لها وحصول الكفاءة قبل الفسخ الشافعي في أحد قوليه وليس هو المنصور عند أصحابه لها الفسخ لتقدم ملك الخيار العتق فلا يبطله والأول أقيس لزوال سبب الفسخ بالعتق وكما لو زال العيب في والنكاح قبل الفسخ به وكما لو زال الإعسار في زمن ملك الزوجة الفسخ به وإذا العلة ملكها نفسها فلا أثر لذلك فإن طلقها طلاقا رجعيا فعتقت في عدتها الفسخ بطلت الرجعة وإن اختارت المقام معه صح وسقط اختيارها للفسخ لأن كالزوجة ..وقال الشافعي وبعض أصحاب أحمد لا يسقط خيارها إذا رضيت بالمقام دون الرجعة ولها تختار نفسها بعد الإرتجاع ولا يصح اختيارها في زمن الطلاق فإن الإختيار في زمن فيه صائرة إلى بينونة ممتنع فإذا راجعها صح حينئذ أن تختاره وتقيم معه لأنها زوجة وعمل الإختيار عمله وترتب أثره عليه ونظير هذا إذا ارتد زوج الأمة   الدخول ثم عتقت في زمن الردة فعلى القول الأول لها الخيار قبل إسلامه فإن ثم أسلم سقط ملكها للفسخ وعلى قول الشافعي لا يصح لها خيار قبل إسلامه لأن صائر إلى البطلان فإذا أسلم صح خيارها فإن قيل فما تقولون إذا طلقها قبل أن تفسخ هل يقع الطلاق أم لا
قيل نعم يقع لأنها زوجة وقال بعض أصحاب أحمد وغيرهم يوقف الطلاق فإن فسخت تبينا لم يقع وإن اختارت زوجها تبينا وقوعه فإن قيل فما حكم المهر إذا اختارت الفسخ

 

 

 


قيل إما أن تفسخ قبل الدخول أو بعده فإن فسخت بعده لم يسقط المهر وهو لسيدها سواء أو أقامت وإن فسخت قبله ففيه قولان هما روايتان عن أحمد إحداهما لا مهر لأن من جهتها والثانية يجب نصفه ويكون لسيدها لا لها فإن قيل فما تقولون في المعتق نصفها هل لها خيار قيل فيه قولان وهما روايتان عن فإن قلنا لا خيار لها كزوج مدبرة له لا يملك غيرها وقيمتها مائة فعقد على مهرا ثم مات عتقت ولم تملك الفسخ قبل الدخول لأنها لو ملكت سقط المهر أو فلم تخرج من الثلث فيرق بعضها فيمتنع الفسخ قبل الدخول بخلاف ما إذا لم فإنها تخرج من الثلث فيعتق جميعها

 

 

 

فصل

 

في قوله لو راجعته فقالت أتأمرني فقال لا إنما أنا شافع فقالت لا حاجة لي فيه ثلاث قضايا : إحداها أن أمره على الوجوب ولهذا فرق بين أمره وشفاعته ولا ريب أن امتثال شفاعته أعظم المستحبات ..الثانية أنه لم يغضب على بريرة ولم ينكر عليها إذا لم تقبل شفاعته لأن الشفاعة إسقاط المشفوع عنده حقه وذلك إليه إن شاء أسقطه وإن شاء أبقاه فلذلك لا يحرم شفاعته ويحرم عصيان أمره  ، الثالثة أن اسم المراجعة في لسان الشارع قد يكون مع زوال عقد النكاح بالكلية ابتداء عقد وقد يكون مع تشعثه فيكون إمساكا وقد سمي سبحانه ابتداء النكاح ثلاثا بعد الزوج الثاني مراجعة فقال (فإن طلقها فلا جناح عليهما ) البقرة 23 أي إن طلقها الثاني فلا جناح عليها وعلى الأول أن يتراجعا مستأنفا

 

 


فصل


وفي أكله من اللحم الذي تصدق به على بريرة وقال هو عليها صدقة ولنا هدية دليل جواز أكل الغني وبني هاشم وكل من تحرم عليه الصدقة مما يهديه إليه الفقير من لاختلاف جهة المأكول ولأنه قد بلغ محله وكذلك يجوز له أن يشتريه منه بماله إذا لم تكن   نفسه فإن كانت صدقته لم يجز له أن يشتريها ولا يهبها ولا يقبلها هدية كما نهى الله عمر رضي الله عنه عن شراء صدقته وقال لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم


 




                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق